اليونان تستعرض أرشيفها الوطني

سجل اللاجئين اليونانيين الذين جاؤوا الى اليونان بعد اتفاقية 1923 بين اليونان وتركيا لتبادل السكان قسراً
صورة لسجل اللاجئين اليونانيين الذين قدموا من تركيا عام 1923 (الجزيرة نت)

شادي الأيوبي-أثينا

في تظاهرة ثقافية لافتة يقيم الأرشيف الوطني اليوناني معرضا يشمل مئات الوثائق والصور والقطع التي يبدأ تاريخها منذ ثورة عام 1821 حتى اليوم.

المعرض الذي تستضيفه مؤسسة "إيفينيذو" التعليمية يأتي بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس الأرشيف الوطني عام 1914 على يد يانيس فلاخويانيس (1867-1945).

وفلاخويانيس أديب استطاع حفظ آلاف الوثائق التي تعود لعهد الثورة اليونانية ضد العثمانيين عام 1821، وسط محيط لم يكن واعيا بأهمية التأريخ والأرشفة.

وتقول سارة -وهي المسؤولة العلمية عن المعرض- إنه تم توزيع الوثائق على تسع وحدات وفقا لتاريخ اليونان الحديث.

ففي الوحدة الأولى تعرض وثائق عثمانية تتعلق بتعيينات وإصلاحات إدارية، إضافة إلى وثائق من البطريركية المسكونية لإجراء مصالحات محلية، حيث كانت اليونان آنذاك تتبع كنسيا البطريركية الأرثوذوكسية في إسطنبول قبل استقلال كنيستها عام 1833.

أما الوحدة الثانية فتتحدث عن فترة الثورة اليونانية ضد الدولة العثمانية عام 1821، وفيها خرائط ورسائل للثائرين ووثائق إدارية لإدارة إيوانيس كابوذيسترياس -أول حاكم لليونان- إضافة لأول صحيفة صدرت في البلد.

‪رسالة من مواطن لملكة اليونان يقول فيها إنه طلق زوجته لميولها اليسارية‬ (الجزيرة نت)
‪رسالة من مواطن لملكة اليونان يقول فيها إنه طلق زوجته لميولها اليسارية‬ (الجزيرة نت)

الثورات والدستور
وتعرض الوحدة الثالثة فترة حكم الملك أوثون، وهو أول ملك بافاري عينته القوى العظمى عام 1832 لحكم اليونان، وشهدت فترة حكمه اضطرابات ومطالبات بإعلان الدستور عام 1843، إضافة إلى ثورات محلية انتهت بإقصائه عام 1862، ومن أهم معروضات هذه الفترة وثائق إنشاء وتنظيم جامعة أثينا عام 1837.

وتتحدث الوحدة الرابعة عن فترة حكم جورج الأول لليونان (1863-1914) حيث بذلت خلالها جهود إصلاحية وتحديثية للدولة، مثل إنشاء أول مصلحة عقارية ومحاولات تحديث الصناعات المحلية، وبناء مؤسسات ثقافية مختلفة.

وتعرض الوحدة الخامسة فترة الحروب البلقانية وحكم السياسي اليوناني إليفثيروس فينيزيلوس، وأبرز وثائق تلك الحقبة ما يتعلق باللاجئين الذين جاؤوا إلى اليونان بناء على معاهدة التبادل الإلزامي للسكان بين أثينا وأنقرة عام 1923، ومحاولات إسكانهم ومنحهم أراضي ليعيشوا من استصلاحها.

تأتي بعد ذلك حقبة الدكتاتور إيوانيس ميتاكساس (1936-1941) التي شهدت إنشاء صندوق الضمان الاجتماعي في اليونان، وتعرض فيها دفاتره الشخصية التي سجل فيها اعتراضه على دخول القوات الإيطالية اليونان، مما تسبب في الهجوم الإيطالي الفاشل على أثينا عام 1940.

وتعرض الوحدة السابعة الحرب العالمية الثانية والهجوم النازي على اليونان وما تبعته من مقاومة، وفي الحقبة الثامنة تعرض وثائق عن الحرب الأهلية اليونانية بين 1946 و1949.

أما الفترة اللاحقة فشهدت صراعا بين القوى المؤيدة للعرش والقوى اليسارية، وتظهر الوثائق رسالة وجهها أحد المواطنين اليونانيين إلى الملكة فريديريكي يظهر فيها شكوكه في ميول زوجته اليسارية، معلنا طلاقه لها مشفوعا بخاتم الزواج.

وثائق حقبة الدكتاتورية (1967-1974) تظهر الرقابة الشديدة التي فرضت على الحياة السياسية آنذاك، وحظر العديد من الأعمال الفنية بسبب عدم رضا الحكم عنها، إضافة إلى الانتفاضة المعروفة بانتفاضة كلية الهندسة عام 1973.

‪سارة: تم توزيع الوثائق على تسع وحدات وفقا لتاريخ اليونان الحديث‬ (الجزيرة نت)
‪سارة: تم توزيع الوثائق على تسع وحدات وفقا لتاريخ اليونان الحديث‬ (الجزيرة نت)

الحقبة التعددية
وتعرض الوحدة الأخيرة محاكمات قادة الانقلاب العسكري وإنشاء الأحزاب السياسية التي أدارت اليونان حتى اليوم، إضافة إلى رسائل مواطنين لمسؤولين في الدولة يطالبون عبرها ببعض الأمور الشخصية.

ويضم الأرشيف الوطني وثائق من جميع الوزارات اليونانية باستثناء وزارتي الخارجية والدفاع، وتتبع له مقرات فرعية في المحافظات، ويتبع الأرشيف إداريا لوزارة التربية الوطنية.

والملفات الموجودة في الأرشيف ليست شاهدا على الأحداث وحسب، بل تشكل عنصرا مساعدا للدوائر الرسمية والباحثين والمهتمين بتاريخ اليونان.

ويحتوي الأرشيف على مواد مكتوبة على الجلود وسجلات ومخططات هندسية وصور وأفلام سينمائية وأعمال فنية وأغراض دينية ووثائق للدولة اليونانية والإدارات الأجنبية والأفراد والمؤسسات الخاصة، ويحتوي كذلك على مخطوطات نادرة مثل إنجيل يعود للقرن الميلادي الـ11 ومجموعات خرائط من القرن الـ17.

وإضافة إلى الخدمات التي يقدمها للزوار، يسعى الأرشيف الوطني اليوناني إلى تحويل كل المواد التي يحتفظ بها إلى أرشيف رقمي يعرضه على موقعه على الشبكة العنكبوتية، في محاولة لتسهيل المهمة على الباحثين.

المصدر : الجزيرة