غيرهارد ريختر.. رسام أوروبا وبيكاسو القرن الحالي

German painter Gerhard Richter holds his piece 'Ella' (edition 163), 2014 Digital inkjet printing, in the Albertinum in Dresden, Germany, 25 February 2015. The 83-year-old artist re-installed the two exhibition rooms that are dedicated to him for the first time. The rooms will open to public on 28 February.
صحيفة الجارديان البريطانية وصفت الفنان الألماني غيرهارد ريختر بأنه "الفنان الأغلى والأكثر تأثيرا" (الأوروبية)

وصفت صحيفة نيويورك تايمز الرسام الألماني غيرهارد ريختر بأنه "أعظم رسام في أوروبا"، وقالت عنه صحيفة الجارديان البريطانية إنه "الفنان الأغلى، والرسام الأكثر تأثيرا"، وإنه بابلو بيكاسو القرن الـ21.

ربما تبدو هذه مبالغات بالنسبة لشخص عادى مثل ريختر؛ فهو رجل نحيف، ذو نظارات كبيرة، ويمكن أن تمر عليه دون أن تلاحظه، وهو نفسه لم يعتد أبدا أن يكون مركز الانتباه، حتى بعد أن بلغ من العمر 85 عاما في التاسع من الشهر الجاري.

يمثل ريختر بالنسبة للكثيرين تجسيدا للفضائل الألمانية القديمة الممثلة في النظام، والعمل الجاد والانضباط؛ فمرسمه يقع في مبنى منخفض من الطوب يشبه القبو في حي هانفالد الثري بكولونيا، وهي منطقة يقود فيها نجوم التلفزيون وغيرهم من المشاهير سياراتهم الفاخرة.

وخلف المبنى يقع منزله، حيث يعيش مع زوجته الثالثة تلميذته السابقة سابين موريتز، وابنهما البالغ من العمر 11 عاما، تيودور. وينفي ريختر بشدة تقارير عن أنه واحد من أغنى أغنياء ألمانيا، ولكن ليس هناك شك في أنه موسر العيش، بالنظر للأسعار القياسية التي تباع بها أعماله في  المزادات.

أحد المهتمين بالرسم أمام أحد أعمال الرسام الألماني غيرهارد ريختر(الأوروبية)
أحد المهتمين بالرسم أمام أحد أعمال الرسام الألماني غيرهارد ريختر(الأوروبية)

عمل ريختر بجد من أجل ماله، ولا يزال، ويظل في مرسمه الخاص كل يوم، وصارت كولونيا محل إقامته نوعا ما بطريق الصدفة، فهو ولد في درسدن عام 1932، وفر من ألمانيا الشرقية الشيوعية آنذاك عام 1961 وأصبح أستاذا في أكاديمية الفنون في دوسلدورف، فقط إلى الشمال انحدارا مع تيار النهر من كولونيا.

لا يناقش ريختر أعماله ويقل في الحديث عن نفسه، وعندما يتحدث بالفعل مع أحد الصحفيين يمكن أن يحدث إلى حد كبير أن يغير رأيه في ما بعد ولا يسمح لتصريحاته بالنشر. 

يمكن أن يكون الأمر غالبا هو بالضبط هذه الهالة من الغرابة هي التي أسست لمكانته في حياته الشخصية، كأحد أعظم الشخصيات على الإطلاق في تاريخ الفن.

في بداية حياته المهنية في ستينيات القرن العشرين، كان كثير من الناس يتحدثون عن نهاية فن الرسم، ثم جاء ريختر، إذ يعزو له العديد من مؤرخي الفن أنه أسهم بشدة في تقديم أهمية جديدة للرسم بأعماله التي تتناول بطريقة جديدة موضوعات بصرية قديمة مستهلكة مثل المناظر الطبيعية والبحيرات، والصور الشخصية، والرسوم العارية، وصور الأشياء والصور التاريخية.

وكانت إحدى تقنياته الجديدة التلطيخ على قماش الرسم، وأبرز حالة لذلك لوحته الشهيرة "إيما (عارية على الدرج)"، حيث تبدو الأنثى العارية تماما من الأمام غير واضحة المعالم، خارج بؤرة الرؤية كما لو كانت وراء حجاب شفاف.

ورغم أن المرأة تقترب من المشاهد فإلا أنها تظل بعيدة المنال، مسافة تبدو إلى حد كبير كتلك التي يحتفظ بها الفنان لنفسه.

وتبقى مشاهدة عمل ريختر الأكثر إثارة للإعجاب مجانية، وهي نافذة بارتفاع  19 مترا في الجناح الجنوبي من كاتدرائية كولونيا.

المصدر : الألمانية