عكاظ فلسطين.. صدى القضية وإيقاعها في وجدان المغاربة

الشاعرة المحجوب البتول محجوبي
الشاعرة البتول محجوبي في عكاظ فلسطين بوجدة الذي حج إليه شعراء مغاربة من مختلف الأجيال والتيارات (الجزيرة)

أمياي عبد المجيد-وجدة

لفلسطين عكاظها في المغرب، هكذا قال أحد الحاضرين في اللقاء الشعري الذي نظمه مساء السبت الصالون الأدبي التابع لمركز الدراسات والأبحاث في العلوم الإنسانية والاجتماعية بمعية الرابطة الوطنية لشعراء المغرب، في وجدة (شرق المغرب)، احتفالا بفلسطين وقضيتها.

هذا الملتقى الشعري الذي جمع ثلة من الشعراء المغاربة، ينظم للسنة الرابعة على التوالي، واختار المنظمون هذه السنة أن يجعلوا من فلسطين محور ارتكازه، بأن أطلقوا على ملتقاهم هذا الموسم اسم "عكاظ فلسطين"، في محاكاة لعكاظ الذي كان يأتيه الشعراء زمن الجاهلية ليعرضوا ما جادت به قريحتهم من قصائد.

وشارك في الملتقى  25 شاعرا من عدة مدن، ينتمون لمختلف الأجيال، ألقوا على مسامع الحاضرين قصائد تدل على أن القضية الفلسطينية ما زالت حاضرة في وجدان الشاعر المغربي، وهم في الحقيقة بذلك يتبعون خطوات شعراء الأجيال السابقة الذين جعلوا منها قضية حية دائما في قصائدهم.

محمد علي الرباوي: قضية فلسطين متجذرة في الموروث الثقافي المغربي(الجزيرة)
محمد علي الرباوي: قضية فلسطين متجذرة في الموروث الثقافي المغربي(الجزيرة)

قضية متجذرة
تعود فكرة الملتقى لمنتصف يوليوز/تموز الماضي، عندما وقع وزير الثقافة الفلسطيني إيهاب بسيسو -رئيس اللجنة الوطنية للقدس عاصمة دائمة للثقافة العربيةـ مع نظيره المغربي محمد الأعرج، اتفاقية توأمة بين مدينة القدس العاصمة الدائمة للثقافة العربية ومدينة وجدة عاصمة الثقافة العربية لسنة 2018.

وشكلت هذه الاتفاقية -بحسب تصريح عابيد سعيد منسق الصالون الأدبي بمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، للجزيرة نت- أحد الأسباب التي دفعتهم في الصالون إلى تنظيم هذا الملتقى الشعري.

ومن الأسباب أيضا، إحياء روح القضية الفلسطينية لدى المغاربة والتي ظلت تشغلهم منذ البداية، منذ رحلات الحج إلى مكة، مرورا بطلب العلم في القدس، وصولا إلى الجهاد ضد الصليبيين والحركة الصهيونية؛ وإنما الملتقى في النهاية تعبير فني عن تضامن مطلق مع القضية الفلسطينية.

جانب من الحضور في ملتقى عكاظ فلسطين(الجزيرة)
جانب من الحضور في ملتقى عكاظ فلسطين(الجزيرة)

فلسطين والمغاربة
وتؤكد العديد من الوقائع والمعطيات أن المغاربة كانوا دائما سباقين لإعلان تضامنهم ووقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطيني في المحنة التي يمر بها منذ عقود، وكان آخرها الاحتجاجات التي خرجت في المدن المغربية عقب الإعلان عما سمي بصفقة القرن.

وهذا الارتباط في حقيقة الأمر ليس وليد اليوم ولا السنوات القليلة الماضية، فهو ضارب في التاريخ، ويؤكد في هذا السياق الشاعر المغربي محمد علي الرباوي -الذي ينتمي إلى الجيل المؤسس للقصيدة الحرة- في تصريح للجزيرة نت، أن قضية فلسطين في الموروث الثقافي المغربي قضية متجذرة، وأن المغاربة أكثر الشعوب العربية ارتباطا بفلسطين، إذ كان الحاج المغربي عندما يذهب إلى الحج لا يعتبر حجه كاملا إلا إذا زار القدس والخليل، ويقال عنه حاج قدّس وخلل.

ويؤكد الشاعر المغربي أن القضية الفلسطينية عند المغربي بشكل عام هي قضية مقدسة، لا يمكن فصلها عن الدين، من هنا ظهرت جمعيات ثقافية عديدة أهمها "الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني"، لتجسد حضور القضية في التظاهرات الثقافية، سواء كانت شعرية أو في الرواية أو المسرح أو حتى في السينما، فهي بذلك جزء لا يتجزأ من وجدان المغاربة.

واستحضر في هذا السياق منسق الصالون الأدبي أيضا -في الكلمة الافتتاحية للملتقى- جيلا من المغاربة حملوا فلسطين في قلوبهم ووجدانهم، من أمثال علال الفاسي وعبد الله كنون ومحمد حجي، و من تلاهم كمحمد الحلوي وإدريس الجاي ومحمد بن إبراهيم والعربي الأسفي ومصطفى المعداوي، قبل أن يعتنق القضية جيل تأسيس تجربة الشعر الحر بالمغرب، مع كثير من أمثال أحمد المجاطي وحسن الأمراني ومحمد علي الرباوي ومحمد الحبيب الفرقاني وعبد الرفيع الجواهري ومحمد الخمار الكنوني وغيرهم، وهم كثيرون.

رشيد قدوري: عدد كبير من عشاق الشعر عرفوه من خلال فلسطين(الجزيرة)
رشيد قدوري: عدد كبير من عشاق الشعر عرفوه من خلال فلسطين(الجزيرة)

فلسطين والشعر
ورغم كل هذا الاهتمام الشعري المغربي بقضية فلسطين، هناك من يطرح سؤالا يعتبر مهما، فيقول: ما الذي قدم الشعر لفلسطين؟

هذا السؤال يحاول الشاعر رشيد قدوري أن يجيب عنه بالقول إن هناك عددا كبيرا من عشاق الشعر يمكن القول إنهم عرفوا الشعر من خلال فلسطين، ومن خلال قصائد محمود درويش ومن غنائيات مارسيل خليفة ومن صولات سميح القاسم ومن دفاتر نزار قباني على هوامش النكسة، ومن هنا تجذر عشق الأرض ومعه عشق الشعر.

فالشعر -بحسب قدوري- فعل ما فعل في شهرة شاعر القضية ومعه شهرة القضية، كل شبر في العالم يعرف أن هناك قضية وهناك محتلا وهناك شعبا مناضلا، هذا دور الشعر: أن يشير إلى الجرح النازف فهو يقوم بتغيير منكر دام لعقود، والشعر أيضا ذاكرة الشعوب الحية والدليل لكل جيل كوكبته التي تواصل ما قام به أول شهيد على أرض فلسطين.

المصدر : الجزيرة