"ملف سري" تعيد للمسرح بالسودان جمهوره الهارب

مشهد من المسرحية السودانية لقاء سري - السودان - مواقع التواصل
مسرحية "ملف سري" تنتقد بسخرية مريرة الواقع الاجتماعي والسياسي في السودان (مواقع التواصل)

استعاد المسرح في العاصمة السودانية الخرطوم جمهوره منذ نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، عندما بدأ عرض مسرحية "ملف سري" التي تنتقد بسخرية مريرة اختلال المجتمع السوداني وآفاته وخراب عقده الاجتماعي ونسيجه، وتسخر بحرفية ومهنية من نظامه السياسي.

وقد قابل الجمهور العرض في مسرح "قاعة الصداقة" بالهتاف والتصفيق أثناء العرض وبعد إسدال الستار، مستعيدا سيرة مسرحيات مشابهة قدمتها فرقة الأصدقاء المسرحية في مواسم سابقة، مثل "النظام يريد"، انتقدت الواقع المجتمعي بذات القالب الساخر الموجع.

وتدور أحداث "ملف سري" -وهي من تأليف المسرحي السوداني الشهير عوض شكسبير- في إحدى دور المسنين، وتتناول المفارقات التي يعيشها المسنون، من جحود الأبناء وتقصير السلطات عن رعايتهم وتسلل "الفساد" إلى الخدمة المدنية.

وظف المخرج بإتقان تقنية "الفلاش باك"، أو عودة صحو ذاكرة المسنين، في نقد السلطة والمجتمع عن طريق التحسر على ماضٍ يرونه أفضل، وفي نقد الأطباء وفرق التمريض، والسلطات المسؤولة عن الدار.

تقوم المسرحية على "تقنية تعدد البطل"، فهي بلا بطل منفرد تنتهي بموته، لذا كان كل الممثلين أبطالا وإن بدرجات متفاوتة، ومن خلال هذه التقنية استجلب المخرج قدرات طاقمه التمثيلية والدرامية، وأنتج دراما لن تنساها الخرطوم قريبا.

ثلاثة رجال وامرأة، يواجهون مصيرا قاسيا في دار مسنين، مصير يحركه "مجهول لئيم"، لكنه معلوم. يقول الأستاذ "تنوير" -أحد الأبطال- في لحظة تذكر: "زوجة ابني رفضت مرافقتي لهم، سافروا لأميركا وتركوا الباب مفتوحا فخرجت وراءهم، هو نفس الباب الذي كنت أسده حتى لا يخرج ابني عندما كان صغيرا".

الرجال الثلاثة والسيدة -حين تستيقظ ذاكراتهم- يخوضون معاركا ضد فساد الإدارة، فتستخدم ضدهم المسكنات. وحين تبلغ الميلودراما ذروتها، يعلمون بزيارة وفد حكومي للدار، فيتهيؤون بأوراقهم و"منشوراتهم"، لكن مهرجان الزيارة يُلغى، ليكتشفوا الحقيقة المريرة من هدف الزيارة، وأن معاناتهم ستزيد بـ"بيع الدار"!.

شكسبير -كاتب النص- لعب دور الطبيب الفاسد الذي لا يأنف فعل أي شيء لـ"يكمل" بناء منزله، مستعينا بمهارات الممرض الفاسد "فرقة" ولو على حساب "حليب فاقدي الذاكرة" في عهدته. يقول شكسبير إن الفكرة جاءته بعد زيارات عادية لدور المسنين، فشعر بالمرارة لواقعهم.

المصدر : وكالة الأناضول