سيلفي في المتحف.. الأتراك يعيدون اكتشاف تاريخهم

محمد عبد الملك - مشاهير أتراك ونجوم ومسؤولون تفاعلوا مع مبادرة سيلفي في المتحف - من موقع التواصل الإجتماعي تويتر - سيلفي في المتحف .. مبادرة تفاعل معها الأتراك وزارو 300 موقع تاريخي
الأتراك استجابوا للمبادرة التي شارك فيها العديد من دول العالم تشجيعا للسياحة التاريخية (الجزيرة)

محمد عبد الملك-إسطنبول

"حتى نفهم ثراء الجغرافيا التي نعيش فيها يكفي النظر في البيئة من حولنا، لأن ما نحتاجه من إلهام في حياتنا نجده وسط هذا الثراء الحضاري"، كان هذا جزءا مما كتبه الرحالة التركي الشاب كريم جان أكدومان الذي تفاعل مع مبادرة "سيلفي في المتحف" ونشر صورة له مع أصدقائه أثناء زيارتهم لمتحف آيا صوفيا في إسطنبول.

الأمر ذاته حدث مع الآلاف من الأتراك الذين استجابوا لهذه المبادرة التي شارك فيها العديد من دول العالم تشجيعا للسياحة التاريخية وتوجيه الناس لمعرفة تاريخ بلدانهم وإرثها الحضاري وزيادة الاهتمام بها.

ولم يتردد وزير الثقافة والسياحة التركي محمد نوري أرسوي عن المشاركة والتفاعل مع المبادرة من خلال نشره صورة سيلفي مع زوجته في أحد المتاحف مستغلا الفرصة لدعوة الجميع لزيارة الأماكن التاريخية والأثرية ومتاحف تركيا المنتشرة في عموم البلاد.

وشارك في المبادرة صحفيون وإعلاميون ويوتيوبرز ورجال أعمال ونجوم ومشاهير ومواطنون أتراك من مختلف الفئات العمرية حيث توجهوا جميعا لزيارة أكثر من 300 متحف وموقع أثري.

وانعكس التفاعل مع هذه المبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت صور السيلفي للأتراك بدرجة كبيرة على إنستغرام وتظهر إلى خلفهم المعالم الأثرية والتاريخية، بدءا من متحف أيا صوفيا وقصر توبكابي في إسطنبول وكذلك متحف أنقرة إلى حضارات الأناضول ومتحف أنطاليا وغيرها من المتاحف والمواقع الاثرية في عموم المدن التركية. 

رجل الأعمال التركي رحمي كوتش والفنان التركي أجون سانلي سوي كانا أيضا من بين الذين زاروا قصر توبكابي وتفاعلوا مع المبادرة وأبدوا سعادتهم بالمشاركة فيها، وقالوا إنها أتاحت لهم فرصة الذهاب برحلة تاريخية والتعرف عن قرب على حضارات وتاريخ بلدهم.

وبدأ الأتراك بالمشاركة والتفاعل مع مبادرة "سيلفي في المتحف" منذ العام الماضي، لكن التفاعل تضاعف خلال هذا العام، وتصدر وسم المبادرة حديث مواقع رواد التواصل الاجتماعي منذ منتصف يناير/كانون الثاني الحالي. 

وأكثر ما ساعد الحملة في الانتشار والوصول هو توجيه مشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لمتابعيهم إلى زيارة المتاحف ورؤية ما فيها من تاريخ وحضارة، وكتب أحدهم "سيبقى ذلك في أذهانكم طوال حياتكم بغض النظر عما ستنفقونه من مبالغ لتذاكر الدخول".

الحكومة التركية تفاعلت مع المبادرة وأقامت فعاليات ومسابقات (مواقع التواصل)
الحكومة التركية تفاعلت مع المبادرة وأقامت فعاليات ومسابقات (مواقع التواصل)

عند الحديث عن الاستجابة الشعبية الواسعة للمبادرة لا يمكن إغفال دعم حكومة العدالة والتنمية للسياحة التاريخية ودور وزارة الثقافة والسياحة أيضا في تنظيم فعاليات مختلفة في بعض المتاحف والمواقع الأثرية بالتزامن مع هذه المبادرة.

"سحر الأصوات" هي واحدة بين تلك الفعاليات التي جرى تنظيمها في مدينة أنطاليا بالتزامن مع الوقت المخصص لمبادرة "سيلفي في المتحف"، وقد أعلن عن جائزة لأفضل 5 صور يلتقطها أصحابها ضمن المبادرة.

وتولي الحكومة التركية اهتماما خاصا بالإرث الحضاري والتاريخي، حيث تستمر عمليات الترميم لمختلف المواقع الأثرية والاهتمام بمحتوياتها وبناء العديد من المتاحف الجديدة لنقل التاريخ بصورة أوضح كما فعلت في بانوراما إسطنبول الذي يحكي قصة فتح القسطنطينية.

وافتتحت البلدية التركية مؤخرا متحف بانوراما في مدينة بورصا شمال غربي تركيا، الذي يحكي قصة فتح أول عاصمة للدولة العثمانية، الأمر الذي حظي بإقبال واسع ووصل عدد الزوار خلال الأشهر الثلاثة الأولى أكثر من 110 آلاف زائر بحسب إحصائيات رسمية.

ووفقا لوزير الثقافة والسياحة التركي، فإن حكومته تسعى لافتتاح 13 متحفا و22 موقعا أثريا خلال عام 2019 والتخطيط لاستهداف 30 مليون زائر لمختلف المتاحف في البلاد خلال العام الحالي. 

بالإضافة إلى ذلك، تستمر تركيا في دعم الأعمال الدرامية التي تحكي تاريخ الدولة العثمانية وتقدم تاريخها من خلال تشجيع إنتاج العديد من المسلسلات التي لاقت نجاحا باهرا وشهرة واسعة، يأتي في مقدمتها مسلسل قيامة أرطغرل ومسلسل السلطان عبد الحميد.

وتعتبر تركيا واحدة من أغنى الدول في إرثها الحضاري والتاريخي نتيجة لتعاقب الحضارات على حكم المنطقة في حقب زمنية مختلفة تاركة وراءها إرثا حضاريا وتاريخيا، حيث لا تكاد تخلو مدينة في تركيا من المواقع الأثرية والتاريخية.

المصدر : الجزيرة