شباب أستراليون مسلمون يواجهون "الإسلاموفوبيين" بالحوار لتغيير آرائهم.. هل تنجح التجربة؟

Omran Abdullah - صلاة العيد في مسجد لاكمبا أكبر مسجد في أستراليا، ويكي كومون - شباب أستراليون مسلمون يواجهون "الإسلاموفوبيين" بالحوار لتغيير آرائهم.. هل تنجح التجربة؟
صلاة العيد في لاكمبا أكبر مسجد بأستراليا (ويكيميديا كومونز)
أدى النفوذ السياسي لليمين المتطرف في أستراليا إلى زيادة الشعور المعادي للمسلمين والانقسام الاجتماعي العميق في هذا البلد.

واستعرض تقرير جديد -صدر عن جامعة تشارلز ستورت ومراكز بحثية أخرى- مئات حوادث رهاب الإسلام "الإسلاموفوبيا" المسجلة بين عامي 2016 و2017. وخلص إلى أنه على الرغم من أن عدد الحوادث لم يتغير تقريبا، لكن الهجمات أصبحت أكثر جرأة وأكثر "جسدية" مع توجه الأغلبية الساحقة من الهجمات إلى النساء.

وفي مواجهة هذا الانقسام المتزايد، يقدم بحث جديد لأكاديميين في جامعات أسترالية -بينهم أنا ماريا بليوك وإحسان يلماز وفتحي منصوري- الأمل للمجتمع الأسترالي المتعدد الثقافات.

نظر البحث إلى التجارب بين المسلمين وغير غيرهم في أستراليا من منظور 28 شابًا مواطنا مسلمًا. وأراد الباحثون فهم كيف يُشكل التواصل بين هاتين الفئتين خبرة الشباب المسلم في التمييز العنصري وتصوراتهم حول الاندماج بالمجتمع الأسترالي.

ولم يكن مستغربا أن جميع المشاركين قالوا إنهم تعرضوا للتمييز في أوقات مختلفة. وقال أحد الذين استطلعت آراؤهم "لا يبدو أستراليا" نظراً للبشرة البنية، وعندما يذهب لأي مكان يتم سؤاله من أين أنت بسبب اسمه والطريقة التي يبدو بها، وإلى جانب ذلك سمع تعليقات سلبية من قبيل "أوه، لديك اسم أخير يبدو إرهابيا" إضافة لتعليقات حول لون بشرته.

ومع ذلك، وجد البحث أن تجارب الخوف من الإسلام لم تمنع هؤلاء الشباب المسلمين الأستراليين من التواصل مع غير المسلمين الأستراليين. في الواقع، أشاروا إلى أنهم كانوا حريصين على التعامل مع مجموعة الأستراليين الذين يحتمل أن يكونوا متحيزين ضدهم.

ويقول هؤلاء المشاركون -الذين قالوا إنهم يعتبرون أنفسهم ممثلين لجميع المسلمين الأستراليين- إن هويتهم يمكن أن تضيف قيمة إلى المجتمع.

وشكّل المسلمون نحو 2.6% من إجمالي السكان عام 2016 بزيادة قدرها أكثر من 15% من نسبتهم من السكان في التعداد السابق قبل خمس سنوات، وتعزو الزيادة لارتفاع معدلات المواليد نسبيا، وأنماط الهجرة الحديثة.

تحطيم رهاب الإسلام
قال المشاركون في البحث إنهم يدركون جيدا أن جميع الأنجلو أستراليين لا يحملون مواقف سلبية تجاههم. لكنهم يفهمون أيضا أن مجموعات معينة من السكان -معظمهم من كبار السن ويعيشون بالمناطق الريفية ولديهم اتصال ضعيف للغاية مع المسلمين- من المرجح أن يكون لديها هذه التحيزات السلبية تجاههم.

إنها بالضبط هذه المجموعة التي يرغب الكثير من المشاركين في التعامل معها، ويقول المشاركون إن الآراء السلبية حول الإسلام والمسلمين ترجع إلى حد كبير إلى التغطية الإعلامية المنحازة، أو عندما لا يلتقي الناس مطلقا مع شخص مسلم.

حتى أن بعض الذين استطلعت آراؤهم تحدثوا عن بحثهم عن فرص للتحدث مع الأنجلو أستراليين عن الإسلام للمساعدة في كسر الحواجز بين الثقافات، وهو واثقون من قدرتهم على تغيير التصورات السلبية عنهم بالحوار والمناقشة.

في كثير من الأحيان يفضل المشاركون تجاهل التعليقات السلبية أو حتى الضحك منها، ووصف أحد المشاركين ما فعله ردًا على امرأة تنتقد نشاطه السياسي، إذ اقترب منها بلطف شديد وقال لها إنه مواطن أسترالي ومن واجبه أن يقف مع مجتمعه، وبعد محادثة قصيرة بدت سعيدة للغاية واعتذرت عما قالته.

وكان ذلك نتيجة أساسية في البحث، فعلى الرغم من أن غالبية أفراد العينة يتوقعون التحيز ضدهم من بعض الأنجلو أستراليين فإنهم يؤمنون بقوة الاتصال والحوار وتبادل الآراء لتغيير المواقف والانطباعات والتحيزات السلبية.

ولا تعد الإسلاموفوبيا ظاهرة جديدة ولا نادرة في أستراليا، فهناك خطاب إعلامي معاد للمسلمين في وسائل الإعلام من خلال الصور النمطية السلبية للمسلمين، وقد استفاد العديد من السياسيين اليمينيين من هذه الصور النمطية السلبية، وأسهم ذلك في المزيد من تهميش وتمييز واستبعاد المجتمع المسلم.

ووجد استطلاع رأي واسع النطاق نُشر عام 2011 أن 48.6% من الأستراليين لديهم رأي سلبي عن الإسلام، في حين وجدت دراسة أخرى نشرت عام 2014 أن ربع الأستراليين يتبنون آراء معادية للمسلمين، وكانت هذه النسبة أعلى بخمسة أضعاف من أي دين آخر، كما وجد استطلاع جرى مؤخرا أن 27% من المسلمين الأستراليين تعرضوا للتمييز، وهي النسبة الأعلى كذلك بين الأديان المشمولة بالدراسة.

التنوع ليس تهديدا
ويقول الباحثون إن التنوع لديه القدرة على توليد "غراء اجتماعي أعمق وأكثر استدامة يربط جميع الأستراليين معًا" من خلال التزام مشترك بالإدماج والاحترام والتفاهم بين الثقافات، بحسب مقالهم المشترك المنشور في منصة كونفيرزيشن.

والشرط الرئيسي لهذه النتيجة هو عدم التعامل بطريقة يكتنفها الشك والاستبعاد، وتجنب الرفض المتبادل. وبدلاً من ذلك، فإن الشرط الأساسي هو التعاطف والقبول المتبادل والاتصال الجاد الذي يشمل الجميع بحسب الباحثين. 

ويتابعون أن بعض المدارس الأسترالية قادت جهود دمج التفاهم بين الثقافات بالمناهج الدراسية لمساعدة طلابها على تطوير المعرفة والمواقف والسلوكيات لاحترام الآخرين من المجتمعات المختلفة.

ويختم الباحثون بالقول إنه على أستراليا تجاوز مرحلة قبول التنوع -وهي حقيقة ديموغرافية راسخة- لتكريس الأسس لمجتمع شامل ومتناغم حقا.

المصدر : الجزيرة