الأديب المغربي عبد الرحيم مؤذن يصارع المرض والجحود

عبد الرحيم مؤذن
عبد الرحيم مؤذن كان من الوجوه الحاضرة بقوة في الساحة الثقافية بالمغرب (الجزيرة نت)

إبراهيم الحجري-الدار البيضاء

دخل القاص والباحث المغربي عبد الرحيم مؤذن -في غفلة من زملائه والمتتبعين والمهتمين بالشأن الثقافي بالمغرب- فترة عزلة وغياب اضطراريين بسبب مباغتته من لدن المرض، قبل أن يستيقظ بعض الكتاب المقربين منه على وضعيته الحرجة.

وعبد الرحيم مؤذن كان من بين الوجوه الحاضرة بقوة في الساحة الثقافية سواء من خلال كتاباته المتعددة بين الإبداع والبحث الأكاديمي أو من خلال حضوره البارز باعتباره عضوا نشطا في مجموعة من المنظمات والجمعيات ذات البعد الثقافي، منها جمعية البحث في الرحلة، واتحاد كتاب المغرب، فضلا عن كونه أستاذا جامعيا سابقا بكلية الآداب-ابن طفيل بالقنيطرة، أطر أجيالا من الطلاب، وأشرف على كثير من البحوث العلمية، خاصة في مجالي السرديات وأدب الرحلة.

‪بوسريف: اتصلت بمؤذن فأجابني بصوت فيه حشرجات المرض‬ (الجزيرة نت)
‪بوسريف: اتصلت بمؤذن فأجابني بصوت فيه حشرجات المرض‬ (الجزيرة نت)

أسف واستغراب
وقد عبر بعض الكتاب والفاعلين في الحقل الثقافي عن أسفهم للوضعية النفسية التي يعيشها الباحث عبد الرحيم مؤذن بعد أن استفرد به المرض والألم والنكران.

واستغربوا تقاعس المؤسسات الثقافية الكفيلة في القيام بدورها التاريخي في احتضان الكتّاب، والرفع من مستوى معنوياتهم في مثل هذه الحالات، ودعمهم معنويا وماديا ضد تصاريف الزمن، خاصة عندما يتعلق الأمر بوضعيات اجتماعية وصحية مستعصية.

وتساءل هؤلاء عن مصير الوضع الاعتباري للمبدعين والكتاب الذي يتراجع يوما عن يوم، وبالمقابل يرتقي نظيره لدى محترفي الفن الساقط، وكأن المجتمع يتآمر بمؤسساته ضد الكتابة على الخصوص، مثلما لو كان محترفوها خطرا على هذا المجتمع وعلى بنياته وقيمه.

يقول الكاتب صلاح بوسريف "كما يحدث دائما يُصاب الكاتب أو المبدع بانهيار شامل في جسده، يلازم الفراش وحيدا، وكأنه شخص عاش معزولا عن العالم، لا أحد يعرفه ولا أحد قرأ له، أو كان بين من تتلمذوا على يديه، ألم المرض وقسوته وألم الجحود والنسيان، وكأن الكتابة والفكر والإبداع جريمة يعاقب عليها صاحبها بهذا النوع من الجحود والتجاهل".

وأضاف "اتصلت بالصديق عبد الرحيم الذي أجابني بصوت فيه حشرجات المرض وأنين الألم، وكان صوته يصل إليّ بصعوبة، لأطمئن على حالته الصحية، ولأعرف هل ثمّة من يعتني به، أو بادر للاهتمام به، أو الإشراف على علاجه غير أسرته، فأجاب بالنفي".

العلام أكد استعداد اتحاد الكتاب لضمان متابعة طبية كاملة لحالة مؤذن (الجزيرة نت)
العلام أكد استعداد اتحاد الكتاب لضمان متابعة طبية كاملة لحالة مؤذن (الجزيرة نت)

زيارة واطمئنان
من جهته، أوضح رئيس اتحاد كتاب المغرب عبد الرحيم العلام في بيان له صدر عن المكتب التنفيذي -عقب زيارة أعضاء من الاتحاد لعبد الرحيم مؤذن للاطمئنان على حالته- أنه يتتبع -عن كثب- تطور الحالة الصحية للأديب والقاص والباحث عبد الرحيم مؤذن.

وأكد العلام أن حالته الصحية -على العموم- مستقرة، ولا تدعو إلى القلق. وأشار إلى أن مؤذن خضع للعلاج بهولندا، مما جعله يتحسن مقارنة بالسابق.

وأكد العلام استعداد الاتحاد للقيام بأي مسعى أو اتصال -إن اقتضى الأمر- لضمان متابعة طبية كاملة لحالته الصحية، كما جرت العادة منذ تحمله مسؤولية رئاسة الاتحاد.

وناشد الاتحاد بعض أعضائه -مشكورين على اهتمامهم- التحلي بمزيد من الصبر، دعما لمعنويات الكاتب عبد الرحيم مؤذن، وداعيا في الآن نفسه كل الأعضاء من الكتاب والباحثين والفنانين إلى تكثيف الزيارات والاتصال بمؤذن لمؤازرته في محنته، ودعم معنوياته من أجل مقاومة المرض.

وفد من اتحاد كتاب المغرب زار مؤذن (الثاني من اليمين) للاطمئنان على صحته (الجزيرة نت)
وفد من اتحاد كتاب المغرب زار مؤذن (الثاني من اليمين) للاطمئنان على صحته (الجزيرة نت)

مسار غني
ولد عبد الرحيم المؤذن سنة 1948 بمدينة القنيطرة.

حصل على دبلوم الدراسات العليا في الأدب العربي سنة 1987، وعلى دكتوراه الدولة في الأدب (سنة 1996) برسالة تحت عنوان "مستويات السرد في الرحلة المغربية خلال القرن الـ19".

شغل منصب أستاذ جامعي سابق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة، وكان عضوا في مجموعة البحث في تاريخ البوادي المغربية بكلية آداب القنيطرة، وشغل رئيس مجموعة البحث في المعجم الأدبي والفني بالكلية نفسها، التحق باتحاد كتاب المغرب سنة 1976.

من إصداراته المؤلفات التالية: اللعنة والكلمات الزرقاء: مجموعة قصصية مشتركة، الشكل القصصي في القصة المغربية (جزءان)، البيضاء (1988)، والثاني: دار عكاظ، الرباط (1996)، وتلك قصة أخرى 1991، معجم مصطلحات القصة المغربية (1993)، قصص للأطفال والفتيان (1988)، مغامرات ابن بطوطة للفتيان (1999)، رحلة ابن بطوطة الجديدة (1999)، رحلات مغربية وعربية (2000)، أدبية الرحلة (1996)، أدب الأطفال: مغامرة ابن بطوطة للفتيان (في 9 أجزاء، 1999).

"حذاء بثلاث أرجل" قصص (2006)، أرخبيل الذاكرة، وهو عبارة عن رحلات إلى القاهرة والصين وعدد من الآفاق (2013).

ويبدو من خلال هذه الببليوغرافية المقتضبة تعدد نشاطات الرجل الإبداعية والنقدية والأكاديمية دون أن ننسى دوره في تنشيط عدد من الجمعيات البحثية والثقافية، الشيء الذي جعله يتبوأ مكانة أثيرة لدى الكتاب والمبدعين الذين التفوا عبر صفحات المواقع الاجتماعية لمؤازرته ودعمه معنويا ونفسيا للتغلب على وضعه الصحي.

المصدر : الجزيرة