متحف "التربية" بتونس.. 31 قرنا من الذاكرة

متحف التربية في تونس.. ذاكرة تعليمية عمرها 31 قرنا 2
تماثيل من الشمع تحاكي طريقة التعليم في المدارس القرآنية (الأناضول)

ما إن تدخل بهو "متحف التربية" في تونس، حتى تشعر بأن عقارب الساعة عادت بك إلى ماض ولى يروي تاريخ التعليم في هذا البلد منذ استخدام الحروف عام 1101 قبل الميلاد.

ويضم المتحف -إلى جانب المجسمات- وثائق مصورة بمختلف أنواعها تتعلق بتاريخ التعليم، ونصوصا قانونية وإدارية منظمة للمدرسة التونسية، بالإضافة إلى كتب مدرسية وأدوات للتعلم، وأعمال طلابية وأثاث مدرسي.

وتتصدر أدوات تعلم الكتابة واجهة المتحف، حيث جناح الحروف في تونس، وفي حوض المتوسط منذ زمن الفينيقيين في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، مرورا باللوبية واليونانية ثم اللاتينية، فالعبرية، وصولا إلى العربية.

وما إن تنتهي من هذا الجناح، حتى يدفعك الفضول إلى تلك القاعة الخاصة بالتعليم "الزيتوني" (نسبة لجامع الزيتونة) المسماة بـ"الكتّاب"، والتي كانت المدرسة الأساسية لتعلم القرآن الكريم في تونس.

‪نموذج لفصل مدرسي أثناء عصرنة التعليم بتونس في القرن الماضي‬ (الأناضول)
‪نموذج لفصل مدرسي أثناء عصرنة التعليم بتونس في القرن الماضي‬ (الأناضول)

وتحتضن هذه القاعة تماثيل من الشمع تظن للوهلة الأولى أنها حقيقية، تجسد فصلا من الدراسة على الطريقة التقليدية، وكل ذلك في حضرة "سيدي المدّب" (المؤدّب) الذي كان يعلم الصبية تعاليم القرآن مع بداية القرن الماضي.

و"المدب" أو الشيخ له مكانه الخاص في الجلسة، وعادة ما يكون ضريرا، حيث كان يستعمل العصا الطويلة لتحسس مكان الصبية، ومن يتفوق منهم يلتحق بالزيتونة، وينال شهادة في ذلك.

التعليم الزيتوني
وترك التعليم الزيتوني بصمة في تاريخ التدريس بتونس امتد لنحو 13 قرنا، وعرف تطورا مع شيوخ سهروا على عصرنته على غرار محمد الطاهر بن عاشور (1879 – 1973)، ونجله الفاضل بن عاشور (1909 – 1970)، وهو ما تبرزه صورهم المعروضة أمام الزائرين.

‪اللوحة التي كان يكتب التلاميذ عليها القرآن في الكتاتيب‬ (الأناضول)
‪اللوحة التي كان يكتب التلاميذ عليها القرآن في الكتاتيب‬ (الأناضول)

ويُنسب التعليم "الزيتوني" إلى جامع الزيتونة -ثاني أهم المعالم الإسلامية في تونس بعد جامع عقبة بن نافع بالقيروان- وهو في الوقت نفسه أقرب ما يكون إلى جامعة إسلامية لنشر الثقافة العربية الإسلامية في بلاد المغرب.

ويقول مدير المتحف المنجي واردة إن المتحف "فريد من نوعه في العالم العربي، إذ هو الوحيد في هذه المنطقة".

وتتمثل أهداف المتحف الذي تم افتتاحه قبل سبع سنوات -بحسب مديره- في تجميع كل ما له علاقة بالتراث التربوي والمحافظة عليه، وعرضه للزوار الذين يكون أغلبهم من التلاميذ والباحثين في مجال التعليم.

كما يحتوي المكان على وحدة بحث تربوي تهتم بتاريخ المدرسة التونسية، وتاريخ المعرفة في البلاد بكل أطوارها ومراحلها.

المصدر : وكالة الأناضول