نور الهدى تعتلي خشبة المسرح وتتحدى القيود بموريتانيا

صورة لنور الهدى وهي تتسلم جائزة أفضل ممثلة
نور الهدى تقتحم مجال المسرح وتفوز بجائزة أفضل ممثلة بعد أن لعبت في مسرحية "عبور" دور الفتاة الثائرة على التقاليد (الجزيرة)

السالك زيد-نواكشوط

في آخر صف بمقر دار الشباب القديمة وسط العاصمة نواكشوط، تجلس الممثلة المسرحية نور الهدى (20 عاما)، ترمق لجنة إعلان نتائج المهرجان الوطني للمسرح بنظرات تتطلع صاحبتها لجائزة أفضل ممثلة.

في هذا الجو المشحون بالتوتر والتشويق، تعيش نور الهدى لحظة مميزة لأنها تنتظر تكريما لجهدها وأدائها بعد ثلاثة أشهر من التدرب مع فرقة "شروق"، ولعبت في مسرحية "عبور" دور الفتاة التقدمية الثائرة على التقاليد والداعية إلى السلام والتصالح ومحاربة الإرهاب.

بإعلان فوزها بجائزة أفضل ممثلة في المهرجان الوطني الأول للمسرح في موريتانيا، تعتلي نور الهدى منصة المسرح لتتسلم جائزة هي الأولى من نوعها لفتاة موريتانية، وبينما كانت الفرحة بادية على وجوه الحضور، لم تكن فرحة نور الهدى بالفوز مكتملة.

وتقول للجزيرة نت بعد لحظات من تسلمها الجائزة "فرحت بالجائزة لأنني تعبت لثلاثة أشهر من أجل إتقان دوري، لكن الفرحة ناقصة بالتأكيد لأن أحدا من أهلي لم يقدّر نجاحي ولم يحضر أثناء عرضي المسرحي أو تسلمي للجائزة".

الفتاة نور الهدى تصر على مواصلة مشوارها المسرحي رغم عدم دعمها أسريا(الجزيرة)
الفتاة نور الهدى تصر على مواصلة مشوارها المسرحي رغم عدم دعمها أسريا(الجزيرة)

حضور خجول
على مدى أسابيع التدريب للمهرجان، لم تخبر نور الهدى أهلها بما تقوم به، وحتى بعد مشاركتها في المهرجان لم يعلم أحد منهم بذلك، كانت تخوض التجربة بعيدا عنهم، تسترسل في الكلام للجزيرة نت وتقول "يعتبرون ممارسة المسرح بشكل عام مضيعة للوقت، ولا يجب أن تنخرط فيه ابنة عائلة محترمة".

تصر نور الهدى على مواصلة مشوارها المسرحي رغم عدم دعمها أسريا، لأن المجتمع الذي تعيش فيه ينظر للمسرح نظرة دونية، وعاداته تكبل المرأة عن القيام بكثير من الأمور قد تكون تحبها، هذه الثنائية جعلت العنصر النسوي يغيب عن الفرق المسرحية وعن خشبة المسرح.

وعن تاريخ المرأة الموريتانية في المسرح، يقول المخرج المسرحي محمد سالم اخليه إنه "في الثمانينيات كانت الفرق المسرحية تعطي أدوارا نسائية لرجال لكي يؤدوها على المسرح، بسبب غياب المرأة في هذا المجال، لكن الأمر بدأ يتغير اليوم وأصبحت المرأة تدخل هذا الفن".

لكن الممثلة المسرحية نور الهدى ترى أن المرأة ما زال أمامها طريق طويل ومليء بالعراقيل لتصل إلى تلك المرحلة التي يمكن أن تفعل فيها ما تحب. وتقول إن "المرأة ينقصها أن تتحرر لكي تمارس المجال الذي تحب، فحضورها في المسرح لا يزال ضعيفا جدا".

المسرح لم يظهر بشكل جدي في موريتانيا إلا منتصف الثمانينيات عندما عاد إلى البلد شباب درسوا بدول عربية(الجزيرة)
المسرح لم يظهر بشكل جدي في موريتانيا إلا منتصف الثمانينيات عندما عاد إلى البلد شباب درسوا بدول عربية(الجزيرة)

تطور بطيء
تداعب نور الهدى أحلامها الفنية في بلد لم يظهر فيه المسرح بشكل جدي إلى في وسط الثمانينيات عندما عاد إلى البلد شباب درسوا بدول عربية، من بينهم المخرج عبد الرحمن أحمد سالم وأحمدو حبيبي والمخرج التقي ولد عبد الحي والمخرج باب ولد ميني وآخرون أصبحوا من رواد هذا الفن، مع بعض هؤلاء ظهر لأول مرة الاتحاد الوطني لمسرح الهواة، وبدأت حينها عجلة المسرح تدور في البلاد.

في السنوات الأخيرة، تم تنظيم مهرجانات للمسرح المدرسي، وهو ما ساهم في نشر ثقافة المسرح وكشف بعض المواهب الناشئة، رغم أنه ليست هناك مسارح في البلاد حيث تقدم العروض في دار الشباب القديمة أو بعض القاعات الأخرى، إلى أن جاء أول مهرجان وطني للمسرح منتصف أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

ورغم كل هذا التطور وإن كان بطيئا، ظل حضور الفتاة الموريتانية خجولا في الساحة المسرحية، إذ يرى المخرج محمد سالم اخليه أن المرأة تدخل شيئا فشيئا في المجال، ويقول "أمر جميل الآن أن نرى فتيات في فرق مسرحية، كان هناك زمن لم تكن فيه الفتاة الموريتانية تعتلي خشبة المسرح، الآن هناك تقدم للمرأة في هذا الفن".

المصدر : الجزيرة