مصارعة الجمال.. تراث عريق في الطريق لقائمة اليونسكو

هذا الصباح-مصارعة الجمال.. مسابقة حمت الإبل التركية من الانقراض
مصارعة الجمال مسابقة تحميها من الانقراض في تركيا (الجزيرة)

تنتشر مصارعات الجِمال في أفغانستان وباكستان وتركيا وبلاد الشرق الأوسط العربية أيضا، وتعود هذه الممارسة إلى آلاف السنين، وفي تركيا يتم تنظيم مهرجان شعبي لمصارعة الجمال في مدينة سلجوك التاريخية غرب البلاد، وجرت محاولات محلية لإدراج هذا النشاط في قائمة اليونسكو للتراث العالمي غير المادي.

وفي العالم العربي تجري مصارعة الجمال في شبه الجزيرة العربية مثل سلطنة عمان والسعودية وبلدان أخرى مثل السودان وغيرها، لكن لا تنظم مسابقات لمصارعة الجمال مثل باكستان وتركيا.

وفي المقابل تنظم في بلدان الجزيرة العربية مسابقات "الهجن" التي تشبه سباق الخيول، وتجري فيها الجمال بسرعات تصل لأكثر من 60 كيلومترا في الساعة، ويقودها فارس وتجتذب السياح والمراهنات.

واستؤنست الجمال العربية في شبه الجزيرة العربية منذ آلاف السنين، وتنتشر حاليا في شرق آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وزاد انتشارها في فترة الفتوحات الإسلامية وأصبحت مألوفة في العديد من البلدان الأفريقية.

وتعد الجمال مصدرا للحليب واللحم فضلا عن دورها في النقل، وتشارك كذلك في مسابقات رياضية.

باكستان وتركيا
يعتبر القانون مصارعة الجمال محظورة في باكستان، لكنها رغم ذلك تشهد مشاركة واسعة، إذ زخرت البلاد بتاريخ طويل من هذه المواجهات الدموية بين الحيوانات سواء كانت دببة أو ديكة أو حتى كلابا.

وفي الساحة التي تشهد تنظيم المسابقة، ترتفع أصوات الحضور عند دخول قافلة الجمال المزينة إلى الحلبة المغبّرة حيث ستتواجه الحيوانات، وقبل المواجهة تزال الأجراس الصغيرة والزينة التي تغطيها.

وتستخدم هذه الحيوانات عنقها وتقوم بالعض لطرح الجمل الخصم أرضا، وغالبا ما ترتفع التأوهات وصيحات الألم. ويقول أحد المتفرجين -ويدعى عتيق الرحمن- للوكالة الفرنسية إن "هذا حدث ثقافي ويأتي الناس لحضوره بحماسة واندفاع. يمكن رؤية الحماسة جلية هنا".

وبعد فترة يعلن الحكم فوز أحد الجملين في المواجهة، فيما يندفع المشجعون للالتفاف حول الحيوان المنتصر.

ويعتلي صاحبه بفخر حدبته مستمتعا بهذا الفوز، وينال المكافأة المالية البالغة مئة ألف روبية (715 دولارا).

وفي تركيا، يعود استخدام الجِمال إلى شعب "يوروك" البدوي الذي استوطن الأناضول في القرن الحادي عشر، لكن أول مسابقة رسمية للمصارعة بين هذه الحيوانات أقيمت عام 1830، وفقا لديريم إرتورك الباحث في علم الاجتماع.

وحين توقفت هذه القبائل البدوية عن الترحال، صارت الجِمال وسيلة نقل البضائع إلى مرافئ غرب تركيا. ثم صار مالكوها ينظّمون جولات المصارعة في الخانات، أي الفنادق التي كان يبيت فيها التجار ويعقلون فيها دوابهم أيضا، وفقا لإرتورك.

وفي المنطقة الممتدة من جنق قلعة شمال غرب تركيا إلى أنطاليا في الجنوب الغربي، أُعلن تنظيم أكثر من 90 مباراة بين ديسمبر/كانون الأول 2018 ومارس/آذار 2019، بحسب الوكالة الفرنسية.

اعتراضات حقوقية
وتعترض جمعيات الرفق بالحيوان على هذه المسابقات وتطالب بوقفها باعتبارها قاسية على الحيوانات، لكن المنظمين يقولون إنهم يبذلون جهدهم لتجنيب الجمال الإصابات، ويضعون حبلا حول فم الجمل لكي لا تكون عضته قوية.

وفي باكستان، يقول عبد الأحد شاه المحامي الذي يمثل رابطة حماية الحيوانات: "بموجب القانون الباكستاني كل المصارعات التي تشمل الحيوانات غير قانونية". ويفيد بأن غالبية الجمال التي تصاب خلال هذه المصارعات لا تحصل على العناية المناسبة، ويوضح أن "سكان القرى يستخدمون علاجات محلية تستند إلى الأعشاب والمنتجات الطبيعية لمعالجة الجروح".

إلا أن محبي هذه "الرياضة" لا يأبهون لهذه الانتقادات، مؤكدين أنه تقليد في أرياف ولاية بنجاب. وتدرب الجمال على مدى أكثر من عام قبل أن تخوض المواجهات.

ويقول محمد علي جاتوي -وهو أحد وجهاء البلدة- مبتسما: "هذا الحدث يعرّف بثقافتنا. يجتمع الناس هنا ويتبادلون التحية وينسون متاعب الحياة اليومية". ولا تبذل السلطات الباكستانية أي جهد لتطبيق حظر تلك المسابقات مع أن بعض التدابير تتخذ من وقت إلى آخر.

فقد أقر العام الماضي أول تعديل لقانون يقضي برفع الغرامة من 50 روبية إلى 300 ألف روبية (2150 دولارا) على أي شخص يرغم حيوانا على المصارعة، ويعود ذلك القانون إلى عام 1890 أي خلال الحقبة الاستعمارية.

المصدر : الجزيرة