قوافل الذهب وشظايا الزمن.. الفن الأفريقي بمعرض في شيكاغو

Omran Abdullah - قوافل من الذهب.. شظايا من الزمن، المصدر: متحف بلوك - "قوافل الذهب وشظايا الزمن"..العصر الذهبي للفن الإفريقي في العصور الوسطى بمعرض في شيكاغو
المعرض يتناول التجارة الصحراوية والتاريخ المشترك لغرب وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا بين القرنين 8 و16

عمران عبد الله

افتتح في 26 يناير/كانون الثاني الماضي معرض الفن الأفريقي في العصور الوسطى بمتحف بلوك للفنون في جامعة نورث وسترن بشيكاغو، ويحمل عنوان "قوافل الذهب.. شظايا الزمن"، ويضم أكثر من 250 قطعة من الأعمال الفنية والتحف من أفريقيا القرون الوسطى، وجاءت بعض المعروضات من مالي والمغرب ونيجيريا، وكثير منها لم يسبق له مثيل في الولايات المتحدة.

ويبرز المعرض الجديد طموح وروعة وقوة الممالك والمراكز التجارية المفقودة في أفريقيا، مستخدماً القطع الأثرية التي تعود إلى قرون من مواقع في الصحراء الأفريقية، ويعرض قطعا من غرب وشمال أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، وتكشف عن مدى إشعاعية شبكات الصحراء وقوتها. ووصفت منسقة المعرض كاثلين بيرزوك مقتنياته بأنها شاهدة على أفريقيا بوصفها "محركا اقتصاديا"، وقارة ذات إشعاع ثقافي على المناطق المجاورة.

ويتناول المعرض التجارة الصحراوية والتاريخ المشترك لغرب وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا بين القرنين 8 و16. ومن خلال نسج القصص حول التاريخ المترابط بين هذه المناطق يبرز دور الصحراء الكبرى كمفترق طرق مزدهر بين هذه المناطق في العصور الوسطى.

وأجج الذهب في غرب أفريقيا هذا التبادل التجاري، واستُخدِم في تسعير العملات والتزيين وصناعة المجوهرات والمنسوجات والأدوات الدينية وغيرها. 

مركز التجارة العالمي الذي سلبه الاستعمار
واحتفى المعرض بالتعاون مع منظمات أفريقية بالقارة السمراء، كمركز للتجارة والفنون في القرون الوسطى.

ويأتي المعرض في أوج الجدل الدائر بشأن إعادة التراث الأفريقي المسلوب على يد البلدان الاستعمارية السابقة؛ وفي حين خطت أوروبا -وفرنسا تحديدا- خطوات لافتة على طريق تصحيح مكامن الخلل في العلاقات مع المستعمرات السابقة، لم تظهر الولايات المتحدة اهتماما كبيرا بالتاريخ الأفريقي.

 

ويضم المعرض مجموعات من الحلي الذهبية، إضافة إلى تمثال نحاسي ورأس فيل من الفخار، وأعمال تعود إلى حقبة تميزت بحس التفصيل الفني والبحث عن الجماليات.

أوضحت منسقة المعرض أن الفكرة الرئيسية وراء هذا الحدث تكمن في التركيز على "الدور فائق الأهمية الذي كانت تؤديه أفريقيا، خاصة غرب القارة، في القرون الوسطى على صعيد التواصل بين المناطق الممتدة بين أوروبا والشرق الأوسط.

سبع سنوات من العمل لتنظيم المعرض

وسعى القائمون على المعرض لإضفاء لمسة ابتكار على الحدث، من خلال العمل مباشرة مع مؤسسات أفريقية في مالي والمغرب ونيجيريا، خاصة متحف بنك المغرب في الرباط، ومتحف مالي الوطني وباحثين، وأفضت الإسهامات المختلفة إلى إعارة عشرات القطع التي لم تخرج يوما من بلدها الأصلي.


كذلك تعاون متحف "بلوك" مع متاحف أميركية كثيرة لجمع القطع الـ250 في هذا المعرض الذي عملت كاثلين بيرزوك على تجهيزه على مدى سبع سنوات.


وقال المدير العام للجنة الوطنية النيجيرية للمتاحف والمعالم عبد الكريم قادري -الذي شارك في افتتاح المعرض- إن "هذا التاريخ بقي خارج دائرة الاهتمامات في الماضي". مشيراً إلى أن اكتشاف قطع فنية تاريخية مؤخراً سهّل إقامة هذا المعرض الذي يقدم نظرة جديدة لحقبة تصنف على أنها العصر الذهبي للقارة السمراء بين القرنين 8 و16.


أفريقيا في عصرها الذهبي فنياً وفكرياً

وشدد مدير المتحف الوطني للفن الأفريقي في واشنطن أوغوستوس كايسلي هايفورد على الأهمية الكبيرة لفكرة تصنيف أفريقيا في القرون الوسطى "في قلب التميز الفكري".

ويستمر هذا المعرض حتى 21 يونيو/حزيران المقبل، قبل الانتقال إلى متحف آغا خان في تورنتو (بين سبتمبر/أيلول 2019 وفبراير/شباط 2020)، وبعدها إلى المتحف الوطني للفن الأفريقي في واشنطن (بين أبريل/نيسان ونوفمبر/تشرين الثاني 2020).

كما يأتي الحدث في خضم الجدل الدائر بشأن إعادة القطع الفنية التي سلبها المستعمرون من أفريقيا، وهو مسار أخذ زخما كبيرا مع نشر تقرير في هذا الخصوص نهاية نوفمبر/تشرين الثاني بطلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أعلن أن بلاده ستعيد لعدة بلدان أفريقية قطعا فنية نهبت خلال الحقبة الاستعمارية، وبقيت معروضة في متحف ومؤسسات ثقافية بفرنسا.


ويتحفظ مسؤولون فرنسيون -بينهم وزير الثقافة فرانك ريست- على فكرة إعادة القطع الفنية بالكامل، داعين في المقابل إلى "التجوال" بالأعمال المملوكة حاليا لفرنسا في بلدان أفريقية عدة عن طريق عمليات إعارة أو معارض أو إيداع طويل الأمد.

وطال الجدل بلدانا أوروبية عدة، لكنه لم يلق صدى واسعا في الولايات المتحدة، رغم معلومات خلصت إلى أن عشرات الأعمال المملوكة لمتاحف أميركية وصلت بشكل غير مباشر إلى هناك بعد نهبها.

المصدر : الجزيرة + الفرنسية