إلياس نصر الله.. توثيق الماضي لحماية المستقبل

شهادات على القرن الفلسطيني الأول لإلياس نصر الله
قال الكاتب والصحفي الفلسطيني إلياس نصر الله إن كتابه "شهادات على القرن الفلسطيني الأول" يوثق لقصص حقيقية من الماضي، لكنه في واقع الأمر موجه إلى جيل الشباب الذي يشعر بالقلق عليه من المستقبل.

وأوضح نصر الله في مقابلة مع وكالة "رويترز" أنه ركز في الكتاب على توثيق الذاكرة من خلال تجميع القصص الواقعية لما حل بالشعب الفلسطيني "لأن نكبة 48 مستمرة وهناك خطر علينا وعلى أهالينا.. أنا كتبت هذا الكتاب لأنني أرى أن المستقبل خطير جدا".

وأضاف أن "قضية الذاكرة ضرورية جدا لكي نتصدى للهجمة علينا.. حاولت أن أوصل للقارئ الشاب كيف كانت فلسطين وماذا حل بها ليعرف حجم المأساة، إضافة إلى أنه يمكن أن يتعرض الجيل الجديد إلى نفس المأساة والتجربة من جديد، لأن حكام إسرائيل لا يريدون الخير".

‪شاهر الخطيب يحمل مفتاح منزل عائلته الذي هجر منه في قرية البرج إبان النكبة‬ (الجزيرة)
‪شاهر الخطيب يحمل مفتاح منزل عائلته الذي هجر منه في قرية البرج إبان النكبة‬ (الجزيرة)

ويقع الكتاب في سبعمئة صفحة من القطع المتوسط، وأصدرته دار الفارابي في بيروت، وقدم له الرئيس السابق لقسم تاريخ الشرق الأوسط بجامعة حيفا البروفيسور قيس فرو الذي قال في مقدمته "إن من لا يستطيع كتابة قصة لا يستطيع أيضا كتابة التاريخ".

وقال نصر الله "أختلف مع الكثير من الناس في تعريف النضال الفلسطيني، إذ ليس معناه فقط أن نحمل بندقية.. برأيي نحن 1.6 مليون شخص الذين بقينا في داخل فلسطين في شفاعمرو والناصرة وحيفا وعكا ويافا وكل القرى الفلسطينية التي بقيت.. بقينا بأعجوبة.. هذا البقاء والصمود أكبر نضال.. وجودنا اليوم أكبر مشكلة لإسرائيل".

وأضاف "يجب ألا نبخس أهمية الصمود الذي يبدو كأنه بسيط ولكنه مهم جدا.. أن نبقى داخل وطننا ونتمسك بأراضينا وجذورنا وتاريخنا".

‪دعوة لحضور حفل زفاف فلسطيني قبل النكبة‬ (الجزيرة)
‪دعوة لحضور حفل زفاف فلسطيني قبل النكبة‬ (الجزيرة)

حديث الذكريات
وفي كتابه الصادر عام 2016، يوثق نصر الله أيام فلسطين الصعبة خلال مئة عام، مستعيدا الواقع على طريقة السرد، ومستذكرا روايات عايشها أهله وهو شخصيا فيما بعد، ومستخدما الذاكرة وسيلة استدلال ونقل وقائع تاريخية تعكس معاناة شعب اختبر الحرب والهجرة.

ويحمل نصر الله على صفحات كتابه تاريخا ينبض بالحكايا التي اختزنتها ذاكرة العائلة، مستندا بين السطور على شهادات شفهية عكست الواقع كما كان، وكشفت عن الحياة اليومية للفلسطينيين قبل وبعد ما يعرف بنكبة عام 1948.

ويبني الكاتب سردياته من مدينته شفا عمرو في حيفا، حيث يستعرض قصصا تمتد إلى أكثر من قرن من الزمن وتمر على الجراح الفلسطينية بكل أبعادها، من اتفاق سايكس بيكو عام 1916 إلى وعد بلفور عام 1917، وصولا إلى النكبة عام 1948، حيث كان مع عائلته في عداد الضحايا الحقيقيين لتلك المرحلة، مقدما شهادات حية لتجارب العائلة.

‪رسومات للفنان عمر رضوان لكبار السن ممن عايشوا النكبة‬ (الجزيرة)
‪رسومات للفنان عمر رضوان لكبار السن ممن عايشوا النكبة‬ (الجزيرة)

وبين حنايا هذا الكتاب يستعرض إلياس نصر الله مراحل النزوح إلى لبنان والأردن ثم العودة إلى الوطن الفلسطيني مجددا، والانتماء إلى الحزب الشيوعي عام 1968، ووجوده على خط فلسطيني واحد مع العديد من الشعراء والكتاب ورسامي الكاريكاتير مثل ناجي العلي وإميل حبيبي ومحمود درويش وغيرهم من الفنانين والسياسيين.

وكشف نصر الله أنه ستنطلق خلال أيام حملة تمويل جماعي لتدبير التكلفة اللازمة لترجمة الكتاب إلى اللغة الإنجليزية.

يشار إلى أن إلياس بطرس نصر الله ولد في شفا عمرو عام 1947، وعمل بالصحافة في جريدة "الاتحاد" في حيفا، وجريدتي "الشعب" و"الفجر" في القدس، كما أسس جريدة "الطليعة".

وانتقل عام 1979 للعيش في بريطانيا وعمل من هناك مع عدة صحف عربية، ونال في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي "جائزة إحسان عباس" التي تمنحها السلطة الفلسطينية لأفضل كتاب سيرة ذاتية يصدر في فلسطين.

المصدر : رويترز