مهرجان للشعر العربي بالأردن والجمهور غائب

جانب من أمسية شعرية في رابطة الكتاب الأردنيين 2015
إحدى الأمسيات الشعرية في رابطة الكتاب الأردنيين (الجزيرة)

توفيق عابد-عمّان

اختتم في عمّان مهرجان الشعر العربي الذي نظمته رابطة الكتاب الأردنيين بالتعاون مع اللجنة العليا لمهرجان جرش للثقافة والفنون بمشاركة 51 شاعرا بينهم 14 من ست دول عربية، هي السودان وتونس والمغرب ومصر وفلسطين والعراق، إضافة إلى الشاعر التشادي سامافو ديغلو.

وحلقت معظم القصائد بين الشعر العمودي والتفعيلة وأخرى أقرب إلى الخواطر واحتفت بالحياة والوطن والإنسان والحرية وفلسطين، مثل "الطفل الذي يطارد دبابة"، وطرحت أسئلة عن الأوطان العربية وهيبتها.

ولوحظ قدم أغلبية القصائد التي كانت قد قرئت بمناسبات عدة، خاصة قصائد لشعراء أردنيين أحضر بعضهم دواوينه وقرأ من قصائده، ووجه بعضهم اللوم لرابطة الكتّاب، كما فعل الشاعر طارق مكاوي.

ورأى ناقد وشاعر فضّل عدم ذكر اسمه أن وضع الشعر العربي محزن، والشعراء لا يطورون تجاربهم، وهناك قصائد من فتات قصائد أخرى، وقلما يترك أحدهم أثرا جماليا ينطوي على دلالة.

‪الشاعران هشام عودة وعلي البتيري في فعاليات المهرجان‬ (الجزيرة)
‪الشاعران هشام عودة وعلي البتيري في فعاليات المهرجان‬ (الجزيرة)

الواقع العربي
وبشأن تفاعل الجمهور، رأى الناقد محمد جميعان أن بعض الشعراء ذهب لعزل نفسه عن المتلقين بقصائد هامت في فضاءات بعيدة عن وجدان الواقع العربي المليء بالسخونة والتوترات، فنرجسية الشعراء أحد عوامل إقصاء الشعر عن جمهوره.

وينزع العديد من الشعراء -وفق جميعان- لإعادة منبر الشعر إلى مسرح أرتيمس بمدينة جرش بدلا من الساحة الرئيسية التي بدا فيها الشعر والشعراء يتامى وسط صخب كرنفالي بفعاليات فنية أخرى تجاور الشعر.

من جانبها قالت الشاعرة المغربية نعيمة زايد للجزيرة نت إنه يجب بناء مشروع المهرجانات الشعرية على سؤال يتعلق بمدى نمو وتطور العملية الإبداعية ومواكبة النقد لكل الإبداعات الثقافية.

وأشارت إلى أنه من خلال مشاركتها بالعديد من المهرجانات اكتشفت أن بعضها يحقق أهدافا ثقافية بين الشعراء أنفسهم من جهة، وبين الشعراء والنقاد من جهة ثانية، بينما تعتبر مهرجانات أخرى مجرد سياحة يحتل فيها الإبداع موقعا خجولا وباهتا.

وتحدثت زايد عن معاناة مادية تعيشها الفعاليات الثقافية، وقالت إن الثقافة في بلداننا العربية ليست رقما صحيحا بمعادلة الدولة، منوهة إلى أن "الشعر لا رواد له، وحتى في الجامعات لا يقبل الطلبة والأساتذة على الأمسيات الشعرية، وأحيانا تجد الشعراء يقرؤون لأنفسهم أو للكراسي الفارغة".

وتساءلت عما إذا كان العيب بالشعر أم بالمتلقي أم بالمرحلة التي نعيشها، وهل بات الشعر فيها قاصرا عن أداء دور فاعل في التواصل وحمل الهموم، والمتلقي الأردني ليس خارج هذا الإطار العربي العام.

ورأت الشاعرة المغربية نعيمة زايد أن مهرجان جرش استطاع أن يجعل للشعر متلقيا من طبيعة عامة.

‪نعيمة زايد: الشعر حلم نعبر فيه عن مشاعرنا وطموحاتنا وآمالنا‬ (الجزيرة)
‪نعيمة زايد: الشعر حلم نعبر فيه عن مشاعرنا وطموحاتنا وآمالنا‬ (الجزيرة)

الشعر بمأزق
وعن مدى ملامسة القصائد لهموم المواطن، قالت نعيمة إن ما استمعت إليه جعلها تقف على أن الشعر في مأزق، فهو مشرد بين الذات الحالمة واستشراق الآفاق المستقبلية وبين ما يتمخض عنه الواقع المعيش والأحداث التي قلبت كيان المجتمع العربي وعرّضته لرجة عنيفة اختل فيها سؤال الاستقرار حتى على البنية النفسية.

وقالت إن الأحداث بالعالم العربي انعكست على الشعر وجعلته شعر مناسبات جنح للمباشرة أكثر من اهتمامه أو خدمته للجوانب الفنية التي يحتاجها الشعر وأصبح مجرد شعارات ويافطات وبكاء وخطاب الهزيمة بامتياز.

الشعر حلم
وبشأن القصيدة المناسبة لمرحلة الدم والدموع والتهجير قالت "هو القصيد الذي يخرج من الذات ويمتلك الحلم ليعضد ما تبقى من خيال الخضرة وبناء الذات الجماعية بالاستناد لقيمنا الخالدة وتجاربنا الناجحة التي تنهض بالإنسان وتفسح له المجال لينمو بالعقل وترميم ما ضاع وتطعيم ما تبقى بدماء جديدة".

وقالت إن الشاعر يرى العالم من خلال ذاته مجتمعا، لكنه يرى الذات مشتتة، "فكيف لي أن أكون في أتون الحياة مناضلة وحقوقية وشاعرة خارج الشرنقة!!".

ورأت أن الشعر حلم نعبّر من خلاله عن مشاعرنا وطموحاتنا وآمالنا ونعيد من خلاله الهارب منا ولو كرها، مشيرة إلى أن بداياتها كانت صرخة ثورية وسط الطلاب والجمعيات النسائية والحقوقية والنقابية والشبابية، وأنها احتمت مؤخرا بالذات.

المصدر : الجزيرة