مهرجانات لبنان.. الفن يقاوم التقشف

Colombian singer Shakira performs in the opening of the Cedars International Festival In Bcharre, Lebanon July 13,2018.REUTERS/ Jamal Saidi
شاكيرا تؤدي عرضا فنيا في مهرجانات الأرز الدولية بلبنان (رويترز)

قدمت شاكيرا وإلتون جون حفلات فنية في لبنان خلال الأشهر القليلة الماضية، لكن رغم ذلك فإن المهرجانات الموسيقية الصيفية التي ساهمت في جعل البلد واجهة ثقافية عربية تعاني من بعض الصعوبات.

وفي ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، قدم كبار النجوم آنذاك -مثل إيلا فيتزجيرالد ونينا سيمون ومايلز ديفيس وأم كلثوم وفيروز حفلات بين أطلال المعابد الرومانية في مهرجانات بعلبك أو البلدات الساحلية الجميلة.

وكان يأتي لحضور الحفلات صفوة السياح من الخليج، كما ساعدت المهرجانات في التقريب بين اللبنانيين. لكن كل هذا كان قبل الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.

وقالت نورا جنبلاط رئيسة مهرجانات بيت الدين "أكيد إننا نخاف من أن نصل إلى محل لا نستطيع فيه أن نكمل.. اليوم من الضروري حماية هذه المهرجانات".

ورغم مشاركة بعض من أشهر الأسماء في المهرجانات هذا العام، يعاني المنظمون من عدم الاستقرار بالمنطقة وضعف اقتصاد البلد وصعوبات في التمويل.

وأثرت سنوات من الجمود السياسي على السياسة المالية، مما أدى إلى تفاقم أحد أعلى مستويات الدين العام بالعالم. ومع بدء الحكومة في إجراءات تقشف قامت بخفض دعمها للمهرجانات وزادت من الضرائب عليها.

وقالت نايلة دو فريج رئيسة مهرجانات بعلبك الدولية "نقول للدولة اللبنانية ما تنزلوا لنا المساعدات، ما تكتروا الضرائب".

وأثر التراجع التدريجي للاقتصاد على رعاية الشركات الخاصة للمهرجانات، كما ساهم الخوف من انتشار الحرب في سوريا المجاورة ووقوع لبنان في محيط صراع النفوذ الإقليمي بين إيران والسعودية في إبعاد السياح الخليجيين.

زياد الرحباني يقدم عرضا فنيا بلبنان 
زياد الرحباني يقدم عرضا فنيا بلبنان 

لكن إبرام اتفاق عام 2016 ساعد على إجراء أول انتخابات برلمانية خلال تسع سنوات في مايو/أيار الماضي، ومع ابتعاد الحرب في سوريا عن الحدود اللبنانية بدأ الساسة في التحدث عن تعافي المهرجانات.

وقال وزير الاقتصاد بحكومة تصريف الأعمال رائد خوري "المهرجانات مهمة كثيرا لأنها تعطينا الوجه الحضاري وحيوية للبنان وتعطي صورة للخارج أنه بلد الترفيه".

وأضاف "نحن اليوم في مفصل أساسي بلبنان، نعيد إعمار بنى تحتية، وبنفس الوقت النظرة الاقتصادية وهويته تتكون وسيصير عندنا خطة وخريطة طريق".

تاريخ وفخر
وعما إذا كان هذا سيساعد المهرجانات أو يعيد سياح الخليج، فإن ذلك يبدو غير مؤكد، فالفائزون في انتخابات مايو/أيار هم حلفاء حزب الله المدعوم من إيران، والذي تصنفه دول خليجية جماعة إرهابية وتعتبره تهديدا على مواطنيها.

وقالت المسؤولة الثقافية بلجنة مهرجانات بيبلوس في جبيل إلهام كلاب إن ما أثر هو عدم حضور كل الإخوان العرب من بلدانهم، وكان يأتي عدد كبير "وفيه ناس كان ييجوا بالطيارة ليحضروا حفلة ويرجعوا".

ويقام مهرجان بيبلوس على أطلال المدينة الأثرية المطلة على البحر المتوسط بالقرب من البلدة القديمة ذات المعبد الفينيقي والمسرح الروماني والقلعة الصليبية والسوق.

وقالت كلاب "المسرح وفي مواجهته البحر المتوسط وعشرات الحضارات خلفه، عندما نقف وننظر إليه نشعر بالكثير من الفخر أننا في بيبلوس".

ومسرح مهرجانات بعلبك الدولية -الأقدم في لبنان والتي بدأت عام 1956- هو الأكثر روعة، ويتوسط معبدي جوبيتير وباخوس، ويعد من بين أكبر المعابد الرومانية في العالم التي لا تزال في حالة جيدة.

لكن هذا المهرجان يعاني أيضا من ضغوط اقتصادية، فمثل باقي المهرجانات يحصل على عوائده من بيع التذاكر والرعاية والدعم الحكومي وجميعها عناصر تمثل ضغوطا.

ويرى المنظمون وكثير من السياسيين أن المهرجانات تمثل أهمية ليس فقط لجذب السائحين، لكنها ترسم صورة لبنان كبلد آمن ومستقر وجاذب للزائرين.

وقالت جنبلاط وهي تتذكر أول دورة لمهرجان بيت الدين أثناء الحرب الأهلية في 1986 -والذي كان حدثا فنيا جمع بين الناس- "حملت هذه المهرجانات الصورة الحضارية والثقافية.. هي التي تحمل شعلة لبنان".

ويقام مهرجان بيت الدين في ذلك القصر الأنيق الذي يعود للعهد العثماني الواقع بقضاء الشوف، حيث يبرز (الزوج) وليد جنبلاط كأحد القادة السياسيين الفاعلين.

لكن رغم أهميتها لقطاع السياحة ولبعض الناس وصورة لبنان، فإن هذه المهرجات لا تزال تواجه صعوبات.

وقالت زلفا بويز رئيسة مهرجان زوق مكايل الدولي "لا أريد أن أكون متشائمة، لكن هذا العام هو الأصعب على المهرجانات حتى الآن".

المصدر : رويترز