"كتاب سراي".. مقهى القراء العرب بإسطنبول

خليل مبروك-إسطنبول

يبدي الناشط السوري علي الحمد سعادته بافتتاح مقهى جديد للقراءة في مدينة إسطنبول التركية، ففيه وجد "ضالته المعرفية" أمام كتاب كان يتصفحه مع كوب من "الزهورات" الدمشقية الدافئة.

وهذه هي المرة الثالثة التي يزور فيها الناشط "منتدى كوالالمبور للفكر والحضارة" "كتاب سراي كافيه" في منطقة "هركاي شريف" بحي الفاتح، رغم انقضاء أسبوع واحد فقط على افتتاحه.

ويصف الحمد فكرة الجمع بين المقهى والمكتبة بالفكرة الإبداعية، ويقول إنها الأولى في إسطنبول التي عانى خلال سنوات خمس مضت من إقامته فيها من نقص الكتاب العربي وندرته.

تُوفر "كتاب سراي" لمرتاديها كتبا للبيع والقراءة معا، وفي أجواء مقهى يرتادها الشباب ويفضلونها للقاءاتهم، فهي كما يشير الحمد في حديثه للجزيرة نت "أشبه بناد ثقافي لبيع الكتب والقراءة والمطالعة، وفي الوقت ذاته تبني فضاء شبابيا جديدا".

ويبين الحمد أن ميزة الجمع بين المكتبة والمقهى بالغة الأهمية في البيئة الإسطنبولية التي أصبحت ملتقى للشباب النخبوي العربي من كل الجنسيات.

وعند النظر لجدران "كتاب سراي"، يعيش الزائر أجواء المكتبة بفهارسها وتصنيفاتها وعناوين الكتب المتنوعة على رفوفها، أما رائحة الورق فتتسلل بين المشروبات الساخنة التي يفضلها القراء في أجواء المدينة الباردة.

‪علي الحمد: المقهى أشبه بناد ثقافي يلتقي فيه العرب‬ (الجزيرة)
‪علي الحمد: المقهى أشبه بناد ثقافي يلتقي فيه العرب‬ (الجزيرة)

المكتبة المقهى
وتوفر المقهى ومكتبتها للزائر إمكانية قضاء الوقت في أجواء شبابية يبحث عنها الشبان العرب في المقاهي العصرية، وتمنحه في الوقت ذاته فرصة مجانية لقراءة الكتب والإصدارات العربية.

وتعرض المكتبة للقراء زاوية لشراء الكتب إلى جانب قراءتها، كما توفر لهم خدمات التصوير والطباعة والحواسيب وغيرها من احتياجات الباحثين والدارسين.

وتتنوع الكتب الموزعة في قسمي البيع والقراءة بالمكتبة على تصنيفات تعلم اللغتين العربية والتركية وكتب الأدب والفكر والثقافة والشعر والرواية العربية، إضافة لأقسام التنمية والإبداع والفكر والسياسة والسيرة النبوية والحديث الشريف والفقه والعقيدة والأطفال والقرآن الكريم.

وولدت فكرة المكتبة المقهى لدى مديرها الشاب إبراهيم كوكي قبل ثلاث سنوات، حين خطط لإقامة مشروع يجمع بين البعد التجاري والأبعاد الثقافية والفكرية، مستفيدا من تجربة عائلته، التي تعمل في مجال المكتبات في دمشق منذ 35 عاما.

وفكّر الشاب السوري الذي التقته الجزيرة نت باستكمال عمله في مجال المكتبات عند رحيله إلى تركيا، لكن التنوع الكبير في البيئة العربية بإسطنبول هداه لتطوير فكرته من افتتاح مكتبة تقليدية إلى مقهى ثقافي.

ويقول كوكي إن العمل على مشروع المكتبة المقهى استغرق ثلاث سنوات نظرا لكلفته المالية، الأمر الذي تطلب منه وقتا طويلا لإيجاد الشركاء الممولين الذين آمنوا بفكرة المشروع وأهميته في بيئة ديمغرافية معقدة.

‪قارئة تركية تختار كتبا عربية في مقهى
‪قارئة تركية تختار كتبا عربية في مقهى "كتاب سراي"‬ (الجزيرة)

تفاعل شبابي
وشدت المكتبة منذ افتتاحها نهاية يناير/كانون الثاني الجاري انتباه الجالية العربية والمثقفين العرب في إسطنبول، لكن صاحب المكتبة يتطلع إليها بوصفها نموذجا يوسّع شريحة القراء ويشجع رواد المقاهي على صرف أوقاتهم في القراءة والمطالعة.

ويقول كوكي إنه بدأ المشروع بتوزيع استبيانات تقيس تفاعل المجتمع العربي مع المشروع، وحصل منها على قراءات جيدة، لكنه تفاجأ بأن تفاعل الجمهور العربي في الافتتاح كان كبيرا بدرجة لافتة.

وعبّر طالب الماجستير في اللغة العربية فاخر التركي الذي التقته الجزيرة نت في زيارته الأولى لـ"كتاب سراي"، عن رضاه عن موقع المقهى وهدوئه وجودة ما يقدمه من كتب للزوار.

لكن الطالب السوري عبّر في الوقت ذاته عن تطلعه إلى أن يوسع المقهى من قائمة الكتب التي يحتويها، وأن يوفّر المزيد من العناوين بأسعار تناسب ظروف طلبة العلم والباحثين العرب المغتربين.

وشهد عالم المطبوعات العربية في تركيا قفزات كبيرة خلال السنوات الخمس الأخيرة، متأثرا بتزايد أعداد العرب وأبناء الجالية السورية خصوصا.

كما استفادت حركة الطباعة والنشر العربية في تركيا من توافد المئات من الباحثين والمؤلفين ورجال الفكر والثقافة والأدباء والفنانين العرب.

لكن ورغم كل ذلك، يرى كثيرون ومنهم فاخر التركي أن انتشار المكتبات وتمدد دور النشر العربية وتوسع نشاطها في تركيا مؤخرا ما زال عاجزا عن تلبية حاجة الطلاب والباحثين للمصدر البحثي والمرجع الورقي، رغم أن الإحصاءات التركية تتحدث عن ارتفاع كبير في مبيعات الكتاب العربي منذ معرض الكتاب العربي الدولي الذي احتضنته إسطنبول العام الماضي.

المصدر : الجزيرة