غوغل يحتفل بذكرى ميلاد الجزائرية "باية" ملهمة بيكاسو

غوغل يحتفل بذكرى ميلاد "باية" ملهمة بابلو بيكاسو
غوغل وصف فن التشكيلية الجزائرية باية بأن "ألوانها المفعمة بالحياة ترسم صورا قوية للنساء والطبيعة بأسلوب تعبيري وشخصي" (مواقع التواصل)

فريد بلوناس-الجزائر

في ذكرى ميلادها الـ87 احتفل محرك البحث غوغل بالفنانة التشكيلية الجزائرية باية محيي الدين ملهمة الرسام الإسباني الشهير بابلو بيكاسو.

وغطت النساء والزخارف والطبيعة بألوانها الأولية لوحاتها، أما الفرح الذي كان مفتاح رسوماتها فقد قالت عنه مرارا إن سببه كان الحزن المبكر في حياتها.

واسم باية الحقيقي هو فاطمة حداد، وتعتبر من أبرز العلامات المميزة في الفن التشكيلي بالجزائر والوطن العربي، حتى أن غوغل في تهنئته لها بعيد ميلادها قال عن فنها إن "ألوانها المائية المفعمة بالحياة ترسم صورا قوية للنساء والطبيعة بأسلوب تعبيري وشخصي يتحدى التصنيف السهل".

ولدت باية محيي الدين في 12 ديسمبر/كانون الأول 1931 في برج الكيفان بالجزائر العاصمة، وتيتمت بعد خمس سنوات من ميلادها، فانتقلت بعد ذلك للعيش في كنف جدتها التي كانت تعمل في مزرعة لدى معمريْن فرنسيين.

البداية
لما بلغت باية الـ11 من عمرها استعانت بها أخت صاحب المزرعة لتساعدها في أشغال البيت وتعمل "مدبرة منزل"، وكانت هذه السيدة هي الفنانة الفرنسية مارغريت كامينا بينورا.

اهتمام الطفلة الصغيرة بتشكيل التماثيل الصغيرة للحيوانات وشخصيات من خيالها جذب أنظار مارغريت التي عملت على تشجيعها ودعمتها بأدوات الرسم.

تقول باية في إحدى ذكرياتها عن تلك المرحلة "عندما كانت تعود مارغريت إلى المنزل انطلق في الضحك كانت تقول لي: ماذا فعلت اليوم يا باية؟ هل عملت؟ هل رسمت؟ ثم كانت تجلس أرضا وتشاهد كل الرسومات وتشجعني على المواصلة.. هكذا بدأت الرسم".

عُرضت أعمالها من طرف إيمي ماغ تاجر الفن الفرنسي والمنتج السينمائي لأول مرة على الجمهور في باريس سنة 1947 ونالت لوحاتها نجاحا كبيرا.

وخطفت أنظار نخبة الفن في العالم إحدى لوحاتها التي كانت عبارة عن ملكة ذات نظرات ثاقبة على رأسها تاج، وتزين فستانها طيور وفراشات ونباتات تطوق مجلسها من الجانبين.

‪باية محيي الدين اسمها الحقيقي فاطمة حداد وتعتبر من أبرز العلامات المميزة بالفن التشكيلي في الجزائر والوطن العربي‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)
‪باية محيي الدين اسمها الحقيقي فاطمة حداد وتعتبر من أبرز العلامات المميزة بالفن التشكيلي في الجزائر والوطن العربي‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)

كيف أثرت في بيكاسو؟
لم تكن باية تعرف القراءة والكتابة، ولم تلتحق بمدرسة فنون في بداياتها، بل كانت لديها موهبة فطرية مدهشة.

قيل عنها "إنها الفنانة التي تم اكتشافها صدفة فشبت تحت جناحي طيف من المثقفين والفنانين العظماء".

في العام 1948 دعاها بيكاسو إلى ورشته فقضت أشهرا عدة برفقته، وأنتجا رسوما معا، كما قدمت أعمالا من الفخار.. وقيل إنها ألهمته في إطلاق مجموعته الفنية عام 1955 التي عرفت باسم "نساء الجزائر".
 
العودة
بنصيحة من بيكاسو عادت إلى بلادها، وتزوجت عام 1953 من الموسيقار ومغني الموشحات الأندلسية الحاج محفوظ محيي الدين الذي كان يكبرها بثلاثين عاما وحصلت على لقبه بعد ذلك "محيي الدين".

تقول عن ذلك "عندما دخلت البيت وجدت فيه آلات موسيقية في كل مكان، وحياتي وسط هذه الآلات أثرت علي، وقد كانت حقا متوافقة مع عالمي، ثم أنا أحب الموسيقى الأندلسية العصرية".

خلال العقد الذي تلا زواج باية وولادة أولادها الستة توقفت عن الرسم.

وقد أقامت فاطمة مع عائلتها في الجزائر، ورفضت عرضا للانتقال إلى فرنسا خلال "العشرية السوداء" التي شهدتها الجزائر، حيث هاجر فنانون ومفكرون إلى باريس بعدما تحولوا إلى هدف للعمليات الإرهابية آنذاك.

لكنها أصبحت محبوبة للغاية في الجزائر، حيث ظهرت صورة لها وإحدى لوحاتها على طوابع بريدية جزائرية، وجاب اسمها العالم وتأثر بها كبار الرسامين، وظلت محتفظة بتلك الأصالة الفريدة التي جعلتها تعود في كل مرة إلى ذلك اللون الأول تحمله بخفة مراهقة وتلون به العالم حتى فارقت الحياة عام 1998 عن 68 عاما، وبقيت حاضرة في ألوان كل النساء اللواتي رسمتهن.

المصدر : الجزيرة