النظام شريك في تدمير تراث سوريا.. ماذا قالت أسماء الأسد؟

تدمر تحت سيطرة تنظيم الدولة من جديد
مدينة تدمر التاريخية بسوريا تعرضت لدمار كبير جراء القتال بين تنظيم الدولة الإسلامية والقوات السورية (مواقع التواصل)
عمران عبد الله
 
قالت أسماء الأسد قرينة الرئيس السوري بشار الأسد "إن الحرب ضد سوريا هي حرب ثقافية تستهدف تراث البلاد المادي واللامادي".

وأضافت "إن جيل الحرب في سوريا لا يعرف شيئاً عن التراث السوري المادي واللامادي بسبب الحرب، فليس ذنبهم". وجاء التصريح خلال مشاركتها في فعالية حول إنقاذ تراث سوريا.

وتجاهلت أسماء الأسد العشرات من غارات الطائرات السورية على مواقع أثرية في تدمر وإدلب وبصرى الشام وغيرها؛ فخلال الحرب التي استعاد النظام خلالها أجزاء واسعة من البلاد؛ كانت الآثار في مرمى الغارات التي تشنها طائرات سورية وروسية وهجمات تنظيم الدولة الإسلامية على حد سواء.

تنظيم الدولة والنظام واللصوص
دمر تنظيم الدولة مواقع أثرية في مدينة تدمر، التي يزيد عمرها على ألفي عام، في حين قامت قوات النظام السوري بنقل آثار من المنطقة بعد خروج تنظيم الدولة منها إلى مخازن في العاصمة السورية، وترددت أنباء عن بيع قطع منها في السوق السوداء لصالح ضباط سوريين نافذين.

وفي عام 2012، دمّر هجوم للنظام السوري قلعة تلبيسة (شمال حمص)، في حين أدى هجوم قواته على حلب إلى اشتباكات مع فصائل المعارضة؛ وتسببت في أضرار بالغة لمواقع أثرية مهمة، بما في ذلك الجامع الأموي وقلعة حلب التاريخيين خلال المعارك بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة عامي 2012 و2013.

وبخلاف الأضرار الناجمة عن الاشتباكات والقصف، يتعرض التراث الثقافي السوري لعمليات نهب واسعة النطاق.

ويؤكد خبراء الآثار أن الأماكن الأثرية عرضة للخطر من كافة الأطراف المتصارعة في الساحة السورية، إضافة إلى لصوص الآثار الذين يستهدفون المتاحف ومواقع الحفريات للبحث عن الآثار ونهبها، مستفيدين من حالة الانفلات الأمني في البلاد. ويرجح هؤلاء الخبراء أن تكون القطع الأثرية المسروقة تهرب عبر دول الجوار لتباع في السوق السوداء العالمية.

وأدرجت منظمة اليونسكو ستة مواقع أثرية سورية على لائحة التراث العالمي، وهي أحياء دمشق القديمة، وحلب القديمة التي تُعتبر أقدم مستوطنة بشرية موجودة حاليا بالعالم وواحدة من أكبر المراكز الدينية بالعالم القديم، وقلعة المضيق، وقلعة الحصن، ومدينة بصرى القديمة، ومدينة تدمر، والقرى الأثرية شمالي وشمال غربي البلاد، حيث المناطق الواقعة شمال الهضبة الكلسية، وتضم مئات الأديرة والكنائس القديمة.

وتؤكد منظمة اليونسكو أن عمليات التنقيب والنهب تجري في أنحاء متفرقة من سوريا، وفي مواقع أثرية مهمة، مثل مدينة ماري السومرية القديمة ومدن إيبلا وتدمر الصحراوية وأفاميا التي "دمرت تماما"، وأن بعض المواقع الأثرية دُمّرت أو نهبت بالكامل. وتصف عمليات التنقيب هذه بالأمر "الخطير والمدمر للغاية".

مواقع أثرية مهددة
تشير التقديرات إلى أن ثلث المباني في سوريا دُمّر خلال سنوات الحرب، وشمل ذلك مواقع مهمة أبرزها:

قلعة حلب القديمة التي تقع على تلة مرتفعة تعاقبت على بنائها حضارات قديمة منذ الإغريق والبيزنطيين وحتى المماليك والأيوبيين، وربما يعود أغلب البناء الحالي للعصر الأيوبي خلال القرنين 12 و13.

وهي واحدة من أقدم القلاع في العالم، وأصبحت أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1986، ودمرت الحرب المناطق المحيطة بالقلعة وأجزاء منها.

وفي تدمر -التي عانت من الدمار الذي خلفه تنظيم الدولة وقصف النظام أيضاً؛ لا يزال الخطر يهدد آثار المدينة التي تعود إلى أكثر من ألفي عام، وتضرر مبنى المتحف جراء قصف القوات الحكومية في 2016، ودمر تنظيم الدولة آثارا مهمة في المدينة، وقام بتفجير معبدي بل وبعل شمين.

وشهدت مدينة بصرى الشام دماراً كبيراً، وكانت المدينة التاريخية مركزاً دينياً وتجارياً على طريق الحرير، ومحطة مهمة للحجاج في طريقهم إلى مكة، وتعرض مسرحها الروماني لأضرار بسبب القتال.

ودمرت الحرب حلب التاريخية في الشمال، وتعرض الجامع الأموي فيها لأضرار بالغة، وأصبح الآن ممتلئًا بالركام، ودمرت مئذنته التي تعود إلى القرن 11 الميلادي.

وفي الجنوب، تضررت أحياء مدينة دمشق القديمة، التي تعد أقدم عاصمة مأهولة في العالم، ونالت القذائف من مبانيها التي تعود لعصور يونانية ورومانية وبيزنطية وإسلامية.

وأصبحت دمشق القديمة مع نظيراتها من المواقع السورية المصنفة على قائمة اليونسكو للتراث الإنساني على قائمة "مواقع التراث العالمي المهددة".

وتسعى عدة مبادرات في ألمانيا وفرنسا لحفظ الإرث الحضاري السوري إلكترونياً، ويسعى فريق من باحثين ألمان وسوريين لبناء أرشيف رقمي هائل في ألمانيا، يهدف إلى إبقاء ذاكرتها على قيد الحياة والمساعدة في إعادة بنائها يوما ما.

واحتضن معهد العالم العربي في العاصمة الفرنسية باريس معرضاً استمر حتى فبراير/شباط الماضي، وأسهمت فيه منظمة اليونسكو، وعرض صورا ثلاثية الأبعاد التقطت بعضها بطائرات مسيرة، وتغطي واقع المدن السورية؛ لتنقل عن قرب أحوال تلك الفضاءات وما طالها من تدمير وقصف.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي