إيوان كسرى.. صرح حضاري يبحث عن مستقبل

إيوان كسرى - صرح حضاري يهدده الإهمال

عبد الله النعيمي-بغداد

لم تكن الحروب المتعاقبة التي شهدها العراق كافية لمحو آثاره وتراثه الذي امتد عبر قرون من الزمن يحكي تاريخه وأيامه، فما زال إيوان كسرى أو ما يعرف بإيوان المدائن شاخصا إلى يومنا هذا جنوب العاصمة العراقية بغداد منذ أيام الحكم الفارسي للعراق.

ويقع إيوان كسرى في منطقة المدائن التي تعرف لدى المواطنين باسم "سلمان باك" التي ترمز إلى الصحابي الجليل سلمان الفارسي المدفون هناك.

undefined

هذا الموقع التراثي يعد من أبرز ما بقي من تراث وحضارة على أرض بلاد الرافدين، وأوضح الباحث في الآثار والتراث العراقي حسن الشكرجي أن القصر شُيد في عهد كسرى الأول بعد الحملة العسكرية على البيزنطينيين عام 540 للميلاد.

ويتكون الموقع من الأجنحة الجدارية والإيوان الذي يصل ارتفاعه إلى 37 مترا، ويتميز بهندسته المعمارية الفريدة والتفاصيل المتشعبة التي تُظهر براعة الفن المعماري في ذلك الوقت.

وأشار الشكرجي إلى أنّ إيوان المدائن تعرض عام 1888 إلى سيل قدم من نهر دجلة أدى إلى اختفاء أجزاء كثيرة منه. ولم تكشف عمليات التنقيب عن تلك الأجزاء إلى يومنا هذا.

وأكد للجزيرة نت أن الإيوان يتمتع بمكان إستراتيجي مهم يمكن استغلاله لتطوير السياحة الأثرية التي تستقبل السياح من وجهات عدة، مشددا على أهمية دعم هذا النوع من السياحة الذي يعد ركيزة اقتصادية أساسية، والالتفاف حول آثار وحضارة البلد وحمايتها من التجاوزات وأعمال التخريب والتجريف والنبش.

undefined

ويزخر العراق بعدد كبير من الآثار والمواقع الأثرية التي أخذت حصة مهمة من مساحة العراق، الأمر الذي يتطلب رعاية واهتماما مستمرين حسبما قال بعض المواطنين في القضاء.

وعبر المواطن ليث النعيمي عن أهمية إيوان كسرى باعتباره رمزا لسكان قضاء المدائن وهوية لهم، لما يحمله من ذكريات الطفولة التي تمتد عبر الأجيال إلى يومنا هذا.

وأضاف النعيمي أن الإيوان كان بمثابة قبلة للناس في الماضي، ولا يكاد يخلو من السياح على مدار العام لاحتوائه على آثار تجسد تاريخ العراق وترمز إليه، مطالبا الجهات المعنية بإعادة تأهيل الموقع ليعود إلى سابق عهده، فهو يحظى بمكانة اجتماعية لدى العراقيين، لا سيما أهل قضاء المدائن الذين تملؤهم الحسرة على حاله الذي وصل إليه اليوم.

undefined

رئيس المجلس المحلي في قضاء المدائن حسين علي مصحب انتقد إهمال الإيوان من طرف الحكومات المتعاقبة التي كلفت أشخاصا يفتقدون الكفاءة والمهنية لرعايته.

وأوضح للجزيرة نت أن الموقع بحاجة إلى كشف تفصيلي من قبل مكاتب استشارية مختصة بالآثار وأيضا من طرف وزارة الثقافة ومنظمات دولية معنية بهذا الجانب، وذلك بهدف الاستفاده منه ومن المواقع المشابهة في بغداد والمحافظات الأخرى.

غير أن مصحب اعترف بأن أي جهد يبقى مشروطا بإرادة حكومية واستقرار أمني وسياسي واستكمال لمشاريع الطرق والخدمات الأخرى في المدن التي تتواجد فيها هذه المواقع الثرية.

إيوان كسرى كان له نصيبه من الإهمال بسبب الحروب المتعاقبة التي ألحقت به وبمحيطه الدمار، ويتطلع العراقيون الآن إلى أن يستعيد الموقع ألقه وتعود بيوت الشعر لاستقبال الضيوف والسائحين، وتعود الحدائق التي تزهو بشتى أنواع الورود والأشجار.

المصدر : الجزيرة