اللاجئون "ضيف خاص" بمهرجان برلين السينمائي
أمير العمري-برلين
يصور الفيلم -الذي يمزج بين الأسلوبين الروائي والتسجيلي من خلال تفاصيل غير مسبوقة من قبل في أي فيلم سينمائي- مأساة اللاجئين الأفارقة والسوريين والعراقيين الذين يعبرون البحر المتوسط هربا من الحروب الأهلية والصراعات العرقية والدينية في بلادهم، ويغرق معظمهم في مياه البحر، بينما تتمكن البحرية ودوريات السواحل الإيطالية من إنقاذ أعداد قليلة منهم.
وتدور مشاهد فيلم "نار في البحر" قبالة سواحل جزيرة لامبيدوزا الإيطالية أو في الجزيرة نفسها، وتصور المأساة المستمرة التي يتعرض لها اللاجئون، وكيف يتم انتشال بعضهم من عرض البحر، وكيف تتعامل معهم السلطات الإيطالية، والمشاكل التي يواجهونها في حياتهم الجديدة داخل المعسكرات المغلقة التي تضعهم فيها السلطات.
ويتناول الفيلم أيضا حياة الصيادين في الجزيرة، ويركز بوجه خاص على تفتح وعي طفل يدعى صامويل، في علاقته بأسرته وأصدقائه وطموحاته المستقبلية، كما يكشف الكثير من التفاصيل المجهولة عن معاناة اللاجئين من خلال ما يسجله من شهادات مباشرة وعفوية سواء من خلال التداعيات الصوتية أو الأغاني التي ينشدونها.
حنين للوطن
ويتطرق الفيلم المصري "آخر أيام المدينة" -أول أفلام المخرج تامر السعيد- لقضية الهجرة إلى أوروبا من خلال شاب عراقي يعيش في برلين لكنه يلتقي الآن بأصدقائه من لبنان والعراق ومصر في القاهرة في إطار ندوة ثقافية ثم يشتبك الجميع معا في حوارات ساخنة تتضمن مقارنات بين حال المدن العربية مثل بغداد ودمشق وبيروت والقاهرة، وبين الحياة في برلين، وشعور كل منهم تجاه بلده.
وبينما يعبر معظمهم عن رغبة في الهجرة، يتمسك شاب عراقي قادم من بغداد بالبقاء في مدينته رغم كل شيء، إلا أننا سنعرف في النهاية أنه فقد حياته في أحد الانفجارات اليومية التي تستهدف المدنيين هناك.
وفي الفيلم التونسي "نحبك هادي" للمخرج محمد بن عطية، نرى شخصية شقيق البطل، وهو مهندس هاجر إلى فرنسا وتزوج من فرنسية واستقر هناك، وهو يعود إلى تونس لحضور حفل زواج شقيقه، ولكن دون أن تأتي معه زوجته الفرنسية وابنته منها، بسبب رفض والدته قبولها وسط الأسرة، وهي مشكلة تسبب الكثير من المعاناة للرجل المتمزق بين ولائه لأسرته وانتمائه للبلد الذي هاجر إليه وأتاح له فرصة العمل الكريم.
قصف ونزوح
وفي فيلم "الطريق إلى إسطنبول" للمخرج الجزائري الأصل رشيد بوشارب نشاهد في مشاهد مكثفة، فرار الكثير من اللاجئين السوريين من بلادهم عبر الحدود التركية، وكيف تتعامل معهم السلطات على الجانب الآخر من الحدود، بينما تحلق المروحيات الحربية فوق رؤوسهم، كما نشاهد قصف ودمار القرى السورية القريبة من الحدود.
ورغم أن الفيلم يصور بحث امرأة بلجيكية عن ابنتها التي ذهبت مع صديقها وعبرت لكي تنتمي إلى تنظيم الدولة الإسلامية، فإن مشاهد اللاجئين الذين تنضم إليهم السيدة البلجيكية خلال سعيها للوصول إلى طريقة لاختراق الحدود والوصول إلى ابنتها في مدينة الرقة بسوريا، تظل من أكثر مشاهد الفيلم التي تبقى في الذاكرة.
وكان مدير مهرجان برلين ديتر كوسليك وجه الدعوة إلى ألف شخص من اللاجئين السوريين في برلين لحضور عروض المهرجان والمشاركة في المناقشات التي تعقب عرض الأفلام، معلنا تضامن المهرجان معهم، كما يعرض بالمهرجان فيلم سوري بعنوان "منازل بلا أبواب" للمخرج السوري الأرمني الأصل كابريليان صوره في حلب وسط أجواء النزوح الجماعي للفارين من الحرب.