سمر يزبك تحاور "تسع عشرة امرأة" عن جحيم سوريا

غلاف رواية.. تسع عشرة امرأة - سوريّات يروين

صدر كتاب "تسع عشرة امرأة-سوريات يروين" للروائية والصحفية السورية سمر يزبك، والذي يضم 19 حوارا اختارتها من حوارات مع 55 امرأة في البلدان التي لجأن إليها (تركيا، فرنسا، ألمانيا، كندا، لبنان، بريطانيا، هولندا) وكذلك في الداخل السوري. وجاء الكتاب الصادر عن منشورات المتوسط في مدينة ميلانو بإيطاليا، في 280 صفحة من القطع الوسط.

تقول الكاتبة إنها اختارت 19 شهادة فقط بسبب الشبه المتكرر في تجارب النساء، و"الذي يظهر لنا جزءا من الجحيم الذي قاومنه بشجاعة في سوريا، وهو جزء من جحيم تعيشه النساء في العالم العربي وفي مناطق أخرى من العالم، فكانت الأولوية في الاختيار لمسألة التنوع الجغرافي السوري، لتشكيل مشهدية أوسع عن الذاكرة".

وتضيف الكاتبة "ذهب هاجس السؤال عندي إلى مسؤوليتنا كأفراد في تكوين ذاكرة حقيقية وفعلية مضادة لتلك التي تسعى إلى تبرير الجريمة، ذاكرة قادرة على تثبيت سردية موازية تنصف قضيتنا العادلة وتظهر جزءا من الحقائق ساطعا وبليغا. لقد رأيت أن أساس البدايات هو التحديق والبحث في صورتنا المفترضة كهوية جمعية، وتفكيكها، ومكاشفتها. ببساطة كانت هذه الذوات التي شكلتها النساء جزءا من ذلك البحث المحموم الذي قادني إلى التحديق المهول في تلك الهوية".

وتقول "هذا الكتاب هو أحد طرائقي في المقاومة، وجزء من إيماني بدورنا كمثقفين وكتاب في تحمل مسؤوليتنا الأخلاقية والوطنية تجاه العدالة وإنصاف الضحايا، والتي يتجلى أهم وجوهها في حربنا ضد النسيان".

ومما ورد في الكتاب "في اليوم الأخير وقبل خروجي النهائي من حلب، أردت إيصال معونات غذائية إلى مجموعة عائلات كانت على وشك الموت جوعا. كنت أركض في منطقة فيها قناصة، فرأيت سيارة مشتعلة إثر قذيفة سقطتْ عليها، وفيها ناس يحترقون. لم أتوقف لأسعفهم، فقد كانوا موتى، وأنا أعرف أن هناك أطفالا جائعين في انتظاري. عندما وصلت إلى مكان وجود العائلات، وقبل أن أسلمها الطعام، سقطتْ قذيفة فوقنا".

ويتابع النص "في الدقائق العشر الأولى، لم أرَ سوى الدخان الأسود، ثم بدأ ما حولي يتضح شيئا فشيئا من جثث وأشلاء. عشت من جديد! وقلت في نفسي: يا للكارثة! لقد عشت! أمضيت ثلاثة أرباع الساعة أبحث عن سيارة لنقل الجرحى. كان المصابون كثرا".

وتختم صاحبة القصة "لن أنسى ذلك اليوم ما حييت! مات الجرحى أمامي، ولم أستطع إنقاذهم. كانوا أفراد عائلات جائعين، تحولوا فجأة خلال دقائق أشلاء متناثرة أمامي! حدث هذا في حي أغيور في الشهر الحادي عشر من عام 2016. حتى الآن لا أصدق كيف بقيت على قيد الحياة، لقد خرجت عشرات المرات من تحت الأنقاض والركام وانتشلت جثث أصدقائي".

والمؤلفة سمر يزبك كاتبة وصحافية سورية، ولدت في مدينة جبلة سنة 1970. عملت في عدة صحف عربية وسورية، وكتبت للتلفزيون أفلاما تتناول قضايا حقوق المرأة. أصدرت 11 كتابا بين قصة ورواية وسرد، منها "صلصال" و"لها مرايا" و"جبل الزنابق" و"المشاءة".

أسست يزبك في 2012 مؤسسة "النساء الآن من أجل التنمية"، التي تعنى بتمكين النساء على المستوى الاقتصادي والثقافي والسياسي، في مناطق الحرب ومخيمات اللجوء.

وبعد الثورة السورية عام 2011، اشتغلت سمر على توثيق الذاكرة السورية في كتابيها "تقاطع نيران"، و"بوابات أرض العدم". ويشكل كتاب "تسع عشرة امرأة" الجزء الثالث من عملها على هذه الذاكرة.

وقد حصلت سمر يزبك على عدة جوائز عالمية، وهي تقيم حاليا في باريس.

المصدر : مواقع إلكترونية