النوروز.. أساطير مختلفة حول عيد يجمع ملايين المحتفلين

إجراءات أمنية مشددة بديار بكر قبيل عيد النوروز
نحو ثلاثمئة مليون شخص في جميع أنحاء العالم يحتفلون بعيد النوروز (الجزيرة)

عمران عبد الله

يكاد النوروز أن يكون العيد الوحيد الذي تحتفل به شعوب مختلفة، خاصة في آسيا؛ إذ يضم قوميات منها الطاجيك والأوزبك والكزاخ والبلوش والبشتون والقرغيز، وحتى مقدونيا والبلقان في شرق أوروبا.

ويحتفل نحو ثلاثمئة مليون شخص في جميع أنحاء العالم بعيد النوروز (يوم الاعتدال الربيعي) باعتباره بداية العام الجديد، وللاحتفال تاريخ طويل منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة في آسيا الوسطى، وكذلك في حوض البحر الأسود والشرق الأوسط والقوقاز وقزوين ومناطق أخرى.

وتحتفل الشعوب الإيرانية والكردية والأفغانية والباكستانية وشعوب وسط آسيا بالنوروز، ويعتبر الإيرانيون حلول النوروز تزامنا مع تجدد الطبيعة عند بداية فصل الربيع رسالة لها معان إيجابية كثيرة؛ كالتفاؤل والحب والأمل والسلام، ويحتفى بالنيروز كذلك في ساحل شرق أفريقيا، ويسمى باللغة السواحلية "النيروزي".

‪شبان يرقصون حول النار المشتعلة في يوم النوروز والنار لها مكانة خاصة حيث تعد رمز الخير‬  (الجزيرة)
‪شبان يرقصون حول النار المشتعلة في يوم النوروز والنار لها مكانة خاصة حيث تعد رمز الخير‬ (الجزيرة)

أساطير مختلفة
تعددت الروايات التي تحدثت عن أصل النوروز؛ فالأسطورة الفارسية تقول إن ملكا كان اسمه "جمشيد" أوتي سلطانا واسعا على الجن والإنس، ونقل إلى جميع ممالك حكمه على سرير ذهبي في يوم حلول الشمس في برج الحمل، فتم تقديس ذلك اليوم.

أما الأسطورة الكردية فتقول إن ملكا "ظالما" اسمه سرجون كان يذبح كل يوم عددا من الشباب حتى يشفى من مرضه، وذلك بناء على نصيحة من كهان، فقام أحد الشباب واسمه "كاوا" برفقة آخرين بالانقلاب على الملك الظالم، وأوقدوا النيران على الجبال احتفالا بالحرية والتخلص من الاستعباد، وصادف احتفالهم دخول الشمس في برج الحمل وحلول الاعتدال الربيعي.

وتتألف هذه الكلمة عند الأكراد والفارسيين من مقطعين "نو" و "روز" وتعني يوما جديدا، ويوافق عيد النوروز أو عيد الربيع 21 مارس/آذار كل عام، الذي يوافق يوم الاعتدال الربيعي.

وفي الثقافة العربية، ظهر الاحتفال بالنوروز بعد قيام الدولة العباسية التي اتخذته عيدا رسميا للدولة، كما تغنى به شعراء من العهد الأموي، وورد أن بعض الخلفاء كانوا يهنئون رعاياهم الفرس به.

وفي مصر، عرف الاحتفال بالنوروز أو عيد شم النسيم منذ الفراعنة، وأحيت الدولة الفاطمية بمصر مراسمه وأصبح يدعى "النوروز القبطي".

ويحتفل الأكراد بهذا العيد سنويا، ويعدّونه عيداً قوميّا لأنه اليوم الذي انتفض فيه هذا الشعب تحت راية (كاوا) الحدّاد ضد الملك الضحّاك، ومن طقوسه الخروج إلى الطبيعة وإقامة التجمعات والحفلات الشعبية، وإشعال النيران في قمم الجبال.

ويقال إن القوافل التجارية التي ارتحلت قديماً عبر طريق الحرير هي التي أسهمت في نقل عيد النوروز لشعوب البلدان التي يمر بها الطريق التاريخي من شمال غرب الصين وحتى الشرق الأوسط.

‪مئات الآلاف من أكراد تركيا يحتفلون بعيد النوروز‬ (الجزيرة)
‪مئات الآلاف من أكراد تركيا يحتفلون بعيد النوروز‬ (الجزيرة)

الاحتفال بالنوروز
وفي تخليدهم للمناسبة، يجتهد الإيرانيون في تغيير أثاث منازلهم وشراء ملابس وحلي جديدة، وشراء المكسرات واللحوم والحلويات الخاصة بالمناسبة، كما يعدون مائدة خاصة للنوروز.

وبعد ثورة 1979 أصبحت بلاد فارس جمهورية إيران الإسلامية، وحاولت الحكومة الجديدة تقليص مظاهر الاحتفال بالنوروز باعتبار أن جذوره سابقة على الإسلام، لكن النوروز المتجذر بعمق في الثقافة الفارسية عاد بقوة مرة أخرى مدفوعاً بأسباب قومية وثقافية.

ولا أحد يعرف على وجه الدقة تاريخ بداية الاحتفال بالنوروز، لكن أفضل التقديرات تعود به لزمن قديم في حدود ثلاثة آلاف سنة، ويعود أصل النوروز للدين الفارسي القديم "الزرادشتية"، ولأنها دين قديم منذ آلاف السنين، فقد انتقلت خارج حدود بلاد فارس القديمة في زمن توسع الإمبراطوريات الفارسية، وتأثرت بها الشعوب المجاورة، ولهذا يحتفل الملايين من غير الإيرانيين بالنوروز حتى الآن.

ويرتدي بعض المحتفلين ملابس حمراء، ويصبغون وجوههم باللون الأسود، ويرتدون قبعات خاصة، ويرددون أهازيج ضاحكة لرسم البسمة على وجوه الآخرين، ويبادر الناس لإطعام الفقراء وزيارة قبور الموتى. وتستمر هذه الاحتفالات أياما قد تصل إلى أسبوعين كاملين، تتعطل فيها الدراسة والمرافق الإدارية في إيران.

ويُعدّ الأفغان أطعمة خاصة بالنوروز، منها طعام يصنع من القمح وعندما يوضع على النار تجتمع حوله الفتيات يغنين الأهازيج الشعبية.

المصدر : الجزيرة