مقتل خاشقجي يصيب الدبلوماسية الثقافية لبن سلمان

محمد بن سلمان وجمال خاشقجي وبينها لوغو معهد مسك للفنون
إشعاع مركز مسك للفنون بالولايات المتحدة تأثر بمقتل جمال خاشقجي وما يتداول عن دور محمد بن سلمان في الحادث (الجزيرة)

امتدت تداعيات مقتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي إلى معهد مسك للفنون، وهو جزء من مؤسسة "مسك" التي أسسها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وكان يراهن عليها بوصفها ذراعا للدبلوماسية الثقافية لتلميع صورته في الأوساط الفنية والثقافية العالمية وخاصة في الولايات المتحدة.

وكان الهدف من تأسيس معهد مسك للفنون هو تشجيع الإنتاج الفني الشعبي في السعودية، وتمكين الدبلوماسية الثقافية الدولية والتبادل الفني، وذلك ضمن رؤية 2030 لحزمة الإصلاحات التي طالما روّج لها محمد بن سلمان عبر حملات علاقات عامة واسعة واحتل فيها مجال الترفيه والفن حيزا كبيرا.

وفي الولايات المتحدة تأثر المعهد بارتدادات الزلزال الذي أثاره مقتل خاشقجي، وذلك بعد أولى نشاطاته الثقافية الدولية التي تزامنت مع الزيارة الطويلة التي قام بها محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأميركية قبل أشهر عدة والتقى خلالها عددا من مشاهير الفن والثقافة بينهم بعض نجوم هوليود.

لكن بعد أشهر من ذلك الحراك، بدأت صورته تهتز إذ اضطرت العديد من المؤسسات الثقافية والأكاديمية الأميركية لإعادة النظر في تعاونها معه على خلفية الغضب الدولي إزاء مقتل خاشقجي.

ويأتي ذلك تناغما مع ردود أفعال عدد من المؤسسات والشركات والشخصيات الاعتبارية بينها هيئات معنية بالمجال الفني والثقافي مثل شركة أفينيو البريطاني، التي قررت تعليق مشروع لبناء عشرات دور عرض الأفلام في المملكة.

وكان المعهد يخطط لرعاية كثير من الفعاليات الفنية في نيويورك تمتد طيلة أشهر ضمن مبادرة عربية للفن والتربية ترعاها السعودية، وتهدف إلى مد جسور التواصل بين العالم العربي وكبرى المؤسسات الفنية في نيويورك.

متحف بروكلين بنيويورك رفض رعاية معهد مسك للفنون لفعالية فنية بشأن سوريا(الجزيرة)
متحف بروكلين بنيويورك رفض رعاية معهد مسك للفنون لفعالية فنية بشأن سوريا(الجزيرة)

لكن وهج تلك الفعاليات التي كان يتوقع أن تمتد إلى يناير/كانون الثاني المقبل، بدأ يتلاشى عندما بدأت السهام تطلق على الرياض، وتحديدا التلميحات الإعلامية الغربية والتركية لدور بن سلمان في تصفية خاشقجي الذي انتقد من منفاه الأميركي سياسات ولي العهد الذي يوصف بالحاكم الفعلي للبلاد.

فبعد نحو أسبوعين من مقتل خاشقجي، قرر متحف بروكلين بنيويورك رعاية معهد مسك للفنون لفعالية فنية تحمل عنوان "سوريا.. الماضي والحاضر.. قصص لاجئين على مدى قرن".

وفي اليوم نفسه قرر متحف ميتروبوليتان للفنون بنيويورك أن يموّل بنفسه مؤتمرا حول المتاحف في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن كان تلقى في وقت سابق منحة مالية قدرها 20 ألف دولار من معهد مسك للفنون.

وفي السياق ذاته قررت جامعة كولومبيا الأميركية إلغاء مداخلة مدير المعهد الفنان السعودي أحمد ماطر في إطار حوار مع أستاذ الدراسات الإسلامية بقسم تاريخ الفن بالجامعة أفينوعام شاليم. ولم تقدم الجامعة أي تبرير واضح لذلك القرار، لكن توقيته وتزامنه مع قرار متحفي بوركلين وميتروبوليتان يوحي بأن ذلك له علاقة بتداعيات مقتل خاشقجي.

وبعيدا عن نيويورك، نشرت صحيفة لوموند قبل نحو عشرة أيام مقالا بعنوان "قضية خاشقجي تكبح الطموحات الثقافية للعربية السعودية"، قالت فيه إن الأزمة الدبلوماسية الناجمة عن مقتل خاشقجي قد تلقي بظلالها على اتفاقيات مبرمة بين بعض المتاحف الفرنسية البارزة بينها اللوفر والسعودية.

واستعرضت الصحيفة العديد من البرامج والمبادرات الثقافية الفرنسية السعودية، وقالت إن بعضها متعثر أصلا منذ مدة، وإن البعض الآخر قد يتأثر سلبا بحادثة خاشقجي التي لا تزال حبلى بالكثير من التفاعلات طالما لم تعرف هوية الطرف المسؤول عن العملية ولم يتم العثور على جثة الإعلامي القتيل.

المصدر : الصحافة الأميركية + الصحافة البريطانية + الصحافة الفرنسية