جواد أموري.. صوت الموسيقى العراقية الذي خبا

الفنان الراحل نحمد جواد أموري
جواد أموري رحل في 12 يوليو/تموز الجاري (الجزيرة)

أحمد الأنباري-الرمادي

رحل الملحن العراقي الشهير وعميد الأغنية العراقية محمد جواد أموري بعد معاناة طويلة مع مرض الشيخوخة، وبقت ألحانه خالدة في أذهان العراقيين والعرب، فهو من الملحنين القلائل الذين تجاوزت شهرتهم حدود العراق، وغنى له العديد من المطربين العرب أبرزهم الكويتي عوض دوخي والمصرية إلهام بديع، مخلفا إرثا كبيرا من الألحان تجاوز الخمسمائة لحن.

ولد أموري في قضاء طويرج ذي الطابع الديني في محافظة كربلاء عام 1935، وكان شغوفا بالموسيقى منذ صغره، تمكن من صناعة الناي، وعند زيارته العاصمة بغداد رأى آلة القانون فأعجبته وقرر أن يصنعها بيده عند عودته لمدينته, شجعه ابن عمه الموسيقي لطيف المعملجي على دراسة أصول الموسيقى في معهد دار المعلمين في مدينة الأعظمية، ليطلعه أستاذه الموسيقي الكبير أكرم رؤوف على أسرار الموسيقى.

برع أموري في العزف على عدة آلات موسيقية، وشارك في تأسيس الفرقة السيمفونية العراقية عام 1959 ليصبح عازفا على آلة الكمان لمدة 16 عاما، واستفاد كثيرا من عمله في الفرقة السيمفونية بفضل اطلاعه على الألحان الغربية.

من أشهر الأغاني التي لحنها "يا حريمة" لحسين نعمة، و"أنا يا طير ضيعني نصيبي" لفؤاد سالم، و"ريل وحمد" لياس خضر، و"ما لي شغل بالسوق" و"ردي ردي"

مكتشف النجوم
أسهم أموري في تطوير الأغنية العراقية -خاصة في فترة السبعينيات- عندما اكتشف عمالقة الطرب العراقي، وهم رياض أحمد وياس خضر وفؤاد سالم وحسين نعمة وسعدون جابر وغيرهم، لتصبح ألحانه تتردد على ألسنة الناس البسطاء.

ولحن العديد من الأغاني الشهيرة منها "يا حريمة" لحسين نعمة، و"أنا يا طير ضيعني نصيبي" لفؤاد سالم، و"ريل وحمد" لياس خضر، و"ما لي شغل بالسوق" و"ردي ردي".

توقف أموري عن العزف بعد أن تدهورت حالته الصحية نتيجة تعرضه لحادث سير أصابه بإصابات بليغة في يديه ورجليه ثم تعرضه لجلطة دماغية، مما أجبره على الابتعاد عن آلة العود في السنوات الثلاث الأخيرة من حياته، ولم يجد أحدا يسعفه من حالته التي بدأت تسوء، لتغلق المؤسسات الثقافية وبالخصوص الحكومية مثل وزارة الثقافة أبوابها في وجه عميد الأغنية العراقية.

رحل أموري في صباح 12 من الشهر الحالي، وشيع إلى مثواه الأخير في مقبرة الشيخ معروف وسط بغداد، لكن الغريب أن من حملوا نعشه قليلون جداً، خصوصا أنه صاحب فضل على عدد كبير من المطربين.

ألحان خالدة
يقول الملحن العراقي جمعة العربي للجزيرة نت إن أموري يعتبر من أعمدة الأغنية العراقية، ويختلف عن بقية الملحنين العراقيين الآخرين، لأنهم يدورون في فلك واحد استطاع هو الإفلات منه، وهذه الميزة الخاصة التي تميز بها، لأنه عمل في الفرقة السيمفونية العراقية وتشبع بالأنغام الغربية.

الملحن جمعة العربي (الجزيرة)
الملحن جمعة العربي (الجزيرة)

وأضاف أن أموري نجح في إحداث تناغم بين النغمين الشرقي والغربي، واعتمدت أغانيه على المقامات الغربية وهي العجم والكرد والنهاوند، وقل ما نسمع له ألحانا من المقام الشرقي أو البياتي، مبيناً أنه ترك إرثا عظيما من الأغاني العراقية الجميلة.

وفي رأي جمعة العربي أن العراق لا يمتلك صناعة النجوم، ولا يملك "حرفنة" تصدير أغانيه إلى العالم العربي، إلا أن أموري انتشرت أغانيه في الوطن العربي مثل أغنية "أنا يا طير"، محملا الإعلام العراقي مسؤولية عدم شهرة أموري وسط الملحنين المهمين في الوطن العربي.

ويضيف العربي أن أموري صاحب صوت جميل وأداء متميز، وكان يمتلك سطوة على جميع المطربين، وعندما تسمع الأغنية بصوت أي مطرب تعرف أن ألحانها لأموري، لأنها تكتسي بصبغته الشخصية، ويلفت إلى اللحن المتفرد لأغنية "يا حريمة" لحسين نعمة، وهو اللحن الذي جمع بين العجم والكرد.

ولفت إلى أن الفنانين الذين سطعوا في الفترة الأخيرة جعلوا كنيتهم مرتبطة بجواد أموري، مثل مظر محمد وكمال محمد وغيرهما، وحتى الأداء كان مشابها لأداء أموري، مضيفا أنه لا يوجد فنان عراقي أخذ حقه من الدولة، ولا توجد كلمة واحدة بالدستور تتحدث عن الموسيقى، ولا يتذكرون الفنان إلا بعد وفاته.

المصدر : الجزيرة