سبعة آلاف قارئ فلسطيني يحيطون بأسوار القدس

جانب من سلسلة القراء قرب باب العامود
جانب من سلسلة القرّاء قرب باب العامود في مدينة القدس (الجزيرة)
undefined

ميرفت صادق-القدس

 

بجانب باب العامود، المدخل الرئيس والأجمل للبلدة القديمة في القدس المحتلة، اختار الكاتب والأديب المقدسي إبراهيم جوهر الاصطفاف مع أصدقاء غادروا سن الشباب -كما قال- والمشاركة في أطول سلسلة بشرية قارئة أحاطت أسوار المدينة المقدسة عصر أمس الأحد.
 
قال جوهر "لأول مرة منذ عقود طويلة، رأيت القدس تفرح. كان الشباب يحمون القدس ويحرسونها بحدقات عيونهم.. الصغار والكبار حملوا الكتب وعادوا إليها، وكانت الكلمات والحروف تبتسم".
 
جوهر، وهو أحد نشطاء ندوة اليوم السابع المقدسية الثقافية، قال إن أهم رسائل سلسلة القراءة حول أسوار القدس إعادة الزخم الثقافي للمدينة التي كانت مركزا للإشعاع العلمي والمعرفي لقرون طويلة قبل أن يغيبها الاحتلال عن هذا الدور.
 
ومن باب الأسباط حتى باب الخليل، على مسافة فاقت ثلاثة كيلومترات، شارك نحو سبعة آلاف فلسطيني من سكان القدس والداخل المحتل عام 1948 في تشكيل أطول سلسلة قراءة بشرية من المتوقع أن تدخل موسوعة غينيس العالمية للأرقام القياسية.
 
‪شبان يقرؤون خلف جدار الفصل بعد أن منعوا من دخول المدينة‬ (الجزيرة)
‪شبان يقرؤون خلف جدار الفصل بعد أن منعوا من دخول المدينة‬ (الجزيرة)

تعبير ثقافي

ويكتسب سور القدس الذي أحاطه القراء أهمية تاريخية في الدفاع عن بلدتها القديمة التي تضم المسجد الأقصى المبارك وحائط البراق وكنيسة القيامة، وقد حولها السور -الذي أعاد السلطان العثماني سليمان القانوني ترميمه خلال حكمه بين عام (1520-1566)- إلى متحف تاريخي كما يصفها المؤرخون.
 
ويعيش في منطقة القدس نحو نصف مليون فلسطيني، أكثرهم يسمح لهم بالسكن داخل المدينة، ويواجهون سياسات الطرد وهدم المنازل، فيما اضطر نحو 150 ألفا إلى السكن في الضواحي التي عزلها الاحتلال بجدار اسمنتني منذ عام 2002.
 
وقال القائمون على تنظيم أطول سلسلة قراءة -وقد بدؤوا الإعداد لها قبل شهرين- إنهم كانوا ينشدون مشاركة أربعة آلاف قارئ كحد أقصى، غير أن العدد المشارك بلغ الضعفين تقريبا.
 
وقال منسق سلسلة القراءة بهاء عليان -وهو أحد نشطاء مبادرة "شباب البلد" في جبل المكبر جنوب شرق القدس التي نظمت النشاط- إن آلاف الكتب التي تبرع بها فلسطينيون من كل أنحاء البلاد خلال الأسابيع الماضية وزعت على سبعة آلاف مشارك في السلسلة.
 
وامتدت السلسلة بأفراد جلسوا بجانب بعضهم على طول سور البلدة القديمة للقدس من باب الخليل حتى باب الأسباط، بينما تجمع أكثر من ألفي قارئ في ساحات باب العامود المدخل الرئيس للبلدة القديمة والمسجد الأقصى.
 
ولم تتمكن السلسلة من الانتظام قرب بعض بوابات البلدة القديمة بسبب إغلاقها من قوات الاحتلال الإسرائيلي تزامنا مع الأعياد اليهودية، أو بسبب منع الفلسطينيين من استخدامها منذ سنوات طويلة كباب المغاربة.
 
وقال عليان إن اختيار موضوع القراءة لتمثيل القدس كان "محاولة للقول إن فلسطين لا يمثلها أطول طبق كنافة ولا تختصر بالمأكولات فقط (في إشارة إلى مسابقات نظمتها السلطة الفلسطينية للدخول في موسوعة غينس)، ولكن تعبر عنها فعاليات حضارية وثقافية بمشاركة الآلاف من أبنائها وليس بتنظيم جهات رسمية".
 
‪معاذ السركجي كان يقرأ مع مجموعة من أصدقائه بمحاذاة الجدار العازل‬ (الجزيرة)
‪معاذ السركجي كان يقرأ مع مجموعة من أصدقائه بمحاذاة الجدار العازل‬ (الجزيرة)

من خارج القدس
وانضمت مجموعات شبابية إلى سلسلة القراءة في مناطق فلسطينية مختلفة اختارت الجلوس في مناطق قريبة من الجدار الذي يفصل الضفة الغربية عن القدس، وخاصة في ضاحية الرام شمالا، وفي بيت لحم والخليل جنوبا، كما شاركت رمزيا مجموعات من غزة والأردن ومدينة الإسماعيلية في مصر في قراءة كتب عن القدس.

 
وعلى بعد أمتار معدودة من المدينة المحاصرة، كان يقف الشاب معاذ السركجي ومعه مجموعة من أصدقائه الممنوعين من دخول المدينة بمحاذاة جدار الفصل العنصري، ويقرأ مقطعا من قصيدة " كأني أحبك" من ديوان الشاعر محمود درويش "محاولة رقم 7".
 
واختار قراءة نص "هنا وقف النهر ما بيننا حارسا، يجهل الضفتين، توأمين، بعيدين، كالقرب، عنّا… قريبين، كالبعد، منّا….". وقال السركجي إنهم يحاولون التواصل "روحيا" مع القدس وأهلها.
 
وتزامنت هذه الفعالية مع نجاح متطوعي مبادرة "شباب البلد" في افتتاح أول مكتبة عامة بمنطقة جبل المكبر.
 
ويسعى القائمون على النشاط إلى إنشاء ثلاث مكتبات عامة في أحياء القدس المهددة بالاستيطان والتهويد، أحدها قرب خيمة الصمود في بلدة سلوان والأخرى في حي الشيخ جراح، وذلك بالاستفادة من آلاف الكتب التي تبرع بها المشاركون.
 
وكان عدد كبير من مكتبات مدينة القدس الكبيرة قد تعرض للتدمير بعيد الاحتلال الإسرائيلي للجزء الشرقي من المدينة عام 1967، وصودرت كافة محتويات مكتبة القدس العامة وكانت تقدر بنحو مائة ألف كتاب ومخطوطة تاريخية.
المصدر : الجزيرة