سؤال "الرواق الثقافي" بإسطنبول: هل مات حنظلة؟

مشاركون في الرواق الثقافي
ناقش المشاركون قضية استمرار الرمز الفني بعد رحيل صاحبه (الجزيرة نت)

خليل مبروك-إسطنبول 

بعد 28 عاما على رحيل رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، ما زالت شخصية رسومه شاهدا على قصة شهيد لم يقتله رصاص الغدر إلا بكاتم الصوت. ويتعامل الأدباء الفلسطينيون مع شخصية "حنظلة" باعتبار أن رمزيتها تتجاوز بُعد الصورة التي مهر العلي بها رسوماته، إلى كافة القضايا التي عبرت عنها ريشته وما زالت حية بعد عقود على رحيل الرسام.

واحتلت العلاقة بين "موت العلي" و"حياة حنظلة" مكانة متقدمة في "الرواق الثقافي" الذي نظمه "بيت فلسطين للشعر وثقافة العودة" والجمعية التركية للتضامن مع فلسطين "فيدار" بمدينة إسطنبول أول أمس الثلاثاء بمشاركة عدد من الأدباء والمثقفين الفلسطينيين والعرب والأتراك.

وناقشت الزاوية التي حملت عنوان "في ذكرى استشهاد ناجي العلي.. هل مات حنظلة؟" والتي أدارها الإعلامي الفلسطيني نزار الحرباوي قضية "موت الرمز بموت صاحبه".

وقال مدير "بيت فلسطين للشعر وثقافة العودة" سمير عطية إن قضية العلي برزت في الرواق "لاشتمالها على مشاركات مسجلة بالصوت والصورة لرساميْ الكاريكاتير الفلسطينيين أمية جحا وعلاء اللقطة، وما تبعهما من مداخلات للحضور حول أثر العلي في إثراء الفن والأدب الفلسطيني".

‪الشاعر مخلص برزق يتحدث في
‪الشاعر مخلص برزق يتحدث في "الرواق الثقافي"‬  (الجزيرة)

وقال الشاعر الفلسطيني مخلص برزق للجزيرة نت إن العلي "حظي بمكانته الرفيعة لأنه تعامل مع قضية فلسطين كقضية لكافة الفلسطينيين والعرب والمسلمين" مضيفا أن تشابه المراحل التي كان يرسم عنها العلي وتكرر أحداثها في الحاضر ظل يستدعي حنظلة في أذهان من شاهد رسوماته، معتبرا ذلك من العوامل التي أطالت عمر الشخصية الرمزية للفنان بعد موته.

ومن وجهة نظر برزق، فإن رسومات العلي وضعته في دائرة العداء مع من تعاملوا مع قضية فلسطين كمكسب ومطية لأغراضهم الذاتية، موضحا أنهم ذاتهم من بلغ بهم الضيق به حتى قتلوه.

أما المؤلف والموزع الموسيقي يزن نسيبة الذي شارك بالرواق الثقافي فقال "إن من بين عوامل خلود اسم الرسام ناجي العلي بعد وفاته نجاحه في تحويل رسوماته إلى جزء من الموروث الثقافي للشعب الفلسطيني، فثقافات الشعوب تبقى حية حتى بعد فناء الشعوب ذاتها".

كما اعتبر أن ثبات صورة حنظلة في أذهان متابعي رسومات العلي لا يعني جمود الأساليب الفنية في التراث الفلسطيني، مستشهدا على ذلك بالتغييرات في الغناء الوطني الفلسطيني بين عصر وآخر، وقال "إن الفن الوطني الفلسطيني تميز سابقا بالدعوة للمواجهة والغضب خاصة في عهد الانتفاضة الثانية، لكنه بات اليوم أكثر قربا من الحديث العاطفي عن الحنين للوطن وقسوة الحياة في البعد عنه".

يُذكر أن ناجي سليم حسين العلي ولد بقرية الشجرة الفلسطينية وهاجر مع عائلته إلى لبنان بعد نكبة 1948 وهو في العاشرة من عمره، الأمر الذي دعاه لاختيار هذه السن بالذات عمرا لشخصيته الرمزية حنظلة. وشارك في تحرير عدد من الصحف العربية خاصة في الكويت ولبنان، وعرف عنه نقده اللاذع في رسومه ورفضه لتبرير الواقع المتردي في الحالة العربية بمقتضيات العداء لإسرائيل.

وبعد رسمه لأكثر من أربعين ألف كاريكاتير، قتل الرسام الفلسطيني في حادثة اغتيال مدبر بإطلاق النار عليه بالعاصمة البريطانية لندن يوم 29 أغسطس/ آب 1987 دون أن تسند جريمة الاغتيال إلى جهة بذاتها حتى الآن.

المصدر : الجزيرة