"إعزيّزه".. مسرحية تشرّح الأزمات العراقية

"إعزيزه" .. أزمات العراق في ملفات مسرحية
العرض يهدف لبعث المسرح العراقي الهادف (الجزيرة)
علاء يوسف-بغداد

يحاول عدد من الشباب المسرحيين العراقيين في مسرحية "إعزيّزه" معالجة عدد من الملفات السلبية في مجتمعهم، عبر عرض مسرحي ينقل هموم العراق ومشاكله على مدى العقود الأخيرة.

ويحيل اسم المسرحية "إعزيّزه" إلى الموروث العراقي الشعبي، وهذا الاسم يعني فأل شؤم كما يعتقد ذلك أهل العراق، إذ إن "إعزيزه" هي أداة تُستخدم عن طريق السحر لإثارة المشاكل وجلب الهموم في أي مكان تُرمى فيه، وهي عبارة عن عظمة في قدم الخروف تُستخرج منه بعد ذبحه.

وأوضح مخرج المسرحية باسم الطيب للجزيرة نت، أن المسرحية "تحاول معالجة المشاكل والسلبيات الموجودة في المجتمع العراقي على شكل ملفات موزعة في العرض المسرحي"، مبينا أن "كل ملف يناقش إحدى تلك المشاكل".

‪أحمد سعدون: المسرحية تفهم العراقيين أن الدين ليس أداة للتكفير والتهميش‬ (الجزيرة)
‪أحمد سعدون: المسرحية تفهم العراقيين أن الدين ليس أداة للتكفير والتهميش‬ (الجزيرة)

تسع غرف
وأضاف الطيب أن كادر المسرحية سيعمل على إعادة ثقافة مشاهدة المسرحيات الهادفة والجادة من خلال تثقيف المتلقي العراقي على الحجز المسبق للعروض المسرحية الهادفة، "حيث اعتاد الجمهور المسرحي على الحضور إلى المسرح دون حجز مسبق، وهذا ما تفرضه إدارة المسرحية الجديدة".

وتوزعت الغرف التسع التي تعالج ملفات يعاني منها المجتمع العراقي، على الممثلين. فالغرفة الأولى تنقد عمليات التطرف والتشدد الديني، أما الغرفة الثانية فتصور الخراب الذي ضرب العراق بسبب الحروب التي خاضها خلال السنوات الماضية، بينما تنتقد الغرفة الثالثة سوء الخدمات والإعمار في العاصمة بغداد.

وسعى القائمون على العرض المسرحي لتقديم بطاقات دخول بأسعار زهيدة، في محاولة لإعادة الحياة للمسرح الهادف الذي يدخله الجمهور بتذاكر الدفع المسبق.

وقال أحمد سعدون الذي يعرض في دوره المسرحي قضية التطرف والتشدد الديني، إنه يطمح من خلال الملف الذي يتحدث عنه في المسرحية إلى إفهام الذين يتخذون من الغطاء الديني وسيلة لتنفيذ مصالحهم الشخصية والذين يتشددون ويتطرفون باسمه، بأن الدين هو علاقة مع الرب وهو عملية تهذيب للإنسان، وليس أداة لتكفير الآخر وتهميشه.

وتتحدث "الغرفة الرابعة" عن العنف ضد المرأة وكيفية انتهاك حقوقها في المجتمع العراقي، خاصة في مواضيع التزويج المبكر وعدم إكمال الدراسة، وما يفرزه العنف الأسري ضدها، وكذلك القتل الذي يحصل لبعضهن لأسباب تتعلق بـ"الشرف".

وتابع سعدون أن الغرفة الثالثة التي حملت اسم "بغداد الحلم" تتحدث عن الخراب والدمار الذي لحق بالعاصمة العراقية نتيجة سوء الخدمات، وهي أقصر المشاهد في المسرحية وأكثرها إدهاشا، "فهذا المشهد لا يمكن لأكثر من شخص أن يُشاهده في آن واحد عندما يدخل لغرفة صغيرة مظلمة لا يرى منها شيئا، وفجأة تظهر الأضواء ليرى نفسه في مرآة، وفي هذا رسالة للمواطن بأن إعمار بغداد سيكون بك لا بغيرك".

‪حيدر سعد: عرضنا يهدف إلى عودة المسرح الهادف الذي يحفز المشاهدين‬ (الجزيرة)
‪حيدر سعد: عرضنا يهدف إلى عودة المسرح الهادف الذي يحفز المشاهدين‬ (الجزيرة)

مسرح هادف
كما تعالج المسرحية ملف التعليم في العراق وما يتعرض له من تشرذم في العديد من مفاصله المهمة في الغرفة الخامسة، أما الغرفة السادسة فتوجه نقدا لاذعا للتفكك الأسري الذي يضرب المجتمع العراقي.

وتتناول الغرفة السابعة هموم الشباب العراقي، بينما تنقل الغرفتان الثامنة والتاسعة مأساة العراق على مدى السنوات الماضية من مخلفات الحروب التي ألقت بظلالها على الواقع العراقي ومظاهر العنف اليومي.

من جهته، يرى مؤلف المسرحية حيدر سعد أن تجربة مسرحية "إعزيزه" في المشهد المسرحي العراقي "لها وقع إيجابي، لأنها وبكل بساطة تعطي انطباعا حقيقيا عن معالجة مشاكل المجتمع عبر المسرح الهادف".

وأضاف سعد للجزيرة نت أن المتلقي العراقي أصبحت لديه قناعة شبه راسخة خلال السنوات الماضية بأن المسرح التجاري "مسرح هزيل، وأنه يركز على الثيمة المتدنية التي تحاول جذب الجمهور من خلال المواقف الفكاهية الهابطة"، في حين تحتاج المجتمعات لمسرح هادف يعالج قضايا المجتمع العراقي "ولذا نحن نتمنى أن تكون هذه المبادرة هي الخطوة الأولى في عودة المسرح الهادف المحفز للآخرين".

المصدر : الجزيرة