"صحافة الصبيان".. حكايات القوتلي عن مأساة سوريا

كتاب صحافة الصبيان
هناك أشخاص يختارون قدرهم، بينما هناك أقدار هي من تختار أصحابها. وإذا نظرنا إلى العالم من هذه الزاوية يمكننا أن نقترب قليلا من فهم كلمات صحفية الجزيرة سمارة القوتلي التي وجدت نفسها في مواجهة مع الموت اليومي في سوريا.

أودعت سمارة خلاصة تجربتها في تغطية الحرب بسوريا كتاب "صحافة الصبيان" وقدّمته اليوم الأربعاء في معهد الجزيرة للإعلام، وروت ما لا ترصده الكاميرا ولا تنقله من مشاعر الأسى ولحظات ما قبل الموت وما بعده.

واستهلت القوتلي كتابها الذي نشره معهد الجزيرة للإعلام بالقول "عشتُ بين هذه الصفحات دون أن أعرف يوما أنني سأحيا وأكتبها. كتبت هذه الحوادث بدمي كأنني أعيش بين خطوط النار مرة أخرى. عشتُ بمعجزة كونية".

ثم تواصل "كذلك يحيي الله الموتى ويعيدني لأدلي بشهادتي بعد الغياب".

وتنتقل صحفية الجزيرة -التي غطت الحرب في سوريا- بين فصول الكتاب وكأنها تنتقل بين فصول رواية معقّدة تشابكت فصولها، فالحس المهني والسعي لنقل الحقيقة جزء من مشهد أكبر يتعلق بحياة الصحفية وحياة ذويها من جهة، وحياة الناس الذين تقاسمهم المأساة الدامية من جهة أخرى.

يبدأ الكتاب بـ "الوميض الأول" مستهلا بفصل "الصورة المحذوفة" وتستحضر فيه سمارة بصورة خاطفة محطات من حياتها، حاسوبها الذي ادخرت ثمنه شهرا بعد شهر، وولوجها لعالم الإنترنت، قبل أن تسرد رحلة هروبها من سوريا وما لاقته في سبيل ذلك.

وفي "أربعة كيلومترات" تتحدث عن شجرة الزيتونة التي اتخذت حطبها وقودا، ثم تتوالى المشاهد في "لقطة بلا رأس" و"جولة شواء" و"سلاح الباذنجانة" إلى أن تصل إلى "الوميض الرابع" حيث تسرد بألم قصة مقتل شقيقها وهو يحمل كاميرتها ليوثق إطلاق رصاص القناصة في ريف دمشق.

وأثناء روايتها لفصول الملحمة السورية، لا تنسى سمارة -وهي تتحدث عن إحصاء عدد القتلى في نشرات الأخبار- إلى الإشارة إلى أن شيخ الجامع يبقى أدق مصدر صحفي في البلد، لأنه أدرى من غيره بعدد الضحايا الذين يصلي عليهم صلاة الجنازة قبل أن يودعوا الثرى.

المصدر : الجزيرة