جواد السعد.. الكاريكاتير لنقد الواقع في العراق

عبد الله الرفاعي-البصرة

في باحة من بيوت الشناشيل، جمع رسام الكاريكاتير جواد السعد رسوماته وراح يلصقها على لوحات خشبية صفت بانتظام استعدادا لإقامة معرضه الذي يحمل الرقم 11، وهو رقم اختزل كل سنواته في رحلته مع الفن الذي يصف تأثيره بأنه أقوى من الرصاص.

ويُعد السعد -وهو من مواليد عام 1949- أول رسام للكاريكاتير في محافظة البصرة، وهو منتسب إلى نقابة الفنانين العراقيين منذ عام 1973.

السعد -الذي أمضى أكثر من 35 عاما في مجال الكاريكاتير- ذكر للجزيرة نت أنه تعلمه بالفطرة، فهو لم يكمل سوى دراسته المتوسطة، وبسبب ظروف عائلية وانخراطه في العمل لم يستمر بالدراسة، إلا أنه استطاع أن يحقق أحلامه في إقامة معارضه في العراق ولبنان وعدد من دول الخليج في سبعينيات القرن الماضي.

وأشار إلى أنه مُنع من المشاركة في مهرجان لفن الكاريكاتير أقيم في كوبا قبل الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وتم إخراجه من مطار بغداد دون أن يعرف الأسباب، إلا أنه عوّض ذلك بمعارض كان وما يزال يقيمها على حسابه الخاص ودون أي دعم مؤسساتي.

جواد السعد: الفن رسالة تتطلب التضحيةبكل شيء في سبيلها (الجزير نتة)
جواد السعد: الفن رسالة تتطلب التضحيةبكل شيء في سبيلها (الجزير نتة)

متابعة الكبار
وعن تأثره بفناني الكاريكاتير العراقيين والعرب، ذكر السعد أنه لم يتأثر إلا بالفنان العراقي عبد الجبار العطية، لكنه يتابع أعمال كبار الفنانين العراقيين والعرب ومنهم بهجوري.

ويتصدى الفنان السعد في أعماله للظواهر الاجتماعية والخدماتية وينتقي أفكاره من هموم الناس في مدينته. ومن المفارقات التي ذكرها أنه يتصدى في رسوماته الكاريكاتيرية لأعمال الخدمات  البلدية رغم أنه يعمل في دائرة البلدية نفسها، وهو ما يضعه دائما في مواقف محرجة مع المسؤولين، لكنه يقول إنه يؤمن بأن رسالته في الفن تتطلب منه التضحية حتى وإن كان ذلك على حساب رزقه وعمله.

وأشار إلى أن فن الكاريكاتير في العراق مهمل بشكل كبير لأن المؤسسة الحكومية تشعر بأنه ند لها ويكشف عوراتها وإخفاقاتها، وبيّن أنه استطاع أن يحصل على بعض الحرية في رسوماته بعد عام 2003، إلا أنه ما زال يخشى المتطرفين الذين لا يفهمون معاني هذا الفن.

‪صبري المالكي: السعد تصدى في معرضه للتهميش الذي يعانيه المثقف‬ (الجزيرة نت)
‪صبري المالكي: السعد تصدى في معرضه للتهميش الذي يعانيه المثقف‬ (الجزيرة نت)

لوحات جريئة
من جانبه، ذكر الفنان التشكيلي صبري المالكي أن انتقاءات السعد جريئة، خاصة فيما يخص الوضع الخدمي في البصرة، فهو يقدم للمتلقي مادة دسمة ليكون أكثر وعيا بما يدور حوله.

ويضيف المالكي للجزيرة نت أن الفنان التشكيلي عموما -ورسام الكاريكاتير بشكل خاص- يشعر بأن المسؤول يحاول تهميشه وتغييبه، وذلك يبدو واضحا من خلال غيابهم عن المعارض التي يقيمها الفنانون.

ويرى أن السعد يعد من أوائل الفنانين الذين اشتغلوا بهذا الفن، وقد قدم في معارضه انتقادات لاذعة من خلال رسوماته لجميع الظواهر، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو خدمية. وفي معرضه الأخير تصدى السعد للتهميش الكبير الذي يعانيه المثقف، فضلا عن سوء تقديم الخدمات بالرغم من أن البلد لا تنقصه الثروات أو الأيدي العاملة.

فن ومضايقات
وذكر رسام الكاريكاتير أركان البهادلي الذي فرغ من معرضه الذي أقامه في جامعة البصرة أواخر فبراير/شباط الماضي، أن رسامي الكاركاتير يتعرضون إلى مضايقات كثيرة بسبب تصديهم للفساد المستشري في مؤسسات الحكومة.

وأضاف البهادلي للجزيرة نت أن تجربة الفنان جواد السعد تجربة غنية من خلال خبرته في الفن الذي وصفه بالجريء واللاذع.

من جهته، قال رئيس لجنة الثقافة والإعلام في مجلس محافظة البصرة باسم خلف فارس إن رسامي الكاريكاتير ينبهون المسؤول إلى كثير من القضايا التي تهم المجتمع، نافياً للجزيرة نت أن يكون المسؤول غير مهتم بهذا الفن، خاصة أن الانتقادات الواردة في الرسوم ليست من أجل الهدم وإنما من أجل البناء والتقويم.

المصدر : الجزيرة