عبق المدائن العتيقة.. رحلات في فضاءات الشرق وذاكرته

غلاف كتاب عبق المدائن العتيقة/المغرب/الجزيرة

في كتابه الصادر حديثا بعنوان "عبق المدائن العتيقة: عن رحلاتي إلى الشرق"، يفرد الروائي والناقد المغربي إبراهيم الحجري لكل مكان تاريخه وشخصياته وحفرياته، حيث كانت تستيقظ كل الحواس في حضرة المدائن، أو ما تبقى من إرثها العريق.

ينقل الحجري في هذا الكتاب مشاهداته التي دوّنها إبان زياراته لعدد من دول المشرق العربي، وينقل تأملاته في المنجز الثقافي والتنموي العربي وما له وما عليه، وفي الظواهر المشتركة والفارقة بين الآفاق العربية، وفي السلوكيات الإنسانية المميزة التي تسم مدينة دون أخرى.

ومن هنا تنبع قيمة هذه النصوص، حيث يصف الكاتب برامج المؤسسات الثقافية التي استضافته ودينامية الفعل الثقافي العربي في تفاعل عام مع التحولات التي يعرفها العالم، وما لهذه الأنشطة من أدوار ووظائف في التقريب بين الشعوب، عبر إبراز المشترك من القيم والتاريخ والثقافة والمصائر الموحدة.

ويوثق هذا العمل السردي من أدب الرحلات أيضا لحظات شخصية من حياة الكاتب الإنسان، تنقله من جغرافيا إلى أخرى، ومن إحساس إلى آخر مختلف ارتأى أن يُطبق عليها عبر اللغة قبل العودة إلى إكراهات اليومي والروتين.

وقد اقتصر المؤلف في الجزء الأول من عمله السردي على زياراته إلى كل من الشارقة ودبي والخرطوم والقاهرة والمدينة المنورة وإسطنبول ومكة المكرمة والطائف.

وبين سفر وآخر هناك لحظة للتأمل والحكي والانخراط في الحياة، إذ تشكل الأماكن التي يزورها السارد ذرائع للغوص في ذاكرة الجغرافيات الممتدة في الزمن، تستوقفه المسميات والعلامات، فيتدرج في سجل الزمن، ويسافر في أرشيفات المقروء والمعاش، قدر حركته في الفضاءات.

وتملك هذه النصوص قيمة ثقافية لا يستهان بها، فالرحلة مهما كانت ذاتية، فهي توثق لمسارات متقاطعة في الزمن، وتسهم بشكل ما في التقاط المشتركات بين الآفاق التي لا يراها شخص عادي، سواء ممن يقيمون في الأفق نفسه، أو أولئك الذين يعبرون بشكل منتظم هذه الآفاق.

كما أن هذه النصوص تساعد على تدوين الذاكرة المشتركة بين الشعوب العربية في لحظة سطت فيها التقنية، واعتقد كثيرون أن أدب الرحلة قد ولى مع زمن العنكبوت الرقمي والوسائط الجديدة.

المصدر : الجزيرة