الوجع السوري بديوان للشاعرة مرام المصري

الثورة السورية في ديوان للشاعرة مرام المصري
undefined
فاتنة الغرة-بروكسل
 
في مزيج إبداعي بين الأدب والواقع والشعر والتعليق، صدر للشاعرة السورية المقيمة في باريس مرام المصري ديوانها الجديد "الحرية تمشي عارية" عن دار نشر "برونو دوسي" الفرنسية, وهو عبارة عن لوحات شعرية تعليقا على مقاطع فيديو وأفلام يوتيوب تتعلق بالثورة السورية، وصدر باللغتين العربية والفرنسية.
 
وتفتتح الشاعرة السورية لوحاتها بتحية إلى الأيادي الصغيرة والمناضلة التي خطت بأصابعها بدايات الثورة السورية بقولها:

على حيطان الباحة لمدرسة
كتبت كلمة الحرية بالطباشير الأبيض
بأصابع الطلاب الصغيرة
على جدار التاريخ
كتبت الحرية أسماءهم
بالدماء…

ولا نستطيع تصنيف "الحرية تمشي عارية" ديوانا شعريا وحسب، وإنما هو مشاهدات تتبعتها الشاعرة على مختلف قنوات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لترسم 45 لوحة شعرية تسكنها البساطة الطالعة من مشاهد دامية، لا تترك للغة مجالا للاحتراف أو العنجهية في الاستعراض، وإنما تلقي بها هكذا ببساطتها الشفافة المدهشة.

تضع مرام المصري يدها على منطقة الوجع الحقيقية التي يعاني منها المغتربون على اختلاف مستوياتهم، وهي متابعة الوطن عبر وسيط بارد هو شاشة تلفاز تارة أو شاشة حاسوب أو ورقة صحيفة أو هاتف خلوي

كما لا يناقش الكتاب أزمة الوطن ولا الحرب بمفاهيم الساسة أو الشعارات الوطنية، بل برصد وجع الإنسان السوري العادي الذي يجد نفسه عاجزا عن فهم عبثية الموت المجاني التي تحدث في سوريا، والخراب التي يحدث في بلد كان يوصف ببلد الرقي والثقافة رغم الدكتاتورية التي تحكمت فيه على مدار عقود من الزمن.

وتضع مرام المصري نفسها في لوحاتها الشعرية معادلا موضوعيا للأم والحبيبة والبنت والصديقة والأخ والأب، وكأنها تقوم بقراءة نفسية عميقة للهامشي والسهل الممتنع في هؤلاء، وهو ما نلمسه في نصها:

ابني جميل.. ابني بطل
والدكتاتور
يغار من الأبطال
ابني بطل..
تدور بفخر
وتعرضه للجمع المطرق الرأس
على ذراعها.. ابنها
مبتسم داخل إطار الصورة

ويستطيع القارئ أن يميز علاقة النصوص بمشاهد بعينها شاهدها مرارا وتكرارا على شاشات التلفاز أو في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث إنه ديوان شعر يؤرخ للثورة السورية بتفاصيلها الإنسانية، كما تقول صاحبته في تصريحها للجزيرة نت.

وتؤكد المصري أن الدافع لكتابته هو المشاركة في هذه الثورة النبيلة والاهتمام بالجانب الإنساني منها، كما أن الدافع هو الحب الذي تكنه لشعبها السوري وإيمانها بثورته، الأمر الذي جعلها تتخلى عن حقوق الكاتب للأطفال في سوريا.

تضع الشاعرة نفسها في لوحاتها الشعرية معادلا موضوعيا للأم والحبيبة والبنت والصديقة والأخ والأب، وكأنها تقوم بقراءة نفسية عميقة للهامشي السهل الممتنع في هؤلاء

وتضع الشاعرة يدها على منطقة الوجع الحقيقية التي يعاني منها المغتربون على اختلاف مستوياتهم، وهي متابعة الوطن عبر وسيط بارد هو شاشة تلفاز تارة أو شاشة حاسوب أو ورقة صحيفة أو هاتف خلوي، يذهب إليها المغتربون للتواصل مع وطن أصبح بعيدا جدا عن متناول ذاكرتهم إلا من مشاهد الموت والدمار.

ويبدو هذا الأمر جليا حين تتصفح حساب الشاعرة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، حيث يكاد يكون حائطا ثوريا في إحدى المدن السورية يعج بالصور والشعارات والفيديوهات، وفي توصيف تلك الحالة تقول:

نحن المغتربون
ننام حاضنين
هواتفنا الخلوية
وعلى ضوء شاشة الكمبيوتر
نغفو حزنا
ونفيق أملا..
نحن المغتربون
مرضى بمرض عضال
حب وطن
وضع في مزاد الموت

يذكر أن مرام المصري ولدت في اللاذقية، وغادرت سوريا منذ أكثر من ثلاثين عاما، وهي تعتبر من أهم الأصوات الشعرية النسائية في العالم العربي، كما أنها تحظى بمتابعة إعلامية أوروبية عالية خاصة في فرنسا حيث تقيم، ولها عدة إصدارات شعرية كان أولها "أنذرتك بحمامة بيضاء" الذي صدر عام 1984.

المصدر : الجزيرة