المسلم والعربي والإيراني.. "ثلاثي الشر" بهوليود

فيلم الديكتاتور
ملصق لفيلم "الدكتاتور" الذي أنتجته هوليود (وكالات)

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي سعت السينما الأميركية من خلال إنتاجات هوليود إلى بناء صورة عدو جديد يحل محل "الشرير" الشيوعي القديم، ووجدت ضالتها في المسلم العربي أو الإيراني الذي قدم في معظم الأوقات كإرهابي في كامل قوته، ولم تنجح في الإفلات من هذه الصورة الكاريكاتورية إلا بعض الأفلام.

وفي مقال نشره موقع "أوريان 21" الفرنسي قام الباحث جاك شاهين من جامعة جنوب إلينوي بدراسة "أساطير العرب-لاند" من خلال فيلم وثائقي وكتاب بعنوان "العرب الأشرار الحقيقيون.. كيف تقوم هوليود بذم الناس؟"، وكان الهنود الحمر الجنس الذي أسيء لهم أكثر من العرب على الشاشة الأميركية.

كما انتهى إلى أن السينما الأميركية قدمت العربي المسلم أو الإيراني على أنه اختصار لشخص الشرير، فمن خلال حوالي ثلاثمئة فيلم تتضمن شخصيات مسلمة (عربية أو إيرانية) تمت دراستها قدمت الأخيرة على أنها العدو رقم واحد، تقوم بسلوكيات وحشية وهي رافضة للحضارة الغربية التي تنوي تدميرها عن طريق الرعب.

ويضيف الموقع الفرنسي المستقل أن العربي يظهر في الأفلام التاريخية على أنه يعيش في الصحارى مع حريمه حيث تؤدي النسوة رقصات شرقية، أما القائد فهو دائما بكرش كبير، وغالبا ما يجاوره وزير خائن.

وتمثلت صورة العربي في أنه من كبار قطاع الطرق مثله مثل الهنود الحمر في الغرب الأميركي، يقوم بمهاجمة القوافل، ويعيش في واحة ويبحث دائما عن امرأة بيضاء كما هو الحال في فيلم "جوهرة النيل" (1985) أو في فيلم "أبدا لا تقل أبدا مرة أخرى" (1983) حيث يتم عرض الممثلة كيم باسينجر بالمزاد على عرب شهوانيين.

العينة العربية-المسلمة من الخيارات المفضلة لكتاب السيناريو بهوليود(رويترز)
العينة العربية-المسلمة من الخيارات المفضلة لكتاب السيناريو بهوليود(رويترز)

صدمة عميقة
أحدثت أزمة 1973 والارتفاع الحاد في أسعار النفط صدمة عميقة في المجتمع الأميركي، ففي فيلم "شبكة" تظهر شخصية الأمير الخليجي (الجديدة) على أنه الغني والبليد والجشع الذي يشتري كل أميركا.

ويرى كاتب المقال بيير كونيسا أن لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في نيويورك وواشنطن صدمة مماثلة للهجوم الذي شنه اليابانيون في "بيرل هاربر" على الأسطول الحربي الأميركي في 7 ديسمبر/كانون الأول 1941، وقد أخذ المسلم بصفة واضحة المرتبة الأولى في ترتيب الأشرار.

وقد لاحظت اللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز -التي اعتبرت أن هذا التمثيل مشين ومهين- أنه "في كل مرة يقوم فيها أحد العرب بالوضوء قبل إقامة الصلاة تنذر الصورة المشاهد بأن عنفا سيحصل".

في فيلم "مجموع كل المخاوف" 2012 المقتبس من رواية توم كلانسي يتم تصور هجوم إرهابي يشنه عرب مسلمون خلال السوبر باول، المباراة النهائية في دوري كرة القدم الأميركية.

‪الدراسة: السينما الأميركية قدمت الشخصية المسلمة على أنها العدو رقم واحد‬ (رويترز)
‪الدراسة: السينما الأميركية قدمت الشخصية المسلمة على أنها العدو رقم واحد‬ (رويترز)

التوابل الحارة
فالعربي-الإيراني-الإرهابي من التوابل الحارة المحببة إلى السيناريوهات الباهتة التي لا نفس كبيرا لها، ففي فيلم "العودة إلى المستقبل 1-1985" يقوم إرهابي بإطلاق نار رشاش على عالم من دون أن نعرف جيدا ما علاقة ذلك بالقصة.

ولم يسلم من هذه الصورة النمطية حتى الأطفال الصغار، ففي فيلم "قواعد الاشتباك" (2000) يأمر الكولونيل تيري تشايلدرز بتأمين إجلاء السفارة الأميركية في اليمن والتي كانت تواجه حشدا مسلحا لا يمكن السيطرة عليه، ويأمر الكولونيل بفتح النار ويقتل طفلة ذات ساق واحدة.

وأمام المحكمة العسكرية وبعد أن تخلى عنه الجميع يدافع عنه العقيد هودجز الذي يعمل على برهنة أنه كانت هناك حالة من الدفاع عن النفس، فحتى الطفلة ذات الساق الوحيدة وهي في سن العاشرة تصور على أنها كانت تطلق النار على الجنود الأميركيين.

وفي فيلم "المملكة" (2007) الذي يشير إلى الهجوم الإرهابي على معسكر الخبر عام 1996 يتابع الفيلم تحقيقا يجريه عميل من مكتب التحقيقات الفدرالي بخصوص التفجير الذي أودى بحياة 19 جنديا أميركيا.

كونيسا: أصبحت أفلام الدعاية البحتة أكثر ندرة، لكن تبقى العينة "العربية-المسلمة" موردا واسعا ووفيرا بما فيه الكفاية لكي يتسنى لكتاب السيناريوهات تصميم عشرات من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية الأخرى لمدة عقد من الزمن قبل أن ينضب هذا المجال

الحلقة المئة
ويلمح السيناريو إلى مسؤولية حزب الله اللبناني حتى يتم تحاشي اتهام تنظيم القاعدة مع أن وزير الدفاع الأميركي السابق وليام بيري اعترف في مقابلة أجريت معه سنة 2007 بعكس ذلك، وقال "أعتقد الآن أن القاعدة وليس إيران هي المسؤولة عن الهجوم الذي وقع عام 1996 على القاعدة الأميركية"، لكن ذلك لم يكن يناسب كتاب السيناريوهات في هوليود.

وعند نهاية الحلقة المئة من الموسم السابع من "هوملاند" يكون المشاهد قد قام بجولة كاملة في الشرق الأوسط: العراق وأفغانستان، ثم لبنان وقطاع غزة، اليمن، إيران وأخيرا سوريا، ناهيك عن "قرصة" من فنزويلا، وفي الموسم السابع "قرصة" من روسيا.

وتقدم أفلام هوليود الشرق الأوسط كبوتقة انصهار يتعاون فيها جميع الأشرار، ففي سلسلة "هوملاند" يظهر معسكر لحزب الله مليء بلاجئين سوريين أتوا من منطقة الرقة السنية، ويظهر سوري سني فار من قنابل نظام بشار الأسد وهو يلجأ إلى منطقة يسيطر عليها حزب الله الشيعي بقيادة شيخ سني، وهو أمر بعيد عن الواقع.

وتتعاون في هذه الأفلام والمسلسلات المنظمات الإرهابية مع بعضها بعضا بغض النظر عن خلافاتها، فتنظيم القاعدة وحزب الله وحركة طالبان والمخابرات الباكستانية وتنظيم الدولة الإسلامية يتوافقون بشكل جيد في بيروت مدينة المليشيات والنساء المحجبات.

وبحسب كونيسا -وهو صاحب كتاب "هوليود.. سلاح دعاية شامل"- أصبحت أفلام الدعاية البحتة أكثر ندرة، لكن تبقى العينة "العربية-المسلمة" موردا واسعا ووفيرا بما فيه الكفاية لكي يتسنى لكتاب السيناريوهات تصميم عشرات من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية الأخرى لمدة عقد من الزمن قبل أن ينضب هذا المجال.

المصدر : الصحافة الفرنسية