أطفال سودانيون يتحدون الواقع المرير بصناعة السينما

فريق فيلم اعادة التدوير اثناء عمله على التصوير "الجزيرة نت"
مبادرة تدريب الأطفال لصناعة الفيلم في موسمها الرابع تستوعب أكثر من 120 طفلا يعملون الآن على 14 فيلما قصيرا (الجزيرة)

أحمد فضل-الخرطوم

على وقع موسيقى الطوارق، يعمل أطفال سودانيون داخل بيت "فندورا" بالعاصمة الخرطوم على فيلم عن إعادة التدوير، ضمن مبادرة ربما مثلت نواة تعيد للفن السابع ألقه القديم بالسودان.

مبادرة تدريب الأطفال لصناعة الفيلم في موسمها الرابع قوي عودها في هذا الموسم، وهي تخرج من العاصمة إلى الولايات، وتستوعب أكثر من 120 طفلا يعملون الآن على 14 فيلما قصيرا، ستعرض في ديسمبر/كانون الأول القادم. 

واللافت هذا الموسم أيضا أن فريقا من الأطفال الصم يعمل على إنتاج فيلم تدور قصته حول لغة الإشارة، فضلا عن فريق آخر أنجز فيلما باسم "عروس النيل"، وقصته مستوحاة من أسطورة منح نهر النيل أجمل الفتيات ليأمن الناس شحه أو فيضانه المدمر.

كان الأطفال: رانيا "مخرج وسيناريست"، وأنسام "مونتير"، وعمر وسفيان "مصوران"؛ منهمكين في توثيق تجربة بيت "فندورا" في حي بري، يصورون قصاصات الصحف والكثير من المهملات التي تحولت إلى قطع فنية.

وعلى مدى يومين، رافقت الجزيرة نت المجموعة بين حي بري وضاحية الأزهري، حيث منزل الروائي عبد الغني كرم الله، الذي تحول بدوره إلى معرض للتدوير.

‪‬ المبادرة تُكسب الأطفال وعيا بالأفكار التي ينتجونها(الجزيرة)
‪‬ المبادرة تُكسب الأطفال وعيا بالأفكار التي ينتجونها(الجزيرة)

تعليم الأطفال
وتبدو مخرج وسيناريست الفيلم رانيا بحر (15 سنة) محتفية ومدركة للفكرة التي تعمل على إنتاجها، قائلة إن فريقها بدأ التصوير بحي "مايو"، واشتمل البرنامج في هذا الحي الشعبي على تعليم الأطفال الاستفادة من مهملات الورق في تزيين الجدران.

الظاهر أن المبادرة تُكسب الأطفال أيضا وعيا بالأفكار التي ينتجونها؛ ففريق فيلم إعادة التدوير يحصي فوائد للتدوير لا تبدأ بالحفاظ على البيئة ولا تنتهي باكتساب المهارات.

المصوران "عمر" و"سفيان" كلامهما قليل، لكنهما مستمتعان بالتصوير، ويأملان احترافه مستقبلا، أما أنسام فتقول إن المونتاج الذي تقوم به هو "مصدر إعجاب لأن العمل على مقاطع الفيديو ممتع".

وفي منزل الروائي عبد الغني كرم الله، الذي كرس السبع سنوات الأخيرة من أجل أدب الأطفال، ما أن وصل فريق العمل حتى بدأ تصوير المواد التي تم تدويرها، حيث يعرضها كرم الله في باحة منزله وداخل كل غرف البيت.

كانت "نضار"، وهي فتاة ابتدعها الروائي، هي المسيطرة والملهمة لأطفال فيلم إعادة التدوير، فهي التي تغسل القلوب وتنظف الأوساخ وتكافح الحرب.

ابنة الروائي "آمنة" هي بدورها إحدى خريجات مبادرة تدريب الأطفال لصناعة الفيلم؛ فقد شاركت في موسمها الأول عام 2015 ضمن فريق فيلم "القطار"، ثم شاركت مؤخرا في مهرجان السودان للسينما المستقلة.

آمنة غير مكترثة بعدم فوزها في المهرجان، لكنها تؤكد للجزيرة نت أنها ستواصل في مجال صناعة السينما لأنها تحب التصوير والإخراج والمونتاج.

حذيفة عبد الرحيم مخرج ومصور متطوع في المبادرة (الجزيرة)
حذيفة عبد الرحيم مخرج ومصور متطوع في المبادرة (الجزيرة)

غياب الدولة
وكمن يبذر بذرة، يراهن صاحب المبادرة مصعب حسونة على مجموعات الأطفال التي عملت ضمن مبادرة تدريب الأطفال لصناعة الفيلم، بهدف إيجاد مستقبل أفضل للفن السابع في البلاد.

ويقول حسونة -وهو في العقد الرابع- للجزيرة نت "نحاول أن نعوض ما فقدناه في الأجيال السابقة عن طريق هؤلاء الأطفال، ونريد بناء جيل واثق من قدراته ويعي أدواته، وقادر على التعبير عن أحلامه وتصوره للمستقبل من خلال قيم العمل والتفكير الجماعي".

وفي كل هذا الزخم تغيب الدولة حتى الآن، مع تأكيد حسونة أن المبادرة مستقلة، وتعتمد في تمويلها على مجهودات شباب من المخرجين والمصورين والسينمائيين؛ "بعضهم يسهم بكاميرات يمتلكها أو أجهزة مونتاج أو حتى التدريب".

ومن بين المتطوعين في المبادرة حذيفة عبد الرحيم، وهو مخرج ومصور، وكان في أول يوم للعمل ضمن المبادرة، إذ يقول إن الفكرة لاقت هوى في نفسه، وقرر أن يسهم عينيا بكاميراته ومعنويا بالتدريب وتشجيع الأطفال.   

وتحاول المبادرة فتح فرص تعاون مع المؤسسات ذات الصلة؛ لتوفير برامج وأنشطة أكثر جودة للأطفال الهواة، وحتى الآن تمكنت من خلق زمالات مع "صناع الأفلام الشباب" و"تندم شمل"، وهي مؤسسة عالمية -بحسب حسونة- تعنى بتدريب الشباب على صناعة الأفلام. 

المصدر : الجزيرة