"حوار".. دعوة تشكيلية لحقن دماء السوريين

لوحة في معرض حوار للتشكيلي بهرام حاجو
لوحة في معرض "حوار" للتشكيلي بهرام حاجو (الجزيرة)
توفيق عابد-عمّان

يسعى الفنان السوري بهرام حاجو لتسليط الضوء على البعد الإنساني في الأزمة السورية بمعرضه "حوار" الذي افتتح مساء أمس الثلاثاء بغاليري دار المشرق في عمّان، ليعبّر تشكيليا عن مأساة الإنسان.

ويضم المعرض -الذي يستمر حتى الخامس من الشهر المقبل- 23 لوحة عبّرت عن تأملات الذات بوصفها منطقة الألم الجمعي، وتمظهرت شخصياته في صورة الفنان نفسه وعلاقته مع الحياة.

كما تمثل اللوحات حوارا بين شخصيتين، أو بين اللوحة والمتلقي باستخدام المدرسة التعبيرية الحديثة المنطلقة من التعبيرية الألمانية، خاصة وأن الفنان تلقى علومه في ألمانيا وتأثر بأسلوب ثلاثة من فنانيها وهم "كرنشر" و"أوتوميلر" و" بيشتاين" الذين عبروا بصدق عن مأساة وكوارث الحروب في أوروبا.

‪التشكيلي السوري بهرام حاجو أمام إحدى لوحاته‬ (الجزيرة)
‪التشكيلي السوري بهرام حاجو أمام إحدى لوحاته‬ (الجزيرة)

احتجاج صامت
وتعبّر اللوحات ببساطة عن صخب أو احتجاج صامت وتباعد بين الشخصيات، فهم يديرون ظهورهم لبعض، في إشارة لما يحدث في وطننا العربي عامة وسوريا خاصة، فالناس -حسب بهرام حاجو- متباعدون لغياب لغة الحوار والتفاهم وسيادة منطق القوة والقتل.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال التشكيلي السوري إنه استخدم اللونين الأحمر والأصفر لأنهما يعبران عن الحنان والحب، وهذا ما نفتقده في المرحلة الحالية، وأما الفراغ في فضاء اللوحات وتقديم شخصيات عارية فليس الهدف منه اختراق طابو الجنس، لكنه رسالة مباشرة لمن يهمه الأمر مفادها أن الإنسان يفتقد الأمن والطمأنينة، وهو مجردٌ من أية حماية.

ويوضّح حاجو أن الإنسان المجرد من لباسه في اللوحات مؤشر على أنه أصبح بلا قيمة في الوقت الحاضر، ولم يعد هناك من يحميه غير جلده.

‪من لوحات الفنان التشكيلي بهرام حاجو‬ (الجزيرة)
‪من لوحات الفنان التشكيلي بهرام حاجو‬ (الجزيرة)

ويضيف أنه يتعذب مع أهله وشعبه في سوريا الحضارة والثقافة، وأن ما يجري هو أكبر مأساة في التاريخ، وما المعرض إلا دعوة للحوار بين مكونات الشعب الواحد بدل الاقتتال، فالحوار يقرّب المواقف ويحل الخلافات.

قضية حاضرة
من جانبه، يرى الناقد التشكيلي محمد العامري أن الفنان السوري يعمل على التشخيصية التعبيرية، وأن هناك اشتغالا على ظهور ذات الفنان في العمل الفني كما لو أنه يقف أمام مرآة ليرسم ذاته، وهناك دائما حوار بين ذاته في اللوحة والأنثى التي تكون وطنا يتكئ عليها، وتارة تدير له ظهرها في عتاب دائم.

وقال العامري للجزيرة نت إن بهرام حاجو استطاع من خلال تجربته الذاتية وتأملاته أن يحمّل شخصياته قضيته الأساسية، وهي القضية السورية، حيث نجد أن وجوههم في كثير من الأحيان صامتة ومندهشة كما لو أنها تنتظر حدثا ما.

وحسب العامري، فإن نمط الفنان السوري في الاشتغال الفني منحه بصمته الخاصة في معالجات المشكل الإنساني خلال بحثه عن سؤال الوطن، كونه من أصول كردية.

‪التشكيلي كمال أبو حلاوة أمام لوحة لبهرام حاجو‬ (الجزيرة)
‪التشكيلي كمال أبو حلاوة أمام لوحة لبهرام حاجو‬ (الجزيرة)

بدوره، يرى الفنان التشكيلي كمال أبو حلاوة أن المعرض يجسد الحالة الإنسانية التي تحاكي ذات الفنان من دلالة رسم ذاته، كما رسم الفنان العنصر النسائي متشابها وكأنه يرسم توأمه من الجنس الآخر.

كما يحاكي حاجو -حسب أبو حلاوة- العلاقة بين الرجل والمرأة، والتشوهات في اللوحة والروتوش البسيطة في تأسيس العمل رغم بساطتها تحمل دلالات كبيرة، وهذا يدل على أن الفنان متمكن وعنده دراية كاملة بالتعامل مع مساحة اللوحة من خلال التكنيك والتكوين والفكرة.

وقال أبو حلاوة إن تجربة حاجو مهمة وتعطينا جرعة إضافية قد نحتاجها كفنانين تشكيليين في زيادة الثقافة البصرية لدينا، وهي تحرضنا على البحث عن أفق آخر لم ندركه بعد، وهذا يظهر في بساطة اللوحات والخامة المستخدمة واقتصادية في اللون والقوة في التنفيذ.

يُذكر أن بهرام حاجو سوري من أصول كردية، وهو يقطن بألمانيا، وقد أقام 94 معرضا وفاز بجائزة "مايتس" الفرنسية مؤخرا.

المصدر : الجزيرة