فيلم مغربي يدعو للتصالح مع "سنوات الرصاص"

ملصق الفيلم المغربي دموع إبليس
فيلم "دموع إبليس" يتبنى رؤية تدعو للتسامح والتصالح مع الذات ونسيان "الماضي الأسود" من أجل الاستمرار (مواقع التواصل)

يحظى فيلم "دموع إبليس" للمخرج المغربي هشام الجباري باهتمام كبير بالنظر لطبيعة موضوعه؛ إذ يتناول حقبة مظلمة من تاريخ البلاد تنعت "بسنوات الرصاص"، وهي تمتد بين ستينيات وثمانينيات القرن الماضي، وعرفت اعتقالات لأسباب سياسية واختطافات وتعذيب معارضين للنظام الحاكم.

ويخرج "دموع إبليس"، وهو الفيلم السينمائي الأول لمخرجه، عن التقليدية في تناوله تلك الحقبة، حيث يتبنى رؤية مختلفة لا تتعلق بالكشف عن الظلم، بقدر ما تدعو إلى التسامح والتصالح مع الذات، ونسيان "الماضي الأسود" من أجل الاستمرار.

ينطلق الفيلم بعودة بطله المدرس "حسن الشاهد" (يؤدي دوره الممثل رشيد الوالي)، إلى بلدته بعدما قضى 18 سنة من عمره في معتقل "أكدز" جنوبي البلاد (معتقل سري كان يخضع فيه المعتقلون السياسيون للتعذيب)، هو ومجموعة من رفاقه؛ بسبب أفكارهم ومواقفهم المؤيدة للحرية، والداعية إلى الثورة من أجل التغيير.

وبمجرد عودته، وقضاء ليلة واحدة قرب زوجته (تؤدي دورها فاطمة عاطف) التي فقدت ابنهما الأول والوحيد مباشرة بعد اعتقاله، يقرر المدرس الانتقام من "الجلاد" واستعادة كرامته وكرامة رفاقه الذين عانوا من جبروت الجلاد "جلال"، المسمى لدى المعتقلين "إبليس"، الذي استقال من وظيفته، وقرر القيام برحلة سياحية مع زوجته (تؤدي دورها آمال عيوش)، وطفليه؛ لتعويضهم عن فترات غيابه الطويلة عنهم.

فيلم "دموع إبليس" فاز بعدة جوائز داخل المغرب وخارجه، منها جائزة أفضل صورة وأفضل صوت بالدورة 17 للمهرجان الوطني المغربي للفيلم بمدينة طنجة، وجائزة "الشاشة الذهبية" للدورة العشرين من مهرجان "الشاشات السوداء" بالكاميرون

وأثناء الرحلة، يتسلل "حسن" لسيارة التخييم (عربة مقطورة) الخاصة بجلال وأسرته، ويحول رحلتهم من مدينة الدار البيضاء (جنوب) إلى مدينة زاكورة (جنوب شرق)، ثم معتقل أكدز.

ويلجأ حسن ورهائنه إلى البلدة لعلاج أحد طفلي جلال من أزمة حادة لمرض السكري، لدى طبيب البلدة، يدعى "عيسى" (يؤدي دوره يونس ميكري)، وهو طبيب عسكري أصيب في رجله، وقضى فترة رهينة لدى مسلحي "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" (البوليساريو)، التي تنازع المغرب السيادة على إقليم الصحراء الغربية.

ورغم محاولات عيسى وزوجته مريم (أدت دورها فاطمة الزهراء بناصر)، إقناع حسن بمسامحة جلال وتركه لعذاب الضمير، فإن حسن ظل مسكونا بالرغبة في الانتقام، ففضح جلال أمام زوجته وطفليه، إذ كانوا يعتقدون بأنه يعمل في الجيش؛ لتنتهي القصة بانتحار زوجة جلال بمسدس زوجها، الذي وضعه في يدها لتقتل حسن، بعدما قتل عن طريق الخطأ أحد طفليهما.

ويجمع "دموع إبليس" بين جمالية التصوير وقوة الأداء والحركة؛ فهو يقدم صورا رائعة لواحات جنوبي المغرب ومناظره الطبيعية الخلابة، وصورا لوجوه حفر تجاعيدها الألم والعذاب: الأم والزوجة من فرط الانتظار، والمدرس والطبيب من فرط العذاب والإحساس بالقهر، والسجان بسبب عذاب الضمير، الذي لا يسمح بالنوم.

أما قوة الأداء في هذا العمل السينمائي فتعود إلى كونه يضم نخبة مهمة من الممثلين المغاربة، على رأسهم رشيد الوالي، ويونس ميكري، وإسماعيل أبو القناطر، وأمل عيوش، وفاطمة الزهراء بناصر، وفاطمة عاطف، وآخرون.

وتوج الفيلم بجوائز داخل المغرب وخارجه، منها جائزة أفضل صورة وأفضل صوت في الدورة 17 من المهرجان الوطني المغربي للفيلم بمدينة طنجة، وجائزة "الشاشة الذهبية" للدورة العشرين من مهرجان "الشاشات السوداء" بالعاصمة الكاميرونية ياوندي.

وقال مخرج الفيلم وكاتب السيناريو هشام الجباري إنه استغرق خمسة أعوام للتجهيز لهذا العمل، من حيث الكتابة والتصوير والمونتاج، لتقديم عمل سينمائي ناجح، لا سيما أنها تجربته السينمائية الأولى بعد عدد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية.

المصدر : وكالة الأناضول