"الماضي" حلم جديد للسينما الإيرانية في كان
وعلى غرار "انفصال" يتناول فيلم "الماضي" -وهو من إنتاج الفرنسي ألكسندر مالي وتم تصويره في باريس- بطريقة تكاد تكون فلسفية موضوعا راهنا بالمجتمعات الحديثة حيث يواجه المرء باستمرار تحديات مع الآخر في مجتمع فرنسي متعدد، وحيث الأطفال يدفعون دائما ثمن عدم تفاهم الكبار.
واختار فرهادي كلا من طاهر رحيمي وبيرينيس بيجو وعلي مصطفى لأداء الأدوار الرئيسية بفيلمه. وبدت شخصيات "الماضي" جميعها غارقة بتناقضاتها، ولا تتسم مقاربة المخرج لها بالحسم بل تبقى أسيرة شكها ومحاولتها غير المجدية تماما للفهم. فهي كذلك شخصيات معقدة لا يمكن إصدار أحكام بشأنها.
تبقى مقاربة فرهادي للسينما مقاربة وثائقية تدفعه لتفضيل أصوات المكان وأحيانا ضجيجه على صوت الموسيقى التصويرية |
سطوة الماضي
وفي أحداث الفيلم يعود "أحمد" (علي مصطفى) من طهران إلى باريس بعد أربع سنوات من الغياب لإنهاء إجراءات الطلاق بناء على رغبة زوجته ماري (بيرنيس بيجو). لكن الماضي الذي بينهما يحضر معه ليتوازى مع العلاقة المعقدة التي تقيمها زوجته السابقة برجل آخر.
وكما فعل في "انفصال" يسلط فرهادي عدسته على النواحي المظلمة بالنفس البشرية ويجوب بحواراته أنحاء العواطف، ليبقي كل شيء معلقا رهن السؤال والاحتمال متمسكا بحنكة سينمائية ولغة اكتسبها من سنوات عمله المسرحي قبل السينما. ومن هنا يأتي اهتمامه الكبير بالحوارات ومعانيها واقتصار التصوير على أمكنة محدودة جلها صور في منزل الأسرة.
ويعتبر فرهادي في اختياره مجددا لموضوع العلاقات الأسرية والانفصال أنه "لا توجد تجربة أكثر عالمية من مسألة العائلة بالنسبة للبشر، لو أمضيت بقية حياتي في عمل أفلام عن الموضوع لما انتهيت".
ويصف الممثلون عمل فرهادي بالدقيق جدا. وأوضح طاهر رحيمي الذي يؤدي بالفيلم دور (سمير) ذي الأصول العربية أن "السيناريو مفصل بالملليمتر وهو أقرب لنوتة موسيقية. ومع ذلك لدينا إحساس أننا أحرار".
وتبقى مقاربة فرهادي للسينما وثائقية تدفعه لتفضيل أصوات المكان وأحيانا ضجيجه على صوت الموسيقى التصويرية، كما هي الحال في ذلك البيت القائم بالضاحية الباريسية قرب محطة للقطار.
ويوضح صاحب "انفصال" أن "البيت هناك يرمز لمرور الوقت، والسكة تدل على ذلك بالأفلام، وقد استخدمت هذا الرمز بأفلام سابقة لي".