نهال.. إحصائية وفنانة سودانية تتطلع للعالمية
عماد عبد الهادي-الخرطوم
ورغم أن نهال تعمل أستاذة في المحاسبة وتحضّر لنيل درجة الدكتوراه في الإحصاء، فإن موهبتها الفنية تختطفها باستمرار من كراسي الدرس إلى معارض اللوحات إبداعا وتصويرا.
المرأة الفنانة
تعتبر نهال عمر من الأوليات بين مثيلاتها في السودان اللاتي اتجهن للتصوير الفوتوغرافي والرسم معا، بعدما تخلت عن التوجه لكبريات الشركات التجارية في البلاد، لتتفرغ لهوايتها التي نالت فيها مجموعة من الجوائز العالمية والإقليمية والمحلية.
ووفق نهال فإن هواية أو امتهان التصوير الفوتوغرافي لم تعد أمرا مقتصرا على الرجال، بل "وُجدت من تبدع فيه وتتفوق على أقرانها من المصورين المحترفين".
تتطلع نهال لتطوير مفاهيم التصوير في مجتمع تصفه بالمنغلق في إرثه وتاريخه وتصويره لأمجاده، برؤية مختلفة تساهم فيها المرأة التي تتمتع بإحساس عال، بحسب قولها.
وتعتقد أن المرأة لو امتلكت مقومات أساسية للتصوير فهي ستكون أوفر حظا من الرجل، "إذ لا بد من تغيير النظرة السطحية التي ينظر بها البعض لمهنة التصوير، والنظر إليها مثلها مثل الفنون الأخرى التشكيلية والغرافيك والنحت وغيرها".
فالفرق كبير جدا بين احتراف التصوير ومزاولته مهنة ومصدر عيش، وبين التمتع بموهبة مصقولة إرضاء لميول فني داخلي، كما تقول نهال.
نحو العالمية
صحيح أن إبداعات الفنانة نهال نمت وترعرعت وأخذت صداها الأهم في السودان؛ ولكنها ترفض أن يبقى فنها حبيسا لبيئة تعتقد أنها ما زالت أقل انفتاحا وتقديرا لإبداعات الفنانين الشباب، ولذلك تبحث عن فضاءات أوسع وساحات أرحب تكشف فيها موهبتها وتطور هوايتها.
وضمن هذا التوجه، ستقيم معرضا فنيا لأعمالها في العاصمة الفرنسية باريس مطلع الشهر القادم، وتأمل في أن يمثل ذلك انطلاقة أقوى لفنها نحو العالمية.
وفي انطلاقتها تلك نحو الأفق الأوسع، ترفض أن تتعثر أمام تحديات الواقع أو تستسلم لإغراءات المطالب المادية، فالفنان عموما والمصور الهاوي -بحسب رأيها- أكثر تجريدا وميولا لهوايته من حيث اتباع حدسه ومزاجه العالي، "فهو لا ينتظر أي عائد مادي من التقاطه الجمال هنا وهناك، ولا يوضع موضع المضطر أبدا في هذه الصنعة الجميلة".
وبشيء من التأمل في طبيعة فنها وحدوده، تقول نهال "كما أن للرصاصة دويا وللقلم صريرا فإن لزوم (مكبّر) العدسات أيضا انفجارا يغير من خط سير الأحداث ويجمد الوجع ويطلق الضحكات، عبر اللقطات واللوحات المعبرة التي نختزنها في أعماقنا ونطالعها ونقلبها ونتأملها ونسكن في تفاصيلها".
بين الدراسة والهواية
ويبدو أن اختيار الدراسة برغبة الأسرة أو الأهل دون النظر إلى الهواية والرغبة الحقيقية للشخص، هي من أكثر المشكلات التي تواجه عددا كبيرا من أصحاب المواهب في السودان وفي عموم المنطقة العربية.
وتشير نهال تعليقا على تلك الإشكالية بالقول إنها درست المحاسبة ونالت فيها البكالوريوس ثم الماجستير، "لكن التصوير واللوحة الجميلة الملفتة تأخذ كثيرا من تفكيري وجهدي وانشغالي". وتضيف "توثيق اللحظات والأشياء الملفتة وبحث القضايا عبر الصورة هو ما أعبر به عن الحياة بكل تفاصيلها، خاصة صور الأطفال والحزن الكامن في طبيعتهم".
وتشير إلى التقائها وآخرين في موقع على شبكة الإنترنت باسم "رفقة ضوء" يحفزون بعضهم، و"هم يرون أن الشخص كلما كان متصالحا مع نفسه يمكنه توصيل الفن بصورة راقية للآخرين".
أما والدها الحاج عمر حمد -الذي اكتشف موهبتها ودعمها بحسب قولها- فيقول إن ابنته كانت تحب التصوير والرسم منذ الصغر، "لكننا طلبنا منها أن تنهي دراستها الجامعية في مجال المحاسبة الذي تفوقت فيه أيضا".