"تنظيم الدولة" في إصدارات أدبية تونسية

غلاف كتاب "كنت في الرقة لكاتبه الهادي يحمد/معرض تونس الدولي للكتاب/العاصمة تونس/أبريل/نيسان 2017
يتنقل الكتاب بين "السيرة الذاتية والغيرية" برحلة مليئة بقصص إنسانية مشوقة حينا وبشعة أحيانا أخرى (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

يُضاف إصدار الكاتب الصحفي التونسي هادي يحمد بعنوان "كنت في الرقة" -الذي يتحدث فيه عن اعترافات شاب عن رحلته الطويلة التي أوصلته إلى تنظيم الدولة الإسلامية– إلى كتب إبداعية أخرى تحدثت عن السلفية الجهادية وتسفير الشباب التونسي إلى بؤر القتال.
 
ويأتي الكتاب الجديد بعد لقاء مطول جمع يحمد بـ محمد الفاهم (27 عاما) في مدينة إسطنبول عقب فراره من تنظيم الدولة بسبب "تكفيره لهذا التنظيم الذي كان يمجده" كما أنه يأتي بعد كتابه "تحت راية العقاب" الذي يغوص في ثنايا تفكير تنظيم أنصار الشريعة المحظور.

منذ البداية يغوص الكاتب -الذي اعتمد على أسلوب السرد على لسان بطل القصة "محمد الفاهم"- في أعماق تجربته لينقل من شهاداته كيفية نشأته بمدينة دورتموند الألمانية ثم انتقاله للعيش مع عائلته إلى مدينة نابل التونسية حيث اعتنق الفكر الجهادي قبل هجرته إلى سوريا.

وهذا الكتاب الذي راوح بين السيرة الذاتية المنقولة على لسان "الفاهم" وبين السيرة الغيرية، ينقل القارئ في رحلة إلى عالم مليء بقصص إنسانية مشوقة أحيانا وبشعة أحيانا أخرى تدور بقلب الرقة ومدن أخرى لترسم صورة متناقضة ومترابطة عن الحياة والموت.

 يحمد:
 يحمد: "كنت في الرقة" محاولة لفهم طريقة تفكير الشباب التونسي وأسباب انجذابهم لتنظيم الدولة

وسيجد القراء أنفسهم أمام شهادة حية لشاب كان يعشق موسيقى "الراب" والحياة، ثم تغيرت مسيرته باعتناقه الفكر الجهادي الذي جعله يفرط في الغالي والنفيس للهجرة إلى الرقة حيث انقلبت حياته رأسا على عقب وخاب ظنه في قيادات تنظيم الدولة حتى كفرها بسبب "غلوه" وفقا للكتاب.

يقول يحمد للجزيرة نت إن الهدف من هذا الكتاب هو محاولة فهم طريقة تفكير هؤلاء الشباب وأسباب انجذابهم إلى تنظيم الدولة. ويضيف بأنه فضلا عن كون الكتاب رواية حقيقية لتجربة القتال والعيش في الرقة فهو أيضا استرجاع لنشأة وطفولة ومراهقة الفاهم.

ويستمد الكتاب حبكته من السرد القصصي المليء بالأوصاف التي تضيء العتمة على الحياة في الرقة تحت حكم تنظيم الدولة، وتصور المعارك الدموية ومشاهد إقامة الحد والعلاقات داخل التنظيم، وهو بذلك يمثل مادة غزيرة للباحثين لفهم آليات التنظيم من الداخل.

غلاف
غلاف "مرايا الغياب" للكاتبة نبيهة العيسي

مرايا الغياب
وهذا الكتاب الجديد ثمرة جهد ضمن جهود أخرى حاولت نفض الغبار عن ظاهرة الجهادية وترحيل الشباب التونسي إلى بؤر النزاع بـ العراق وسوريا. وفي هذا المنحى جاءت رواية "مرايا الغياب" للكاتبة نبيهة العيسي التي فازت بجائزة "الكومار" الأدبي لعام 2015.

وتتحدث الرواية عن أم تدعى "آمنة" قررت السفر إلى سوريا بحثا عن ابنتها "منيار" التي تم تسفيرها إلى تنظيم الدولة، وتقول العيسي للجزيرة نت إنها استوحت فكرة الرواية من الواقع بعد سماعها من مذياع سيارتها شهادة أم ملتاعة التحقت ابنتها بسوريا.

ولكن الرواية -التي اعتمدت على السرد والمونولوج والخطاب الاسترجاعي- لا تصور الأحداث التي تعرضت لها الفتاة في سوريا بقدر ما تركز على وصف نفسية الأم الموجوعة وتشخص حالتي التفكك والإهمال داخل العائلة التي لم تتفطن إلى تبني ابنتها للفكر الجهادي.

‪غلاف
‪غلاف "الليالي السود" للكاتب الصحفي عبد الجبار المدوري‬ غلاف "الليالي السود" للكاتب الصحفي عبد الجبار المدوري (الجزيرة)

الليالي السود
وإلى جانب هذه الأعمال، برزت رواية "الليالي السود" التي استشرف منها الكاتب الصحفي عبد الجبار المدوري وقوع مدينة بنقردان الجنوبية المحاذية لليبيا تحت سيطرة تنظيم الدولة. وتتحدث عن صحفي يطلب منه رئيس تحريره تغطية الخبر عن الحادثة.

وتندرج الرواية ضمن ما يعرف بأدب الخيال السياسي، وقد كتبت قبل الهجوم الفاشل الذي نفذه مسلحو تنظيم الدولة ضد قوات الأمن والجيش في بن قردان في مارس/آذار الماضي، وهو ما كشف عن دراية "المدوري" بتحركات عناصر التنظيم والمناطق التي يسعون إليها.

وعن أهمية مثل هذه المؤلفات، يرى بعض النقاد التونسيين بأن "رواية الإرهاب" ما تزال غائبة في الأعمال الأدبية، وبهذا الصدد يقول الكاتب والناقد التونسي مختار الخلفاوي للجزيرة نت إنه لم يطلع على أعمال روائية تطرقت للظاهرة الإرهابية بطرق فنية وإبداعية.

ويضيف "حسب علمي ليس هناك من العناوين ما يحقق شروط الفن الروائي" واعتبر أن كتاب "كنت في الرقة" ليس رواية بحسب التحديد النوعي للتخيل الروائي وإنما هي "مزيج من نوعين أدبيين هما السيرة الذاتية والسيرة الغيرية" وأوضح أنها تصب في نوع صحفي وهو "البورتريه".

المصدر : الجزيرة