ألف صورة تعكس تعلق أهل غزة بالأمل

أحمد فياض-غزة

لا تمل أعين المصطافين الزائرين لميناء غزة للصيادين من النظر إلى تفاصيل ألف صورة فوتوغرافية تنبض وجوه أصحابها بالحياة وتعبر تفاصيلها عن عمق تشبث أهل غزة بالأمل رغم ظروفهم المعيشية القاسية تحت وطأة الحصار وآثار العدوان.

واختار المصور الفوتوغرافي فادي ثابت من خلال معرضه المفتوح لليوم السادس على التوالي والممتد على طول نحو مئة متر من جدار حوض الميناء الإسمنتي، أن يبرز صمود أهل غزة وحبهم للحياة وتطلعهم لغد أفضل وإصرارهم على تحدى ظروف الحصار بثقتهم بأنفسهم وصلابتهم المعهودة.

ولتسليط الضوء على وجه غزة الآخر، انكب صاحب المعرض وبالتعاون مع وزارة الثقافة الفلسطينية على مدار شهرين ونصف الشهر على اختيار ألف صورة من بين نحو مليون صورة التقطها الرجل من شتى مناطق قطاع غزة على مدار عقد من وقوع غزة تحت الحصار وتعرضها لعدوان تلو العدوان.

ابتسامة تتحدى قساوة الحصار (الجزيرة نت)
ابتسامة تتحدى قساوة الحصار (الجزيرة نت)

وفي معرض "ألف صورة من المدينة المحاصرة" تعمد المصور الفلسطيني تجنب المشاهد المأسوية للقتل والدمار، والتركيز على المشاهد الجمالية ونظرات الإصرار على الأمل والحياة المنبعثة من عيون الأطفال وكبار السن، وذلك في مسعى للتأكيد أن أهل غزة تواقون إلى الفرح والخلاص من الأوضاع المعيشة المتردية.

وتسرد صور المعرض الأول من نوعه في غزة تفاصيل ألف حكاية وقصة لتغلب أهل غزة على جراحهم ومعاناتهم، فترى إحياء الشباب الغزي لأفراحهم على أنغام الأهازيج والأغاني الشعبية وهم يتزينون بملابسهم التقليدية، مستحضرين بذلك إرث الأجداد وعبق الأصالة الفلسطينية في وقت يشعرون بأنه الرد الأنسب على منغصات الحياة كنقص الكهرباء والماء والعلاج.

كما تكررت كثيرا في المعرض مشاهد صور الأطفال تعلو وجوهم الابتسامات فرحا بما تمتلكه أيديهم من حاجيات بسيطة يدخلون بها على أنفسهم السرور، فهذه طفلة فرحة باحتضانها لدجاجة، وتلك أخرى مسرورة بلعبة بلاستكية تتقاذفها غير آبهة بدمار منزلها ومنازل جيرانها من حولها.

صور المعرض توثق لحظات غائبة عن شاشات التلفزيون (الجزيرة نت)
صور المعرض توثق لحظات غائبة عن شاشات التلفزيون (الجزيرة نت)

وهكذا تتابع الصور في المعرض، وتتابع معها حكايات الفرح ونظرات التحدي في وجوه الكبار والصغار فتراهم جميعا منغمسين في معركة التغلب على آثار الحصار بلا كلل أو وجل، فترى نساء يخبزن الخبز على الحطب غير مكترثات بانقطاع التيار الكهربائي ونقص وقود الطهي، وهناك رجال يصرون على العمل رغم استحكام حلقات الحصار وويلاته.

ويستحضر المعرض صورة صياد حرمه الاحتلال من ركوب البحر، فقرر الاصطياد على الشاطئ رغم أن ما يصطاده بالكاد يكفي لقوت أطفاله، لكنه يبدو راضيا بما قسمه الله له في مثل هذه الظروف، وذاك رجل حُرمت أسرته الماء بفعل انقطاع التيار الكهربائي، فحمل أوانيه على حماره ليجلب الماء من الأماكن البعيدة وعبر الطرق الوعرة.

وإن كانت الجزيرة نت قد وقفت عند جانب من معاني ما تضمنته بعض الصور المعلقة على جدار حوض ميناء غزة، إلا أن مئات الصور الأخرى تختزل في طياتها حكاية شعب لم ينل الحصار من عزيمته وإصراره على العيش بحرية وكرامة.

المعرض استقطب اهتمام سكان غزة (الجزيرة نت)
المعرض استقطب اهتمام سكان غزة (الجزيرة نت)

ويقول المصور الفوتوغرافي فادي ثابت إن عرضه لألف صورة التقطها خلال السنوات العشر الأخيرة هي رسالة تحد تؤكد أن سكان قطاع غزة يستحقون الحياة، وتواقون إلى الفرح.

ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن كل صورة من صور المعرض تحمل رسالة محبة وسلام للعالم الحر وتدعوه من أجل العمل على تطبيق اتفاقيات جنيف واتفاقيات حقوق الإنسان على المواطن الفلسطيني.

أما المدير العام للفنون والتراث بوزارة الثقافة الفلسطينية عاطف عسقول فشدد على أن هدف المعرض هو التأكيد على تشبت أهل غزة بالأمل وحرصهم على البحث عن السعادة من وسط واقع الحصار الظالم.

المصدر : الجزيرة