أحمد مراد: أبحث روائيا في أغوار الإنسان
جئت إلى الرواية من عالم السينما والسيناريو. هل ساعدك تكوينك في مجال الصورة والسينما في إبراز موهبتك في السرد الروائي أم أن أهليتك السردية سابقة عن التكوين السينمائي؟
– أعتقد أن المجيء من عالم السينما وَحده لا يكفي لصنع كاتب. منذ صغري والقراءة هي هوايتي المفضلة التي أثقلتها دراسة السينما وتقنيات الإحساس بالصورة وضرورة ملاحظة التفاصيل.
تركز في تصوير شخصياتك على استغوار بواطنها النفسية المتحكمة في السلوك. ما المرجعيات التي تعتمدها في هذا المنحى الصعب؟
أضع في المقدمة دائما مخاطبة القارئ بموضوع يمسّه ويثير تساؤلاته وأتركه يفكر ويضع نفسه مكان الشخصيات فتحدث حالة توحّد تجعل الرواية عالمه الجديد |
– أعقدُ جلسات استماع مستفيضة مع الشخصيات ذات التجارب القريبة الشبه بشخصياتي، قراءة بحثية عن طبيعة الشخصيات وأنماطها من وجهة نظر علم النفس وعلم الاجتماع، وتجارب شخصية ومشاهدات اكتسبتها من خلال عملي كمصور تعلّم أن يشاهد ويلاحظ أكثر مما يتكلّم.
حققتْ رواياتك رقما قياسيا من حيث المبيعات. هل يعود هذا إلى بساطتها أم اقترابها من عالم القارئ أم لأسلوب التشويق الذي تتمتع به كتاباتك؟
– أضَع في المقدمة دائما مخاطبة القارئ بموضوع يمسّه ويثير تساؤلاته وأتركه يفكر ويضع نفسه مكان الشخصيات فتحدث حالة توحّد تجعل الرواية عالمه الجديد. رواياتي اجتماعية مُغلفة بإثارة نعيشها في واقعنا المعاصر، والفضل لله ثم للقارئ في نجاحها.
في رواية الفيل الأزرق تجمع بين عالم الجريمة وعالم الأمراض النفسية والسحر. أية علاقة في نظرك تربط بين هذه العناصر؟
– في روايتي تعرضت للخوف الأولي الكامن بداخل البشر، المجهول الذي لا تراه الأعين.. الطب النفسي والسحر والجريمة أشياء تربطها خيوط معقدة يصعب الفصل بينها، الصراع الدائم بين العلم والماورائيات، والأهم من وجهة نظري هو استعراض فكرة الغفران، ماذا يحدث إذا توقف الإنسان عن الغفران لنفسه؟ دائرة مفرغة من الجحيم.
ما الخدمات التي يمكن أن تقدمها السينما للرواية العربية من خلال تجربتك في الميدانين؟ وما هو التطور الذي حصل في تجربتك الروائية؟
– السينما تقدم رؤية مغايرة للرواية، وجهة نظر تعتمد على استخدام تقنيات الصورة والصوت، تلك التي تفتح للقارئ عالما آخر من التوحد مع الشخصيات والإحساس بالمكان وتوفر للرواية انتشارا بين أوساط غير القراء، مما قد يدفعهم يوما للاهتمام بالقراءة.
لا عيب في استخدام أنواع السرد المختلفة أو الموضوعات المتنوعة طالما تخدم عنصر الرواية وتجعلها أكثر جذبًا للقارئ ليخوض معها تجربة جديدة تثقله وتمتعه |
من بعد "فرتيجو" بدأت رحلة كاملة من القراءة في تقنيات الكتابة ودراسة أساليبها.. كما استفدت من النقد البناء وحواراتي مع الأدباء المعاصرين وكبار الكتاب وتجارب الأجيال السابقة التي أثقلتني كثيرًا… أؤمن أن على الكاتب عدم التوقف عن دراسة كل ما يفيد عمله ويجعله أكثر تطورا وقربا من القارئ.
تنتمي رواياتك إلى ما يسمى بأدب الجريمة. فأي أفق ترى لهذا النوع من الكتابة؟ وهل ترى أن الواقعية السحرية والسريالية واستلهام مادة أفلام الرعب والحركة أساليب كفيلة باستقطاب الرواية العربية الشبابية لمقروئيتها العالية؟
– أنا لا أرى أن الفيل الأزرق تنتمي لأدب الجريمة بمعناه المباشر، من وجهة نظري هي محاكاة لحياة فيها الألم والحب والخوف معا.
كما أن استخدامي للجريمة كمحرك أساسي للعمل يرجع إلى أن الجريمة تصنع التباين في منحنى التاريخ الاجتماعي للإنسان، ولا يعنيني من قُتل، قدر اهتمامي بدراسة الأسباب وما وراء الحدث، فقصة قابيل وهابيل مثلاً ليست أدب جريمة، بل هي قصة الطمع والخطيئة.
ولا عيب في استخدام أنواع السرد المختلفة أو الموضوعات المتنوعة طالما تخدم عنصر الرواية وتجعلها أكثر جذبًا للقارئ ليخوض معها تجربة جديدة تثقله، وتمتع، كما أن الواقعية السحرية والفانتازيا والسُّريالية فنون حقيقية، ألا تعتبر روايتي "فرنكنشتاين" لماري شيلي و"دراكولا" لبرام ستوكر أدبا حقيقيا؟