أفلام عربية وإسرائيلية تثير الجدل في مهرجان لندن

شعار مهرجان لندن السينمائي - تقرير/مهرجان لندن السينمائي
مهرجان لندن السينمائي يعرض سبعة أفلام عربية وسبعة أفلام إسرائيلية بعضها يثير جدلا

أمير العمري-لندن

افتتحت مساء الأربعاء الدورة الـ58 من مهرجان لندن السينمائي التي يعرض خلالها 248 فيلما طويلا و170 فيلما قصيرا خلال 12 يوما، في الفترة من 8 إلى 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وكان فيلم الافتتاح هو الفيلم البريطاني "لعبة المحاكاة" (Imitation Game) الذي يعتمد على شخصيات ووقائع تاريخية، فالشخصية الرئيسية فيه هي شخصية عالم الرياضيات الإنجليزي آلان تورينغ الذي تمكن خلال الحرب العالمية الثانية من اختراق نظام الشيفرة النازية، بعد أن نجح بعد عامين من العمل مع فريق من المساعدين في مركز سري أنشأته الاستخبارات البريطانية خارج لندن في التوصل إلى تصميم جهاز مواز للجهاز الألماني، يمكنه فك كل رموز الشيفرة الألمانية، وبالتالي استطاع أن يساهم مساهمة فعالة في تحقيق الحلفاء للنصر على ألمانيا النازية، وتقصير مدة الحرب العالمية الثانية لسنتين، وتوفير حياة 14 مليونا من البشر.

يعتمد الفيلم على سيناريو ينطلق من حقائق تتعلق بتكوين شخصية تورينغ، كشخص غريب الأطوار، غير اجتماعي، متلعثم في الحديث، لا يمكنه فهم الآخرين ودوافعهم، في حين أنه "عبقري" في قدرته على التعامل مع الأرقام والطلاسم، وكيف يتمكن من وضع الأساس العملي لما أصبح اليوم في متناول الجميع، أي تكنولوجيا أجهزة الكومبيوتر.

‪مشهد من فيلم لعبة المحاكاة الذي يعرض حياة عبقري الرياضيات آلان تورينغ‬ مشهد من فيلم لعبة المحاكاة الذي يعرض حياة عبقري الرياضيات آلان تورينغ
‪مشهد من فيلم لعبة المحاكاة الذي يعرض حياة عبقري الرياضيات آلان تورينغ‬ مشهد من فيلم لعبة المحاكاة الذي يعرض حياة عبقري الرياضيات آلان تورينغ

عمل كبير
الفيلم ينتقل في الزمن إلى الأمام وإلى الوراء، من خلال أسلوب غير تقليدي في السرد، لكي يلقي الضوء على الجوانب المهمة في حياة تورينغ منذ طفولته وهو في المدرسة الداخلية، ثم انتقاله إلى جامعة كامبردج، وبعد ذلك تقدمه للعمل مع الاستخبارات، كما يصور أجواء الفترة حينما كانت الشكوك قد بدأت تتجمع حول وجود عملاء للسوفيات داخل الاستخبارات البريطانية.

ويتوقف الفيلم أيضا أمام موضوع المثلية الجنسية وكيف أنها كانت تعتبر جريمة شائنة يعاقب مرتكبها بالسجن، وصولا إلى الموت المبكر لآلان تورينغ عام 1954 ولم يكن يتجاوز 41 من عمره في ظروف غامضة، وإن كانت الرواية الرسمية تقول إنه مات منتحرا.

ومن أهم العناصر التي ترفع هذا الفيلم إلى مستوى الأعمال السينمائية الكبيرة التي تعيش في الذاكرة؛ هو السيناريو المتميز والإخراج المتمكن الذي يركز على الجوانب الإنسانية في الشخصية، والعنصران ينجحان في جعل التفاصيل العلمية الرياضية المعقدة قريبة من المشاهدين، والتركيز على فكرة كيف تتمكن العبقرية الفردية رغم كل نواقصها الأخرى من تحقيق التفوق رغم المراهنات العكسية، ورغم ضيق الوقت وضغوظ اللحظة التاريخية الصعبة حيث يسقط يوميا عشرات الآلاف من الضحايا في ميادين القتال.

وينجح الممثل البريطاني بنيديكت كمبرباتش (الذي اشتهر بأداء دور شيرلوك هولمز في مسلسل تلفزيوني) في تقديم أداء ممتع ومعبر في دور آلان تورينغ، بتلعثمه وتردده وانعدام خبرته في التعامل مع المرأة، وفي الوقت نفسه ثقته الزائدة بنفسه في مجال عمله وتحديه لرئيسه ثم اتصاله بتشرشل نفسه الذي يبدي ثقته في قدراته ويوافق على رصد الميزانية الضخمة التي طلب تخصيصها لإنجاز المهمة.

أداء كمبرباتش هنا يرقى إلى أفضل مستويات الأداء في السينما البريطانية (كولن فيرث في "خطاب الملك"، وبن كنجزلي في "غاندي" ودانييل داي لويس في "سيكون هناك دم" و"لينكولن"). ولا شك أنه سيجد طريقه إلى ترشيحات الأوسكار.

‪مشهد من فيلم
‪مشهد من فيلم "العرب الراقصون" الذي أخرجه عيران ريكليس‬ مشهد من فيلم "العرب الراقصون" الذي أخرجه عيران ريكليس

أفلام عربية
ويعرض مهرجان لندن سبعة أفلام من العالم العربي، منها فيلم "إطار منتصف الليل" للمخرجة المغربية العراقية تالا حديد، والفيلم الأردني (بتمويل قطري) "ذيب" لناجي أبو نوار وهو يستلهم أسلوب أفلام "الويسترن" الأميركية ولكن من خلال خصوصية بدو الصحراء العربية، وفيلم "لا مؤاخذة" لعمرو سلامة من مصر، وهو عمل كوميدي يتناول العلاقة بين المسلمين والمسيحيين من خلال نظرة طفل، وفيلم "ديكور" الذي يعرض للمرة الأولى عالميا للمخرج المصري أحمد عبد الله، والفيلم الفلسطيني المثير للجدل "فيلا توما" لسهى عراف، والفيلم الموريتاني "تمبكتو" لعبد الرحمن سيساكو، وأخيرا فيلم المخرج السوري أسامة محمد "ماء الفضة"، وهو وثائقي يصور من خلال رؤية فنية شعرية "حقول القتل" المستمر في سورية وممارسات النظام ضد معارضيه، ويكشف وثائق مصورة صادمة.

ومن المتوقع أن يثير الفيلم الإسرائيلي "العرب الراقصون" (Dancing Arabs) جدلا طويلا حول مدى مصداقيته في التعبير عن فكرة التعايش التي يروج لها بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بينما يصور انتقال شاب فلسطيني من محيطه العربي لكي يكون الطالب الفلسطيني الأول الذي يدرس في كلية يهودية في القدس، ومن هنا ينتقل للعيش في كنف امرأة يهودية تتبناه بعد وفاة ابنها، فيتعلم العبرية وينتحل شخصية الابن المتوفى كي يعثر على مكان له في المجتمع الإسرائيلي.

سيناريو الفيلم كتبه سيد كاشو، وهو أحد من يطلق عليهم "عرب إسرائيل"، أي فلسطينيو الداخل الإسرائيلي، وقد استمده من كتابه الذي يروي فيه سيرته الذاتية. ومخرج الفيلم هو عيران ريكليس الذي سبق أن أخرج "العروس السورية" و"شجرة الليمون".

فيلم "العرب الراقصون" أحد سبعة أفلام إسرائيلية يعرضها المهرجان، منها ما يرتبط بالعلاقة مع الفلسطينيين، ومنها ما يتعلق بمواضيع خاصة بالمجتمع الإسرائيلي.

المصدر : الجزيرة