هكذا تعاد الحياة للحركة المسرحية في البصرة

فرقة موحود ابو العباس
الفنان محمود أبو العباس أثناء تدريبات فرقته المسرحية (الجزيرة)

عمار الصالح-البصرة

بادر مجموعة من المسرحيين في محافظة البصرة إلى تأسيس فرقة جديدة في محاولة لإعادة الحياة إلى الحركة المسرحية بالمدينة التي همشت ركائزها الثقافية مع تنامي سيطرة التيارات الدينية منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
 
وتمر البصرة بفترة جفاف ثقافي على صعيد المسرح، وهنالك انحباس حقيقي في مجال تنشيط الثقافة، هكذا يجد الفنان المسرحي محمود أبو العباس مدينته التي عاد إليها بعد غياب لسنوات ليعمل على تأسيس فرقته المسرحية.
 
يقول أبو العباس في حديثه للجزيرة نت إن "هذه الظروف كانت حافزا لفكرة إنشاء الفرقة التي حاولنا من خلالها أن نكسر نمطية المؤسسات التعليمية المهتمة في هذا المجال واحتضان طاقات شبابية من غير المتعلمين لكنهم يمتلكون الموهبة".
 
تحديات حقيقية
تسعى الفرقة المسرحية التي تأسست منتصف العام الجاري إلى "إعادة وجه البصرة الموسيقي" من خلال الأعمال التي ستقدمها، لكن تلك التطلعات تصطدم مع مظاهر "التشدد الديني" التي عرضتهم لهجمات شخصية.
فائز الكنعاني رأى أن كلية الفنون لم تخرج فنانين جددا بل موظفين حكوميين
فائز الكنعاني رأى أن كلية الفنون لم تخرج فنانين جددا بل موظفين حكوميين

ويقول أبو العباس إن المظاهر الدينية والسياسية في البصرة شكلت تحديا حقيقيا بعد تعرض الفرقة لأكثر من هجوم شخصي خلال فترات التدريب في قصر الثقافة بعد تقديم مقاطع غنائية.

وشكلت الفرقة المسرحية فرصة حقيقية لأعضائها لتعليم أساسيات التمثيل المسرحي، ويقول الممثل زين اليوسف "كانت معرفتنا بالعمل المسرحي تقوم على التمثيل على خشبة المسرح فقط في حين تم تدريبنا وتعليمنا أساسيات التمثيل المسرحي بعد التحاقنا بالفرقة ".

في المقابل يرى الكاتب المسرحي فائز الكنعاني أن "كلية الفنون الجميلة ومعهد الفنون عجزا عن إضافة فنانين جدد إلى المدينة وخرجوا لنا موظفين حكوميين".

ورأى أن الفرق المسرحية ستضخ دماء جديدة إلى المسرح في البصرة وسيكون لها الدور في توفير جيل مسرحي جديد يتقن الأدوات المسرحية.

تاريخ عريق
وعرفت البصرة المسرح نحو منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، إذ يوجد نص مسرحي اكتشف في تلك الفترة عنوانه (الشيخ البصري والفتى العصري) محفوظ في مكتبة باشا عيان ويعود إلى عام 1862.

ويستعرض الباحث المسرحي طارق العذاري تاريخ المسرح في البصرة قائلا "تمتلك المدينة تاريخا مشرقا في هذا المجال، وكان المسرح يقدم أعمالا سياسية خلال فترة الاحتلال البريطاني للعراق، واستمر هذا النشاط في العهد الملكي بعدها دخل الفكر اليساري على المسرح وقدمت في البصرة أعمال واقعية ذات نفس اشتراكي".

مشروع مسرح البصرة الوطني لم ينفذ لأسباب فنية 
مشروع مسرح البصرة الوطني لم ينفذ لأسباب فنية 

وفي فترة السبعينيات -يضيف العذاري- تشكلت دائرة السينما والمسرح والفرقة القومية للتمثيل بالبصرة وقدمت أعمالا ممتازة ومتكاملة كما تأسست عدة فرق مسرحية، وخلال فترة الحرب العراقية الإيرانية تحول المسرح إلى مسرح تعبوي وقدم أعمالا متميزة للجمهور البصري.

وأشار العذاري إلى أن "البصرة كانت محطة مهمة للفرق المسرحية العربية الشهيرة، منها فرقة جورج أبيض ويوسف وهبي وفرقة فاطمة رشدي".

ومنذ 2003 شهدت البصرة انحسارا في قاعات العرض المسرحي بعد أن كانت بها خمس قاعات مسرحية بمواصفات جيدة في ذلك الوقت.

يقول مدير قصر الثقافة في البصرة عبد الحق المظفر إن "غياب النشاط المسرحي يعود إلى الافتقار إلى وجود بنية تحتية في المدينة".

وفيما يشير المظفر إلى وجود أسباب فنية عرقلت إكمال مشروع مسرح البصرة الوطني الذي يعد من أكبر المنشآت الثقافية في المدينة، يجد مواطنو البصرة أن الحكومات المحلية تتعمد إهمال وتغييب الجانب الثقافي لمدينتهم بعد أن كانت من أهم الحواضر الثقافية.

المصدر : الجزيرة