"تالة حبيبتي".. يستعيد ثورة تونس

معلقة فيلم "تلة حبيبتي" أو "تالة مون آمور"/العاصمة تونس/يناير/كانون الثاني 2017
ملصق الفيلم (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

يسترجع الفيلم التونسي "تالة حبيبتي" بكثير من الواقعية والمشاعر الصادقة الأجواء المشحونة التي عاشتها مدينة تالة الواقعة في محافظة القصرين (وسط غربي البلاد) إبان اندلاع الثورة التونسية التي سقط خلالها عشرات الضحايا، وانتهت بخلع الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

ويغوص هذا الفيلم الروائي الأول للمخرج مهدي الهميلي في أحداث واقعية عاشها المخرج نفسه في مسقط رأسه مدينة تالة، التي انتفض أهلها بعد توسع رقعة الاحتجاجات ضد النظام السابق للمطالبة بالحرية والكرامة، لكنهم جوبهوا بالقمع والرصاص، وهو ما تسبب في مقتل عدد من المحتجين.

ويتمحور سيناريو الفيلم -الذي بدأ عرضه قبل ثلاثة أيام من حلول الذكرى السادسة للثورة وسقوط بن علي (14 يناير/كانون الثاني 2011)- حول قصة فتاة شابة تدعى حورية تعمل في مصنع للنسيج، لكنها تناضل بلا هوادة من أجل كسب معركة الحرية ضد نظام الظلم والاستبداد.

وبالرغم من أنها متزوجة من رجل لا يؤمن بالثورات الشعبية، ويخشى من سطوة القبضة الأمنية في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، ظهرت حورية -التي جسدت دورها الممثلة نجلاء بن عبد الله- قوية ومتمردة على السلطة من خلال استبسالها في المشاركة في التحركات.

وحول رمزية هذه الشخصية المتمردة صرحت الممثلة التونسية نجلاء بن عبد الله للجزيرة نت بأن فيلم "تالة حبيبتي" يعد تكريما للمرأة التونسية التي كان لها دور فعال في التحركات الاحتجاجية ضد النظام الديكتاتوري، موضحة أن حورية تمثل المرأة التونسية بمختلف شرائحها.

‪هذا الفيلم هو الأول للمخرج مهدي الهميلي‬ (الجزيرة)
‪هذا الفيلم هو الأول للمخرج مهدي الهميلي‬ (الجزيرة)

عاطفة
ومع أن أجواء المواجهات مع الأمن كانت طاغية على الفيلم الذي شحنه المخرج بموسيقى مؤثرة تبرز الانفعالات وتضفي على مشاهد سقوط المتظاهرين بالرصاص مشاعر الحزن، فإن العاطفة كانت حاضرة بقوة من خلال إصرار البطل محمد على إقناع حورية بالهروب معه خارج البلاد.

وشخصية محمد -التي يجسدها الممثل غانم الزرلي- متعاطفة مع أهالي مدينة تالة وثوارها، لكن خضوعه سابقا للتعذيب والاعتقال لسنوات بسبب مشاركته في احتجاجات ضد النظام جعله محبطا بعد خروجه من السجن، ولا يبحث إلا عن حياة جديدة مع حورية، لكن تغير مبادئه خيب أملها وأحبطها.

وحول الفيلم يقول المخرج الهميلي إن "تالة حبيبتي" يتحدث بواقعية مخلصة وصادقة عن جزء من الأحداث التي عرفتها مدينته تالة، مبينا أنه "يتحدث عن الناس الذين آمنوا بالمسار الثوري وشاركوا فيه، كما يتحدث عن الناس الذين لم يؤمنوا أيضا بقيمة الثورة".

ويرى الهميلي أن عرض الفيلم أمام الجمهور بالتزامن مع حلول الذكرى السادسة للثورة التونسية مهم للغاية للتذكير بالوهج الثوري، مشيرا إلى أن فيلمه يتوجه إلى الناس الذين يؤمنون بمواصلة الحراك الثوري لتغيير الواقع نحو الأفضل، رغم حالة الإحباط التي يشعر بها البعض.

‪جانب من الحضور لمشاهدة الفيلم‬ (الجزيرة)
‪جانب من الحضور لمشاهدة الفيلم‬ (الجزيرة)

قريب من الواقع
ونال هذا الفيلم إعجاب العديد من المشاهدين، مثل الطالب الشاب محمد الذي يقول للجزيرة نت إن الفيلم كان قريبا من الواقع بفضل محاكاته بصدق بعض مشاهد الاشتباكات الدموية، وحالة الفوضى داخل المستشفيات وتوثيقه مظاهر العنف اللغوية والجسدية لدى بعض رجال الأمن.

من جهتهما، يقول الشابان علاء وأسامة إنهما استمتعا بالفيلم لأنه استطاع أن يقدم صورة حقيقية عن الأحداث التي عرفتها مدينة تالة بالقصرين، التي كان لها دور كبير في توسع رقعة الاحتجاجات، وأكدا أن طرح مثل هذا الفيلم بالتزامن مع ذكرى الثورة يسهم في ترسيخ المسار الثوري لدى الشباب.

يشار إلى أن فيلم "تالة حبيبتي" كان عرض لأول مرة على هامش الدورة 27 لأيام قرطاج السينمائية نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولقي إقبالا كبيرا من قبل الجمهور، لكنه لم يحرز أي جائزة.

undefined

 

المصدر : الجزيرة