لخوص: الكتابة باللغات الأجنبية تثري رؤيتي للعالم

الروائي الجزائري عمارة لخوص
الروائي الجزائري عمارة لخوص

حاوره/ مصطفى فرحات

يكشف الروائي الجزائري عمارة لخوص في هذا الحوار عن رؤيته لأسباب غياب الأدب العربي عن إيطاليا، والعوائق التي تحول دون تحليق الإبداع المكتوب بلغة الضاد في سماء أوروبا وأميركا.

جوانب من تجربته الإبداعية في الكتابة بالعربية أولا، ثم الإيطالية والإنجليزية ثانية، وما تشكله هذه التجربة من ثراء بالنسبة له.

والروائي عمارة لخوص من مواليد 1970 بالجزائر العاصمة، وتخرج في معهد الفلسفة بجامعة الجزائر، وحصل على دكتوراه في الأنثروبولوجيا من جامعة روما.

نشر من أعماله رواية "البق والقرصان"، ثم "كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك" بالعربية، وأعاد كتابتها بالإيطالية، ونشرها باسم "صدام الحضارات حول مصعد في ساحة فيتوريو"، وترجمت إلى لغات عديدة، كما تم تحويلها إلى فيلم سينمائي.

وأصدر بعد ذلك روايات مثل "طلاق على الطريقة الإسلامية في حي ماركوني" (نشرت عربيا بعنوان "القاهرة الصغيرة")، و"فتنة الخنزير في حي سان سالفاريو".

 undefined كيف تقيّم الحضور الأدبي العربي في إيطاليا والدول التي اقتربت من اهتماماتها الأدبية؟

ينبغي الحديث عن الغياب وليس الحضور؛ فللأسف لا توجد إستراتيجية للتعريف بالأدب العربي؛ فالملاحق الثقافية للسفارات العربية -مثلا- مهتمة بتنظيم حفلات البذخ بدلا من تشجيع المترجمين ودور النشر الكبيرة على انتشار الأدباء العرب.

يكفي أن نعقد مقارنة بسيطة في حقل الترجمة بين الأدب العربي ونظيره الإسرائيلي؛ حيث إن هناك احتفاء كبيرا بالأدباء الإسرائيليين في إيطاليا، وتصدر أعمالهم في دور نشر كبيرة مثل "إيناودي" و"فلترينلي"، عكس الروائيين العرب الذين تصدر أعمالهم في دور نشر صغيرة، ويتولى أمر الترجمة فيها -في أغلب الأحيان- طلبة إيطاليون في اللغة العربية لا يملكون تجربة كافية.

في هذا الإطار، ينبغي أن ننوه بدور مجموعة من المترجمين والأساتذة في الأدب العربي في إيطاليا مثل إزابيلا كاميرا دافليتو وفرانشيسكا كوراو وفرنشيسكو ليجو ووسيم دهمش الذين أوصلوا صوت الأدباء العرب إلى القرّاء الإيطاليين؛ لقد قاموا بعمل رائع للتعويض عن تقاعس وزارات الثقافة والسفارات العربية عن أداء واجباتها.

undefined هل ترى أن الكتابة باللغة العربية عائق أمام وصول النص إلى القارئ باللغات العالمية الأخرى؟

أعتقد بأن اللغة عموما وسيلة ولا تمثل عائقا، ولا تكمن المشكلة في اللغة العربية وإنما في عجزنا عن إيصال الأدب العربي إلى لغات أخرى.

undefined

في هذا السياق، ينبغي أن نطرح على أنفسنا سؤالين: ماذا نكتب؟ وكيف نكتب؟ فالروايات -مثلا- التي تستثمر في المكبوت الجنسي والسياسي والتحايل الممل على الرقيب الداخلي والخارجي لا تشد القارئ الإيطالي والغربي عموما، هناك نصوص بعيدة عن الأدب، فهي أقرب إلى المنشور السياسي وبوح الحرمان الجنسي.

إضافة إلى ذلك، هناك مشكلة في طريقة السرد، مثلا تجد حوارات طويلة لا غاية منها إلا إطالة عدد الصفحات وإرهاق القارئ، وأنصح الكتّاب المبتدئين بالمثابرة على قراءة ألف ليلة وليلة وتعلّم أصول الحكي البسيط المفعم بالتشويق والمتعة، تعلموا الكتابة القصصية من شهرزاد.

undefined بعد تجربة روائية باللغة العربية، انتقلت للكتابة الإبداعية باللغتين الإيطالية ثم الإنجليزية، فما الفروق التي لمستها بين التجربتين؟

الكتابة الإبداعية تقوم على ركيزتين أساسيتين: من جهة الاشتغال على اللغة من أجل إبداع أسلوب متميز، ومن جهة أخرى بلورة رؤية جديدة للعالم بناء على التجارب المعرفية والحياة.

عشت في إيطاليا ١٨ عاما، ونشرت أربع روايات بالإيطالية، ثم انتقلت للعيش في نيويورك قبل عامين. الهجرة بالنسبة لي هجرة في اللغة في المقام الأول، ولكنني لم أقطع أبدا جذوري اللغوية والثقافية، إذ لا أزال أكتب بالعربية؛ فأنا كالشجرة المتحركة التي تتنقل من مكان إلى آخر حاملة جذورها وباحثة عن ظروف أفضل للحياة، والهدف الأساسي من الكتابة باللغتين الإيطالية والإنجليزية هو إخصاب أسلوبي في الكتابة وإثراء رؤيتي للعالم.

undefined وكيف تلقى القراء والنقاد في الغرب رواياتك؟

 بشكل جيد؛ فرواياتي مترجمة من الإيطالية إلى ثماني لغات، وحوّلت الرواية الأولى إلى فيلم سينمائي، إضافة إلى اقتباسات مسرحية عديدة، وهناك احتفاء أكاديمي كبير بأعمالي، خاصة في الجامعات الأميركية، وقبل أيام قليلة حضرت حلقة بحث حول فكرة الخوف في رواياتي في جامعة كولومبيا.

undefined في رأيك، ما العوامل التي تحول دون تحوّل الأدب العربي -في مجمله- إلى أدب عالمي؟

الأدب الجيد يفرض نفسه مهما طال الزمن. وفي رأيي، هناك عوامل تسهم في نقل أي أدب من طور المحلية إلى العالمية، ومن ذلك جودة النصوص التي تتطلب جهدا كبيرا في الكتابة، فالعبرة ليس في الكمية كأن تنشر رواية كل عام، هناك أدباء خلدوا أسماءهم برواية وحيدة.

كما أن الأدب صنعة وحرفة تتطلب لجان قراءة ومحررين أدبيين وناشرين حقيقيين يحبون الأدب الجيد ولا يكتفون بدورهم المطبعي والتجاري.

المصدر : الجزيرة