كتاب إسرائيلي: الصهيونية أفسدت التعايش بفلسطين

غلاف الكتاب " مترابطوزن- قصة ابناء البلاد" لمناحم كلاين

وديع عواودة-حيفا

يؤكد كتاب إسرائيلي جديد أن الفلسطينيين عاملوا اليهود في فلسطين معاملة ممتازة قبل ظهور الصهيونية، وأن الأخيرة هي التي أدت لتدهور العلاقات بين الطرفين.

ويرسم كتاب "مترابطون" الصادر بالعبرية لمؤلفه مناحم كلاين ملامح الحياة المشتركة للعرب واليهود في عدة مدن في فلسطين نهاية القرن الـ19 ومطلع القرن العشرين.

ومن خلال عنوان الكتاب، يقول كلاين إن حياة اليهود والعرب اليومية كانت مترابطة بالتجارة، التعليم، والمناسبات على أنواعها.

ويدّعي استنادا لروايات شفوية ومذكرات ووثائق فلسطينية ويهودية وأجنبية أن ذلك نجم عن ضعف الحكم العثماني وتشكل هوية محلية جامعة في فلسطين فوق الدوائر الدينية.

أولاد البلد
ويلاحظ المؤلف أن الفلسطينيين ميزوا بين "اليهود العرب" و"اليهود المهاجرين الجدد"، ونعتوا الأوائل بأولاد البلد، ويتحدث عن علاقات طيبة بين الجانبين في ذلك الحين.

مدينة طبريا قبل تهجير سكانها الفلسطينيين عام 1948 وامتازت قبل ظهور الصهيونية بالعلاقات الحسنة بين العرب واليهود(الجزيرة)
مدينة طبريا قبل تهجير سكانها الفلسطينيين عام 1948 وامتازت قبل ظهور الصهيونية بالعلاقات الحسنة بين العرب واليهود(الجزيرة)

ووفق مذكرات يعقوب ألعازر -وهو يهودي من القدس– فقد احترمت النساء الفلسطينيات التقاليد الدينية اليهودية، حيث يمتنعن -على سبيل المثال- عن انتشال المياه من الآبار في أيام السبت مراعاة لمشاعر جاراتهن اليهوديات.

وتؤكد ذلك أيضا ميسر زيداني من مدينة طبريا فتقول للجزيرة نت إنها سمعت من أقربائها عن علاقات الجيرة الممتازة بين اليهود والعرب فيها تاريخيا إلى أن بدأ الصراع على البلاد، وتستذكر زيداني أن بعض المدارس في المدينة كانت مشتركة، وأن بعض الفلسطينيين واليهود في المدينة تبادلوا تسميات عربية وعبرية لأبنائهم.

طبريا
وتضيف "لكن الأوضاع تفجرت حينما بدأت الصهيونية تتطلع للسيطرة على البلاد وفرض سيادتها، فكانت طبريا أول مدينة تسقط في فلسطين".

ويتوقف كلاين عند أعمال اقتصادية مشتركة لفلسطينيين ويهود، وتقاسم عائلات من الطرفين ساحات البيوت، وقضائهم أوقات الفراغ بأماكن ترفيه واحدة، ناهيك عن دراستهم في طبريا ويافا والقدس في المدرسة نفسها.

وعلى نسق المؤرخين الإسرائيليين توم سيجف وهليل كوهن اللذين حاولا استعراض تاريخ البلاد من زاوية إنسانية، يدلل كلاين على مزاعمه بأمثلة كثيرة؛ فيقول -مثلا- إن اليهود شاركوا أيضا في موسم النبي روبين في يافا، بينما شارك فلسطينيون في مسيرة شيمعون الصديق اليهودية في القدس.

كما يشير إلى مشاركة شيوخ وحاخامات بصلوات استسقاء مشتركة في أيام القحط بفلسطين، ويؤكد أن المهاجرين الجدد هم سبب دق الأسافين بينهما.

الماضي والمستقبل
ويستشهد كلاين برئيس بلدية القدس موسى كاظم الحسيني الذي يقول إن العرب لا يكرهون اليهود كيهود، على العكس، لكنهم يرفضون أن تقوم الأقلية وتعلن سيادتها على البلاد.

محمود يزبك: لا مستقبل لإسرائيل ما دامت ترى نفسها قلعة صليبية في المنطقة(الجزيرة)
محمود يزبك: لا مستقبل لإسرائيل ما دامت ترى نفسها قلعة صليبية في المنطقة(الجزيرة)

ويتابع "هذا لا يعني أن البلاد خلت من الصدامات بين عرب ويهود؛ فهذه كانت تقع، لكنها بقيت تحت السيطرة ولم تنسف علاقات الشعبين".

وينتقل الكتاب من الكتابة التاريخية للتعبير عن معتقداته وآرائه تجاه الصراع الراهن، ويحاول الربط بين الماضي الإيجابي والحاضر السلبي.

وعن ذلك يقول كلاين للجزيرة نت إنه قدم صورة حقيقية للواقع في فلسطين التاريخية، تختلف عن صورتها في مناهج التعليم الإسرائيلية.

وكلاين -وهو أحد شركاء مبادرة جنيف– يعترف بأنه ينتقل من الكتابة التاريخية لتقديم رؤيته القائمة على إمكانية استرجاع الحياة المشتركة لليهود والعرب في البلاد اليوم.

ويتفق مع كلاين المؤرخ الفلسطيني محمود يزبك، الذي يقول للجزيرة نت إن الصهيونية والحركة الوطنية الفلسطينية تغيبان ما ذكر بالرواية التاريخية لكل منهما.

كما يتفق يزبك مع تقديرات كلاين بأنه لا مستقبل لإسرائيل ما دامت ترى نفسها قلعة صليبية هنا، وعادت من حولها ومن فيها، كما يدعو لتسوية دولتين مع حيز جغرافي واحد ومفتوح يعترف كل طرف بالصلة التاريخية للطرف الثاني بالبلاد.

المصدر : الجزيرة