سندريلا تتجوّل في صحراء النقب

المكتبة المتنقلة
جمعية "نساء اللقية" ترعى عددا من المشاريع التنموية تخص الأطفال ومنها المكتبة المتنقلة بهدف دعم القراءة (الجزيرة)

بيسان العمري-النقب

تسلك شاحنة دربها بصعوبة بين الهضاب الصحراوية والطرق غير المعبدة لتتوقف أمام خيمة أُعدت لمهرجان القراءة الأول الذي تنظمه جمعية "نساء اللقية" بقرية اللقية في النقب داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

تُفتح أبواب الشاحنة لتُنزِل لينا الصانع منها رفوفا تحمل كتبا وقصصا فيتسابق الأطفال لاختيار كتاب سيكون رفيقهم ذاك الأسبوع, وها هي الفتيات تتلاقفن قصة سندريلا الشهيرة.

توزّع منسقة المكتبة المتنقلة بالجمعية لينا ورفيقاتها المتطوعات, القصص على الأطفال، ثم تجلس معهم تحت ظل الخيمة لتقصّ عليهم حكاية جديدة.

وقالت لينا الصانع للجزيرة نت "عندما نزرع القيم بالطفل يعرف قيمته وأنه يقدر أن ينجح، ومن لا يقرأ يعتقد أنه جاهل فينسى حقوقه وقوّته".

حمارٌ وعربة
تذكر لينا عربة يجرّها حمار كانت تسير في حارات بلدتها محمّلةً بالقصص والكتب فكانت تنتظرها لتسجّل في دفتر صغير اسم القصة الجديدة التي تقرأها لعل الدفتر يمتلئ بعناوين القصص المثيرة والغريبة.

لينا الصانع: عندما نزرع القيم بالطفل يعرف قيمته وأنه يقدر أن ينجح(الجزيرة)
لينا الصانع: عندما نزرع القيم بالطفل يعرف قيمته وأنه يقدر أن ينجح(الجزيرة)

تحوّل الحمار وعربته لشاحنة تحمل عددا أكبر من الكتب والقصص بعد زيارة سيدة بريطانية،  ترفض الإعلان عن اسمها، للقرية وتبرعها للمكتبة وفعالياتها قبل حوالي 16 عاما.

وتشرف أربع فتيات على المكتبة كل عام وتنتقلن مع المكتبة بين عدد من القرى العربية المعترف بها وغير المعترف بها، لتكون المكتبة الوحيدة لأطفال المنطقة.

وتقدم جمعية "نساء اللقية" منحا دراسية لأربع طالبات جامعيات كل عام، بشرط تطوعهنّ للعمل مع مشروع المكتبة المتنقلة لضمان استمراريتها.

وقالت مديرة الجمعية أسماء الصانع "ذكرياتي كطفلة كنا نتجه لمنزل أمل ونعمة وحِسن الصانع بالقرية، فيعلمننا الدبكة أو نشاهد مسرحية أو نتعاون على تنظيف الحارة".

مشاريع تربوية
بدأت أعمال "نساء اللقية" التطوعية عام 1986 بالقرية البدوية الصغيرة شمال مدينة بئر السبع, عندما اجتمعت أربع فتيات وقررن تقديم فعاليات للأطفال في منطقة تفتقر لأي مؤسسات أو مراكز تثقيفية أو توعوية، وسجلت الجمعية رسميا عام 1992.

ترعى الجمعية عددا من المشاريع التنموية تخص الأطفال والشباب والنساء منها تطريز البادية والقيادة الشابة ومحو الأمية والمكتبة المتنقلة. يقدم مشروع تطريز البادية الفرصة للنساء -اللاتي يصعب عليهن العمل خارج المنزل- الإمكانية للعمل بالتطريز الفلسطيني التراثي وتسويقه.

وتصر على تقديم محاضرات توعوية واجتماعية تعرّف النساء على حقوقهن وتعلمهن القراءة. ويشارك عشرات طلاب السنوات الإعدادية والثانوية المدرسية بمشروع القيادة الشابة الذي يهدف لتوعية الجيل الشاب بهويته وانتمائه الفلسطيني. وقالت الصانع إن 80% من خريجي القيادة الشابة يكملون تعليمهم بالجامعات والكليات.

تبعد قرية اللقية 15 دقيقة فقط عن معبر إيريز العسكري الإسرائيلي المحاصِر لقطاع غزة, وتمتزج العلاقات الاجتماعية والقرابة العائلية بين أهالي اللقية والقطاع الذين فصلهم الاحتلال الإسرائيلي عن محيطهم بشكل نهائي عام 2005 بتنفيذه خطة الانفصال الأحادي الجانب. ويسكن اللقية أيضا أهالي قرية الشريعة القريبة التي هجّر أهلها في نكبة 1948.

يقتسم البدو الفلسطينيون صحراءهم مع عشرات الآلاف من المستوطنين، وترفض إسرائيل الاعتراف بأكثر من ثلاثين قرية فلسطينية بالنقب منذ عام 1948, وهم محرومون من أي أسس للبنية التحتية والخدمات الأساسية منها شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء والمرافق المدنية.

المصدر : الجزيرة