الجزائري محمد شويخ يعود بفيلم "الأندلسي"

مشهد من فيلم الأندلسي سالم الأندلسي في بلاط أمير مستغانم
لقطة من فيلم الأندلسي للمخرج الجزائري محمد شويخ (الجزيرة)
undefined

أميمة أحمد-الجزائر
 
بعد سنوات من الغياب يعود المخرج الجزائري محمد شويخ إلى السينما بمقاربة تاريخية عن تاريخ الأندلس والجزائر، ويبتعد صاحب "عرش الصحراء" عن الأفلام الاجتماعية التي قدمها بجرأة وشاعرية صادمة، كما في "القلعة و"دوار النساء" ليقتحم أغوار التاريخ في فيلمه الجديد "الأندلسي" بحثا عن مفاتيح لفهم الحاضر.
 
وشهدت قاعة الموقار بالعاصمة الجزائرية عرض الفيلم الجديد لشويخ والذي يرصد تداعيات سقوط غرناطة على الجزائر، حيث لجأ المسلمون الفارون من بطش الإسبان في الأندلس، ولاحقهم الإسبان إلى وهران، أول إمارة تسقط وتلحق بالعرش الإسباني، ليتوالى سقوط الممالك أمام هجمات الإسبان في مستغانم وتلمسان وبني صاف وتنس والجزائر العاصمة.
حرب غير متكافئة -كما يرويها الفيلم- دفعت بعض الأمراء إلى الاستنجاد بالأتراك، لتصبح الجزائر ساحة صراع لقوى خارجية، واقتتال بين الأمراء على السلطة.
 
‪محمد شويخ: الفيلم يعد نشيدا في التسامح بين الأديان ويثمن قيم التآخي‬ (الجزيرة)
‪محمد شويخ: الفيلم يعد نشيدا في التسامح بين الأديان ويثمن قيم التآخي‬ (الجزيرة)

التاريخ والراهن
يبدأ الفيلم بسقوط غرناطة وتسليم ملك غرناطة أبو عبد الله الصغير مفاتيح المملكة للملك الإسباني فرناندو والملكة إيزابيل الكاثوليكيين، وقد أعلنا نهاية حكم العرب في الأندلس، ورفعا الصليب الفضي على قصر الحمراء.

 
سقوط آخر ممالك الأندلس عكس هزيمة أرّخت لمرحلة "انحطاط العالم الإسلامي ودخوله في صراعات دامية على النفوذ والسلطة، وأفول نجم حضارة علمية قائمة على التسامح كانت بالأندلس" وفق المخرج محمد شويخ في حديثه للجزيرة نت.
 
سليم الأندلسي ابن قاضي غرناطة -أمه كاثوليكية- يفر بعائلته مع صديقه اليهودي إسحق الخياط نحو الجزائر، فيلتقي أمير مدينة مستغانم الذي يعينه السكرتير الخاص لبناته الثلاث، ثم مستشارا له قبل أن يتزوج ابنته الأميرة منصورة.
 
وفي سرد تاريخي لأحداث واضطرابات شهدها المغرب العربي كان سليم في بؤرتها بحكم علاقاته مع أمراء المنطقة، ولإجادته اللغة الإسبانية لعب دور الوسيط في مفاوضاتهم مع الإسبان عند سقوط ممالكهم. ويبين شويخ الخيانات والمؤامرات بين الأمراء وتوزع ولائهم بين الإسبان أو الأتراك، وحجم معاناة شعوب المنطقة من الحرب، حين قال أحد الجنود "الشعب يتحمل عبء قتال الأمراء لأجل مصالحهم".
 
ويقدم الفيلم بالمقابل مقاربة عن التسامح الديني، فالموكب الهارب من الأندلس تضمن شخصيات مسيحية كوالدة سالم بن أبي حمزة، ويهودية كخياط الملكة إسحق وزوجته سارة وابنتهما ماري. وتكون مستغانم وحاكمها ملتقى كل هؤلاء الذين يجدون كل ترحاب.
 
ويؤكد شويخ أن فيلمه -وهو إنتاج مشترك جزائري تونسي إسباني- لا يعد مجرد عمل سينمائي تاريخي يعنى بسرد الأحداث بل أراده نشيدا في التسامح بين الأديان وعملا إنسانيا يثمن قيم التآخي والعيش المشترك.
 
ويضيف صاحب "الانقطاع" أن كل أفلامه منذ 1968 تحدثت عن ثورة الجزائر وقضايا اجتماعية، وفيلم الأندلسي يعد أول فيلم تاريخي في السينما الجزائرية يتناول تاريخ الجزائر البعيد، وهو يقدم "قراءة لتاريخ علاقة الجزائر بالأندلس، واستلهمت فكرته من الشاعر الجزائري لخضر بن خلوف في القرن الـ16، تحدث فيها عن تلك المرحلة التاريخية".
 
بهية راشدي: ملاحظات المخرج شويخ وتوجيهه ساهما في إتقاني للدور(الجزيرة)
بهية راشدي: ملاحظات المخرج شويخ وتوجيهه ساهما في إتقاني للدور(الجزيرة)
مشاكل التمويل
السيناريو كتبه المخرج محمد شويخ بالفرنسية، وترجمه إلى العربية الفصحى وتخلله مشاهد بالإسبانية. وقالت منتجة الفيلم أمينة شويخ (زوجة المخرج) إن الفيلم ترجم للفرنسية والإنجليزية للمشاركة في مهرجانات دولية. وبررت تأخر إنجاز الفيلم لسبع سنوات بقلة التمويل لفيلم تاريخي.
 
وأضافت في حديثها للجزيرة أن "تكاليف الفيلم بلغت زهاء 280 مليون دينار جزائري (نحو 3.6 ملايين دولار) من بينها 45 مليون دينار (584 ألف دولار) دعما من وزارة الثقافة.
 
من جهتها، تحدثت الممثلة المخضرمة بهية راشدي عن أدائها لدور الملكة عائشة والدة الملك أبو عبد الله قائلة "إن تقمص شخصية مثل الملكة عائشة ذات الشخصية القوية كان صعبا في بداية التصوير، لكن شويخ كمخرج وكاتب سيناريو يعرف صفات الشخصيات بدقة، وقد ساهمت ملاحظاته في إتقاني للدور."
 
ومن الجمهور الذي حضر الفيلم، تقول الأستاذة الجامعية مليكة للجزيرة نت إن "الفيلم يلقي نظرة مختزلة على مرحلة طويلة من تاريخ الجزائر، وما جرى بالماضي نعيشه اليوم من صراعات الحكام وكأن التاريخ يعيد نفسه".
 
من جهتها، تقول المخرجة ناديا شرابي التي حضرت العرض للجزيرة نت "أعجبني أداء الممثلين للعربية الفصحى، كانت لغة أنيقة ومقنعة في طريقة الأداء، والفيلم إعادة قراءة للتاريخ وهذا جميل كمحاولة للتعريف ببعض المعالم التاريخية".
المصدر : الجزيرة