"جائزة الشيخ حمد للترجمة" جسر عابر للثقافات واللغات

المتوجون بجائزة الشيخ حمد للترجمة
جائزة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تكرس تقليدا مهما بتكريم كبار المهتمين بالترجمة (مواقع)

المحفوظ فضيلي-الدوحة

تواصل "جائزة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للترجمة والتفاهم الدولي" مسيرتها في ترسيخ أسس وجسور صلبة للتواصل بين الثقافة العربية والإسلامية وغيرها من ثقافات العالم بمختلف لغاتها وخلفياتها الحضارية ومشاربها الإبداعية والفكرية.

فبعد أقل من ثلاث سنوات على إطلاقها في الدوحة بالتعاون مع "منتدى العلاقات العربية والدولية"، باتت الجائزة عنوانا بارزا في مجال الترجمة إقليميا ودوليا، وذلك على ضوء قيمتها المالية (مليوني دولار) وحجم وغنى المنتديات الدولية التي نظمت على هامش دورتيها الأولى والثانية.

كما يظهر تميز الجائزة في المواضيع واللغات المختارة في كل دورة، وهوية الشخصيات والمؤسسات الثقافية التي كرمت، بما يمثل دليلا على أن الجائزة لا تكتفي بتكريم العاملين في مجال الترجمة بل تدعم من يساهم في نشر ثقافة السلام وإشاعة التفاهم الدولي من أفراد ومؤسسات.

ولا يكتفي المنظمون بتوزيع الجوائز في حفل رسمي بارد، بل يأتي ذلك الاحتفاء في ختام مؤتمر سنوي بات شبه تقليد فكري وأكاديمي يبحث شؤون الترجمة وإشكالات المثاقفة ويشارك فيه مهتمون وعاملون في مجال الترجمة من مختلف أنحاء العالم.

وقد ناقش المشاركون في مؤتمر العام الماضي "دور الترجمة في عملية التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في العالم العربي"، و"الترجمة الأدبية وإشكالات الحرية في العالم العربي على ضوء تفاعلات الربيع العربي".

من فعاليات المؤتمر الدولي عن الترجمة وإشكالات المثاقفة الذي نظمه منتدى العلاقات العربية والدولية بالدوحة العام الماضي(الجزيرة)
من فعاليات المؤتمر الدولي عن الترجمة وإشكالات المثاقفة الذي نظمه منتدى العلاقات العربية والدولية بالدوحة العام الماضي(الجزيرة)

وعلى هذا المنوال فتحت الجائزة منذ منتصف مايو/أيار الماضي باب الترشح في مختلف فئاتها، واختارت في فرع "الإنجاز" الانفتاح شرقا على آفاق جديدة باختيار خمس لغات شرقية، في خطوة تعكس سعي الجائزة "إلى فسح المجال للغات دول ما يسمّى العالم الثالث، وتشجيع الترجمة والمترجمين من هذه اللغات التي لا تلقى الدعم الكافي".

ويتعلق الأمر بالترجمة إلى اللغة العربية، ومنها إلى اللغات الأردية والصينية والفارسية والمالاوية واليابانية. وإلى جانب تلك اللغات تكرم الجائزة في فرع الترجمة المترجمين إلى العربية ومنها إلى الإنجليزية والفرنسية.

وكانت الجائزة قد اختارت في دورتها الأولى اللغة التركية لتكون اللغة المترجم من العربية إليها ومنها إلى العربية، وفي الدورة الثانية (2016) احتفت الجائزة باللغة الإسبانية.

تنوع وإشعاع
ويعكس ذلك التنوع في اختيار اللغات بين دورة وأخرى سعيا حثيثا من أجل كسر هيمنة "ذائقة المركز الغربي" الذي يمنح كاتبا أو كتابا من خارج حدوده تقديرا ومكانة، ما يدفع إلى ترجمته من الإنجليزية أو الفرنسية في معظم الأحيان، وهو ما يرى المنظمون أنه لا يسمح بقيام "تبادل مباشر بين ثقافات الأطراف إلا نادرا".

كما أن ذلك التوجه ينسجم مع روح الجائزة الرامية لتعزيز إشعاع الثقافة العربية والإسلامية وتمتين جسور تواصلها مع غيرها من ثقافات العالم وآدابه وفنونه وعلومه. كما تسعى الجائزة لتشجيع الأفراد ودور النشر والمؤسسات الثقافية العربية والعالمية على الاهتمام بالترجمة والتعريب وتكريم المترجمين وتقدير دورهم عربيا وعالميا في مد جسور التواصل بين الدول والثقافات واللغات.

وتعد الجائزة واحدة من عدة مبادرات ثقافية أطلقتها قطر في عدة مجالات، مما جعل من الدوحة قبلة للمبدعين والباحثين والإعلاميين والأكاديميين من العالم العربي ومختلف بلدان العالم.

ومن أبرز تلك المبادرات الثقافية جائزة كتارا للرواية العربية التي دشنت عام 2014، ومهرجان الدوحة السينمائي الذي أطلق عام 2009 عبر شراكة بين هيئة متاحف قطر ومؤسسي "مهرجان ترايبيكا السينمائي" العالمي؛ جين روزنذال، وكريج هاتكوف، والممثل المعروف روبرت دي نيرو.

المصدر : الجزيرة