اختتام أيام الفيلم الأردني بالجزائر
كعادته يوميا يأخذ "إسماعيل" حلوى المعمول الناعمة ليبيعها في محطة القطار برفقة أخيه الصغير جمال، وفي طريق العودة في أحد الأيام يحذرهما أحد الرعاة من ألغام زرعتها إسرائيل في المنطقة، ويرشدهما لممر ضيق لعبور حقل الألغام.
الفيلم القصير الثاني "الظلام بالخارج" للمخرجة دارين سلام، ينتقد بشدة المنظومة التعليمية وقمع الأطفال، فيتعاطف الجمهور مع الطفلة "سارة" ذات الاثني عشر عاما، لما نهرتها أمها لأنها كانت تمشط شعرها، وتتلمس صدرها الصغير.
ذهبت سارة إلى المدرسة تجر أذيال ثوبها الفضفاض، وشعرها الطليق يموج على كتفيها، وعند دخولها المدرسة يغلق الباب خلفها بقوة كأبواب السجن، ولمحت المديرة شعر سارة طليقا على كتفيها فشدتها منه بقوة وأشبعتها ضربا، وأجبرتها على ضفره.
وفي الفصل تنظر سارة للمعلمة بتحد وعدوانية، ومع انتهاء الدرس خرجت الفتاة لترسم فراشات ملونة وأزهارا على جدار المدرسة الداخلي، الأمر الذي عرضها لعقوبة الضرب والحبس في غرفة مظلمة مع زميلتها.
واعتبر الصحفي فيصل مطاوي الفيلم "هواء نقيا للسينما الأردنية" لأنه ابتعد عن الخطاب الأيديولوجي، وعالج بجرأة المنظومة التربوية العربية برمتها وليس الأردنية فقد، القائمة على القمع وتأليه الفرد ومسخ الإنسان.
وكانت أيام الفيلم الأردني قد انطلقت في 16 يناير/كانون الثاني بعرض الفيلم الطويل "على مدى البصر" للمخرج أصيل منصور، وهو فيلم اجتماعي، يسلط الضوء على جوانب سلبية بالمجتمع الأردني.
وفي أعقاب الفيلم أجاب المخرج على أسئلة الحضور -الذي كان أغلبه من الصحفيين والسينمائيين والنقاد- وأكد أن "الأيام السينمائية جسر بين السينما الأردنية والجزائرية، قد تفتح آفاقا لإنتاج مشترك مستقبلا".
قضايا المجتمع
وردا على سؤال الجزيرة نت ما إذا كانت جرأة النقد بالفيلم دعوة إلى ربيع عربي بالأردن؟ قال منصور "هي دعوة للتمرد على كل سلبي في المجتمع، فالربط بالربيع العربي، يعني تمردنا على ما نراه خاطئا حولنا في المجتمع".
ويرى منصور أن الربيع العربي يجب أن يأخد أبعادا اجتماعية وثقافية وتعليمية قبل أن يصل إلى السياسة، بمفهوم "الشعب يريد إصلاح حاله وليس الشعب يريد إسقاط النظام".
الفيلم الطويل الثاني "لما ضحكت موناليزا" للمخرج فادي حداد، يحكي قصة فتاة من بيئة محافظة، تخرج للعمل وتكتشف الحياة والحب حين تتعرف على عامل مصري في الدائرة، لكن المديرة التي تكتشف خيانة زوجها بزواجه بامرأة ثانية، تغيظ موناليزا "المصري سيرحل لبلده فليس لديه أوراق هل تذهبين معه؟".
بأسلوب درامي كوميدي يلقي المخرج فادي حداد الضوء على مشاكل المرأة الأردنية، والنظرة الدونية للعمالة المصرية في الأردن، واعتبرها -في حديثه للجزيرة نت- "نظرة عنصرية".
وأضاف "أن العادات والتقاليد وراء الخوف من الآخر في المجتمع الأردني، حيث القوانين فيه (أثناء تصوير الفيلم قبل ثلاث سنوات) تحرم المرأة الأردنية المتزوجة بغير أردني حق التعليم والطبابة لأبنائها، ولكن قبل أسبوع صدر قانون يجيز ذلك".
ويقول الناقد السينمائي الجزائري أحمد بجاوي للجزيرة نت عن أفلام هذه الدورة الثالثة لأيام الفيلم الأردني -التي يستضيفها متحف السينما التابع لوزارة الثقافة- إنها "تعكس واقع المجتمع الأردني الذي عشت فيه، وفيه مقاربة مع المجتمع الجزائري".