مهرجان رام الله الشعري نافذة لمدن مغلقة

فلسطين رام الله 8 نوفمبر 2017 الشاعر الفلسطيني عمر زيادة يقرأ نصا شعريا مع مجموعة من الشعراء الأجانب في افتتاح مهرجان رام الله الشعري
الشاعر الفلسطيني عمر زيادة يقرأ نصا شعريا مع مجموعة من الشعراء الأجانب في افتتاح مهرجان رام الله الشعري (الجزيرة)
مرفت صادق ـ رام الله

من مجدل شمس في الجولان السوري المحتل قدم الشاعر ياسر خنجر إلى رام الله في الضفة الغربية، ليقرأ نصوصا عن ذاته كلاجئ وعن مأساته التي شبّت ووسعت شعبا بات مشتتا في أنحاء العالم بسبب ما يحدث في سورية. 

كان خنجر يقرأ بين عشرات الشعراء الفلسطينيين والعرب والأجانب في مهرجان رام الله الشعري الذي ينطلق بنسخة ممتدة لمهرجان "صوت الحياة " السنوي، ويحتفي بشعراء من حوض البحر الأبيض المتوسط، وعقد في دورته العشرين بمدينة سيت الفرنسية بالصيف الأخير. 

‪الشاعر السوري من الجولان ياسر خنجر يقدم نصوصا عن لجوئه الذاتي وتشتت الشعب السوري‬ (الجزيرة)
‪الشاعر السوري من الجولان ياسر خنجر يقدم نصوصا عن لجوئه الذاتي وتشتت الشعب السوري‬ (الجزيرة)

ويترجم ياسر خنجر، بحضوره وبنصوصه، مقولة التظاهرة الشعرية التي تنظم في رام الله للمرة الأولى، " إن القصيدة أصبحت ضرورة بشرية لأنها استجواب دائم للخاص والعام". 

يقول خنجر إن أحد وظائف الشعر هو التفاعل مع المجتمعات والتحول إلى جزء من تحولاتها، وهو محاولة لنقل الواقع من الحاضر إلى المستقبل

المكان: رام الله. الموضوع: نصيب الشعر من الحيّز العام، ونصيب الحيز من خصوصية المسافرين بين القديم وبين الجديد ..". بهذا النص القصير افتتح الشاعر الفلسطيني فارس سباعنة مهرجان رام الله الشعري مساء الأربعاء في مسرح المدينة البلدي، تحت شعار "من متوسط إلى متوسط". ويستمر حتى الحادي عشر من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بتنظيم من بلدية رام الله ومتحف محمود درويش.

ويشارك في المهرجان 32 شاعرا من فلسطين والأردن وتونس والمغرب والجزائر وإسبانيا وفرنسا واليونان وإيطاليا وغيرها، قدّم معظمهم نصوصا شعرية قصيرة في افتتاحه. 

ويراد لهذه التظاهرة الأدبية أن تصبح جسرا سنويا بين أدباء من أقدم حضارات العالم، يساهمون فرادى ومجموعات في قراءات تخرج من الصالونات وتنتشر لثلاثة أيام في فضاءات مدينتي رام الله والقدس العامة. 

يقول القائمون عليه إن استضافة الشعر المتوسطي المعاصر في رام الله والقدس، وهما مدينتان راسختان في تاريخ وحضارة البحر الأبيض المتوسط، هي دعوة لاحتضان مخيلة شعرية تتدفق من ثقافة مشتركة تتشاطرها بلدان عديدة في العالم وتُرى فيها جذور خاصة لحضارات ملهمة للآخرين. 

و"صوت الحياة" الذي يحمل شعار المهرجان الشعري والذي أقيم سابقا في تونس والمغرب، هو صوت الشعراء. ويقول هؤلاء إن الشعر هو الإحساس بتساؤلات الناس ونضالهم ومصاعبهم وأفراحهم وآمالهم. 

يقول الشاعر ياسر خنجر من الجولان، وهو صاحب دراسات في لغات وحضارات الشرق الأوسط القديم، إن تفاصيل شعر المتوسط مختلفة، ولكن التفاعل بين الشعراء في فعاليات أدبية هو احتمال تقارب وخلق فهم مشترك لقضايا المنطقة ومشاركتها مع جمهور شعوبهم المختلفة. 

ولم يتمكن خنجر من زيارة وطنه الأم "سورية" يوما، بسبب اعتقاله في سجون الاحتلال لسبع سنوات، وتحوّل الوطن بداخله إلى حالة لجوء ذاتية وجماعية إلى جانب كونه حلما قريبا وبعيدا في آن، وحاله حال عرب كثيرين في محيط المتوسط.

‪الشاعر الجزائري حميد طيبوشي يقرأ نصا شعريا في افتتاح مهرجان رام الله الشعري‬ (الجزيرة)
‪الشاعر الجزائري حميد طيبوشي يقرأ نصا شعريا في افتتاح مهرجان رام الله الشعري‬ (الجزيرة)

هواجس فردية أيضا
وفي المهرجان، الذي تبدأ جولاته الخميس، لا يتناول الشعراء هموم بلدانهم وقضاياها فحسب، بل يفيضون بهواجس ذاتية، كهاجس الشاعرة الفلسطينية هلا الشروف وتأملاتها الدائمة في نفسها عما فعلت في عمر يقترب من الأربعين. 

قرأت الشروف نصا قصيرا بعنوان " كذبت كثيرا في الشعر.. وما زلت أكذب". وقالت إن كل شاعر يأتي من ثقافة خاصة وله عالمه الخاص. 

وتنقلت الشروف منذ ولادتها في ليبيا إلى سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، وتقول إنها لم تشعر بأثر هذا التنقل في دول متوسطية تعايش قضايا وأزمات مختلفة، إلا بعد سنوات، حين أدركت انتماءها إلى الوطن كفكرة وإلى الأماكن التي كبرت فيها وللناس الذين عايشتهم. 

رغم ذلك سيلقي جزء من الشعراء العرب والأجانب نصوصا عن فلسطين وهي واحدة من غايات المهرجان؛ بأن تصبح فلسطين مادة مهمة في الشعر العربي والعالمي. 

وفي حدث متوقع هنا، منع الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة شعراء من دخول فلسطين للمشاركة في المهرجان هم: عبد الوهاب ملوح من تونس ورشيدة مدني من المغرب والأردني من أصل فلسطيني طاهر رياض. إلى جانب منع الشاعر الغزّي عثمان حسين من مغادرة القطاع المحاصر. 

وتعتقد مسؤولة الشؤون الثقافية في بلدية رام الله سالي عبد الكريم أن "صوت الحياة" يجمع ثقافات مختلفة ضمن حضارة البحر الأبيض المتوسط رغم اختلاف لغاتهم. 

وما يميز المهرجان، برأيها، خروج الشعراء لملاقاة الناس بأشعارهم في الأماكن العامة. كما أن وجوده في رام الله، رغم أنها ليست مدينة ساحلية على المتوسط، يظهر كيف يتحول الشعر إلى نافذة على العالم للمدن المغلقة بسبب الاحتلال.

المصدر : الجزيرة