المدرسة الشرقية بالموصل.. صرح عريق تعلم فيه رئيس ووزراء

الواجهة الامامية لللشرقية قبل الحرب -ارشيف خاص
الواجهة الأمامية للمدرسة الإعدادية الشرقية قبل الحرب (الجزيرة نت)

أحمد الدباغ-الموصل

يداوم عمر محمد على زيارة مدرسة "الإعدادية الشرقية" بمدينة الموصل (شمال العراق) التي تعلم فيها قبل أكثر من عشرين عاما، وعلى الرغم من أنه الآن يعمل أستاذا بجامعة الموصل فإنه لا ينسى فضلها في مسيرته الدراسية.

يقول محمد للجزيرة نت إنه يحرص على أن يقتطع جزءا من وقته كل أسبوع أو اثنين لزيارة المدرسة ولقاء من تبقى من مدرسيها الذين عاصرهم، ولم ينقطع عنها إلا فترة سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل بين عامي 2014 و2017.

وعاد محمد لزيارة المدرسة بعد سقوط تنظيم الدولة إلا أنه فوجئ بحجم الضرر الذي لحق بها على غرار العديد من المباني العريقة في المدينة، وفي زيارته الجديدة لم يبق من مدرسيها الذين يعرفهم سوى ثلاثة، إذ إن أغلبهم توفوا أو أحيلوا إلى التقاعد.

الباحة الداخلية لمدرسة الإعدادية الشرقية تبين مدى الضرر الذي وقع فيها بسبب الحرب (الجزيرة)
الباحة الداخلية لمدرسة الإعدادية الشرقية تبين مدى الضرر الذي وقع فيها بسبب الحرب (الجزيرة)

صرح علمي
وتعد الإعدادية الشرقية في الموصل أقدم مدرسة نظامية تأسست في المدينة ببناية ثابتة ما زالت قائمة حتى الآن، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى موقعها في شرق مدينة الموصل على مقربة من نهر دجلة.

ويقول مدير المدرسة مثنى محمد صالح -الذي يعد المدير رقم 19 فيها وتولى إداراتها عام 2010- إنها تأسست عام 1905، واستمرت في عطائها كل هذه المدة من ذات البناية الأثرية التي بنيت وفق الطراز المعماري القديم في عهد الدولة العثمانية.

وتقع المدرسة على مساحة تقارب الثلاثة آلاف متر مربع، وشهدت عمليات توسعة كثيرة، إذ أصبح عدد بناياتها تسعا بواقع 53 غرفة وصفا، إضافة إلى المسجد والمسرح وملعب للنشاطات الرياضية وعدد طلاب لا يقل عن ألف.

المدرسة التي تقع في قلب المدينة القديمة بالموصل التي تواصلت الحرب فيها قرابة أربعة أشهر يؤكد مديرها للجزيرة نت أن أجزاء منها تضررت بفعل القصف، وأنها تخضع لإعادة الإعمار من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (يو أن دي بي).

وأشار إلى أنه ينتظر أن تعود المدرسة العريقة لألقها المعتاد في مطلع أبريل/نيسان المقبل، وهو تاريخ افتتاحها مجددا، بعد أن اتخذت إدارتها من بناية قريبة منها مقرا بديلا يدرس فيه الطلاب.

مثنى محمد صالح بين أن المدرسة واصلت عطاءها منذ العام 1905 من نفس المبنى العريق الذي أنشئ وفقا للطراز العثماني (الجزيرة نت)
مثنى محمد صالح بين أن المدرسة واصلت عطاءها منذ العام 1905 من نفس المبنى العريق الذي أنشئ وفقا للطراز العثماني (الجزيرة نت)

تاريخ يتكلم
المؤرخ الموصلي مروان عبد الفتاح اعتبر في حديثه للجزيرة أن الإعدادية الشرقية تعد من المدارس العريقة التي لها تاريخ يمتد لأكثر من قرن.

ويضيف أنه عندما تذكر المعالم الثقافية والحضارية في الموصل فإن الاعدادية الشرقية تأتي في أول ما يذكر، لما لها من منزلة كبيرة في نفوس الموصليين.

وتتميز المدرسة ببناء فريد من نوعه بني بنظام السقف المعقود من الجص (الجبس) والآجر (الطابوق)، لافتا إلى أن منظمة اليونسكو أدخلت بنايتها ضمن التراث الثقافي عام 2005، لذلك هناك حرص على ألا يُجرى أي تغيير جوهري على تصميمها.

من جهته، يعتقد التربوي مجيد صلاح في حديث للجزيرة نت أن الإعدادية الشرقية حظيت على مدى تاريخها باهتمام خاص من وزارة التربية في مختلف العهود.

وعلى الرغم من أنها مدرسة عراقية فإنه كان ضمن كوادرها التدريسية مدرسون أجانب من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية، خاصة في العهد الملكي، بحسب صلاح.

صورة تظهر الفن المعماري في بناء الشرقية قبل أن يطالها الخراب (الجزيرة)
صورة تظهر الفن المعماري في بناء الشرقية قبل أن يطالها الخراب (الجزيرة)

المعاون الإداري في مديرية تربية محافظة نينوى خالد شاهين يرى أن الإعدادية الشرقية رفدت العراق بكفاءات سياسية وعسكرية وأكاديمية، موضحا أن السلطات توليها اهتماما خاصا.

ومن أبرز الطلاب الذين تعلموا في الشرقية وتولوا مسؤوليات بارزة بالدولة غازي إلياور أول رئيس للعراق بعد سقوط نظام صدام حسين، ووزير الخارجية السابق هوشيار زيباري ومحافظا نينوى السابقان دريد كشمولة وأثيل النجيفي.

وأشار إلى أن الشرقية خرجت قادة عسكريين كبارا كرئيس أركان الجيش الراحل عبد الجواد ذنون ووزيري الدفاع الأسبقين سلطان هاشم وخالد العبيدي، إضافة إلى رئيس الوزراء العراقي طه ياسين رمضان وأغلبية رؤساء جامعة الموصل، وغيرهم الكثير.

المصدر : الجزيرة